يتوافد علي مصر رؤساء دول وحكومات ووزراء وكبار مسئولين في كل المجالات السياسية والاقتصادية والصناعية والاستثمارية والسياحية وغيرها.. ويذهب الي الخارج لزيارة تلك الدول سواء كانت متقدمة أو نامية المسئولون المصريون علي اختلاف مستوياتهم.. وتستهدف تلك الزيارات المتبادلة الاطلاع علي درجة التطور والتقدم والتعرف علي الاساليب والتقنيات وعقد الروابط والاتفاقات. كل هذا مهم للغاية وضروري لاحراز تقدم بالاطلاع علي التكنولوجيا ونقلها والاستفادة من الخبرات.. والترويج للمنتجات.. وهكذا العالم اصبح قرية صغيرة تزداد صغرا كل يوم بسبب الهجوم التكنولوجي الضخم الذي يطور وسائل الاتصالات مما يجعل المتخلف يبدو اكثر تخلفا. ها قد اتفقنا علي اهمية الاتصال وتبادل الزيارات وعقد الاتفاقيات والسؤال وماذا بعد.. كيف نستفيد من التكنولوجيا الذكية لدي الاخرين، وحين نستورد معدات متقدمة علي درجة عالية من الكفاءة، فكيف نشغلها ونديرها ادارة اقتصادية؟ وهنا يأتي دور التدريب والتعلم واستيعاب الثقافة التي تحملها تلك التكنولوجيا. فاذا كان التدريب والتعلم ممكنا، واذا كان اختيار الكوادر القابلة للتعلم - رغم صعوبته - ميسورا، فماذا يمكن أن نفعل في السلوك العام الذي لا نستطيع السيطرة عليه. ان الانضباط ملمح اساسي من ملامح استخدام التكنولوجيا الحديثة سواء في التصنيع او التطبيقات العملية، وعدم الانضباط يؤدي الي كوارث ونتائج عكسية. ولست أدري كيف يمكن ان يكون العامل او الموظف منضبطا سلوكيا في المصنع او الشركة او المؤسسة التي يعمل بها ثم يخرج فيعيش حياة غير منضبطة ثم يعود في الصباح ليصبح منضبطا من جديد. والظاهر اننا - في مصر - في حاجة الي اعادة ترتيب كل الاشياء من الاول.. من طريقة المشي في الشارع الي طريقة قيادة السيارة الي احترام خصوصية الاماكن الخاصة وقدسية الاماكن العامة. إن النظام العام غير القادر علي ضبط رصيف يمشي عليه الناس في الشارع.. والذي يجبر الناس والسيارات والحيوانات علي السير معا في مكان واحد لا يستطيع ان يحقق تقدما.. وحين يستثمر هذا النظام غير المنضبط في تكنولوجيا متقدمة فانها تكون باهظة بالنسبة له ومكلفة، لان نسبة التسرب تكون عالية. رأسمال الوطني مهدر ومبدد ولابد من اعادة النظر.