بيان الحكومة الأخير تضمن العديد من الانجازات التي أعلنت عن تنفيذها خلال العام الماضي منها زيادة معدلات الاجور في الشرائح الدنيا بنسبة 24% في حين ان المستهدف حوالي 17% في السنة كما اعلنت الحكومة ايضا قيامها برفع دخل صغار العاملين بالدولة بحد ادني 36 جنيها في علاوة يوليو وبنسبة تصل الي 24% بالنسبة لصغار الموظفين وعلي الرغم من هذه الزيادة التي تعلن عنها الحكومة دائما الا ان المواطن البسيط لم يشعر بتأثير هذه الزيادة حيث قابلها في نفس الوقت ارتفاع هائل للاسعار في معظم السلع الاساسية كما اعلنت عن توفير 283 الف فرصة عمل من خلال المشروعات الصغيرة عن طريق الصندوق الاجتماعي.. هذه القضية طرحناها علي الخبراء للمناقشة وقدموا تفسيرا لها واقترحوا حلولا في السطور التالية.. د.عبد المطلب عبد الحميد استاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة باكاديمية السادات سابقا يشير الي عدم تحقيق التوزان بين الاجور والاسعار علي الرغم مما ذكرته الحكومة من ان الحد الادني للحوافز عند الحكومة يبلغ نسبة 25% شاملة العلاوات والمكافآت ومع هذا دعا الحكومة الي ضرورة الاعتراف بانها غير قادرة علي احداث هذا التوازن في الوقت الحالي وعدم قدرتها تلك ترجع لكونها مقيدة بعجز في الموازنة ونمو ايرادات بمعدلات اقل من ارتفاع الاسعار ولكونها رافضة لأن تكون الاجور سببا في التضخم نظرا لان القطاع الحكومي يعتبر قطاعا غير منتج. وينوه الي ان الحكومة ليس لديها حل في الوقت الحالي في ظل الموازنة فهي لا تملك سوي السيطرة علي القطاع الحكومي فقط والذي يبلغ عدده 5.5 مليون موظف وفي نفس الوقت هي لا تملك ايضا اي سلطات علي باقي القطاعات فهي لا تملك سوي وضع حد ادني للاجور بجانب مسئوليتها في وضع السياسات وهي غير قادرة علي اجبار القطاع الخاص علي تحديد الاجور او فرض زيادات او علاوات اضافية. ويشير الي ان هناك تجربة ناجحة قامت بتنفيذها العديد من الدول الاقتصادية الكبري مثل فرنسا وانجلترا وهي قيام المجلس الاعلي للاجور بفرض رقم قياسي يوازن ما بين الاسعار والاجور ويقوم من خلال هذا الرقم القياسي بصرف تعويضات للمستويات المختلفة مقابل زيادة في التضخم وتكاليف المعيشة وبهذا يمكنها احداث نوع من التوزان. وعلي النقيض تماما في مصر فنحن نعتمد علي سياسات اخري تحتاج الي تغيير مثل الدعم العيني وهو عبارة عن نوع من التعويض لتسيب الاجور بالاضافة الي العلاوات الخاصة التي تتم مع كل موازنة والتي ينظر اليها علي أنها نوع من التعويض والتصحيح لمستويات الاجور فالسياسة العامة للدولة تسير في هذا الاطار. ويناشد عبد المطلب بضرورة القيام بعدد من المراجعات أولا: اعادة النظر في مستويات الحد الادني للاجور وهو الذي يكفي لسد حاجات المعيشة، ثانيا: ضرورة اعادة هيكلة العمالة علي مستوي القطاع الحكومي فهناك مشكلة سائدة في القطاع الحكومي يطلق عليها "هناك اجور تدعم اجورا" بمعني ان هناك عمالة زائدة في الحكومة فالعمالة الموجودة تبلغ نسبتها 1:3 من العمالة التي نحتاج اليها ولهذا فنحن نحتاج الي اعادة هيكلة علي المدي الطويل فهناك امور كثيرة تحتاج الي اعادة نظر مثل كوادر الاجور الخاصة والتفاوت الموجود بين الوزارات في الحد الادني للاجور، ثالثا: عدم النظر للاجور في أماكن معينة علي أنها عبئ ثقيل لا يمكن التعامل معه فهناك وزارات تعتبرها عبئا كبيرا علي سبيل المثال وزارة التعليم العالي والتي تدعي ان نسبة 70% من الموازنة الخاصة بالوزارة يتم انفاقها كأجور ولهذا يجب علينا التفكير بطريقة جدية في ضرورة اعادة النظر في الاجور فيجب النظر للقضية علي أنها جزء منها انتاجية والجزء الآخر تكلفة معيشة فالقضية تحتاج الي اصلاح جذري للاجور وخاصة في القطاع الحكومي والقطاع الخاص التقليدي. الكلمة للقطاع الخاص أما د.نوال التطاوي وزيرة الاقتصاد السابقة فتشير الي ان الزيادة الحقيقية في الاجور تتوقف علي الارتفاع في قيمة الاجر مع الوضع في الاعتبار الارتفاع المستمر للاسعار وهذه المعادلة تختلف من شريحة الي اخري كما انها تتوقف علي نمط استهلاك الفرد واختلاف اسعار السلع الاساسية والذي يدعو الي ضرورة احداث التوازن ما بين الاجور المدفوعة واسعار السلع الاساسية من اجل تحقيق مستوي معيشي افضل. وتضيف ان الحكومة بدورها تقوم بمحاولات كثيرة من اجل ضبط الزيادة في الاسعار ولكنها محاولات لم يتحقق الهدف المنشود منها حتي الآن فالعملية صعبة ومعقدة ويرجع كل هذا لكون القطاع الخاص هو المسيطر الاول علي السوق المصري.