التخفيض الجديد في التعريفة الجمركية والذي أعلن بالأمس هو محاولة جادة من الحكومة لنقل مزيد من مزايا التنمية الاقتصادية للمستهلك مع تطبيق مزيد من التحرر الاقتصادي والتجاري الذي يفتح باب المنافسة الحقيقية أمام الصناعة المصرية في المرحلة المقبلة. فالحماية الكاملة التي حظيت بها الصناعة المصرية لسنوات طوال لم تعد وسيلة مقبولة في ظل التنافسية العالمية لتحقيق جودة صناعية أو حتي تطور في أي من المجالات ناهيك عما يعانيه المستهلك من تدهور المنتج المحلي "لاحتكاره السوق" وسداده أسعارا مبالغا فيها لأي منتج اجنبي. إلا أن هذه القرارات التي تحقق شبه اعفاء كامل علي الاغذية كاملة الصنع والادوية وخفضا علي السلع الاستهلاكية التي كانت تسدد 40% "باستثناء السيارات" تحقق هدفا أهم وهو تقليل عشوائية السوق واغلاق الأبواب أمام التهريب الذي كان هو الخطر الاكبر علي الصناعة المحلية. ففي حالة الملابس الجاهزة مثلا لم تقف نسبة ال40% عائقا أمام التهريب بل إنها وقفت عائقا أمام الاستيراد القانوني وبالتالي فإن خفض تلك النسبة سيسهم في اغلاق باب التهريب. وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد أكد أن تلك القرارات ليست موجهة ضد الصناعة المحلية وإنما هي في الاساس لزيادة تنافسيتها ولا تطبق إلا علي الصناعات التي تشعر أنها تقدمت واصبحت قادرة علي المنافسة الحقيقية.. وأشار رشيد إلي أنه اتفق مع وزير المالية علي الحصول علي مبلغ 150 مليون جنيه لمساندة ودعم مصانع الملابس الجاهزة غير القادرة علي ملاحقة هذه المنافسة لتطويرها وتحديثها. ردود أفعال المجتمع الصناعي الأولي للقرارات جاءت متوقعة له حيث اجتمعت الغرف التجارية والصناعية بوزيري التجارة والصناعة لمناقشة القرار قبل اصداره، بل وأكد لي أحد الصناعيين أن القرار سيسهم في زيادة تنافسية المنتج المصري وتحسين جودته. وتبقي قضايا التشوهات الضريبية وضريبة المبيعات التي تفرض علي المنتج المحلي وتعفي منها بعض المنتجات المستوردة اضافة إلي الضرائب الرأسمالية علي المعدات هي قضايا عالقة يطالب الصناعيون بحسمها مع وزير المالية. غالي أكد من جانبه أن الخفض في حصيلة الجمارك الذي سيصل إلي مليار و400 مليون جنيه هو ضمن سياسة أوسع تستهدف المواطن في المقام الأول.