لأهل زمان مثل ساخر يقول "مش لاقيين عيش يتعشوا بيه جابو فجل يفتح نفسهم". نقرأ كل يوم أو كل أسبوع علي الأكثر حادثة قطار اشتعال قاطرة وبعض عربات القطارات السائق فوجئ بخروج القطار عن القضبان تعطل قاطرة لتفكك محاور العجل أو بنفس الشيء في بعض عربات القطار تصادم قطار لتعطيل إشارات الحركة إلي آخره من الأخبار المأساوية. ثم نقرأ عن برنامج ننوي تنفيذه علي مدي عدة سنين لتأهيل مرفق السكة الحديد ونقرأ عن النية لخصخصة السكك الحديدية أو العدول عن هذه النية التي ثبت أن تنفيذها في بلد صناعي متقدم هو انجلترا قد لحقه الفشل ويجري دراسة إعادتها لملكية الدولة. ونقرأ عن النية في استخدام المتحصل من رخصة المحمول الثالثة في إصلاح السكك الحديدية ثم التوجه إلي الخارج كالصين وغيرها لشراء قاطرات وعن برنامج إعادة تأهيل عربات السكة الحديد وفي خضم أخبار الخيبة تطلع علينا الجرائد بأخبار مشروع القطار المعلق القطار المعلق يمثل آخر صيحة في تكنولوجيا السكة الحديد وهو يعمل بتكنولوجيا المجال المغناطيسي ويحقق سرعات تتجاوز 300 كيلو متر في الساعة وتكلفته باهظة ولم يتم تطبيق هذه التكنولوجيا إلا في اليابان وألمانيا لمسافات ليست طويلة ويلزم سواء لصناعته أو تشغيله أعلي مستويات التكنولوجيا أو الإدارة ومثل هذه القطارات ليست مشاريع يجري إقامتها مع توقع مستوي معقول من الأرباح إنما هي بداية سلم طويل من التقدم التكنولوجي في هذا المجال. مجرد إقامة مثل هذا المشروع يمثل للشركة التي تصنع هذا القطار أو تمد خط انتقال بواسطته مصدرا للارباح الاستثنائية وحتي الآن لم يتم انتشاره في البلاد التي ابتدعته. المشروعان اللذان قيل إنه تقدمت بهما شركتان واحدة أمريكية والثانية بها رأس مال كويتي تكلفتهما المبدئية سبعة مليارات من الدولارات، لا نبتهج من البداية بزعم أن ذلك يمثل استثمارا أجنبياً والاسطوانة المشروخة عن الثقة في الاقتصاد المصري فالذي يقيم أي مشروع يجب أن نتوقع أنه سوف يسترد رأسماله مع الأرباح المحققة إن عاجلاً أو آجلاً. هل استثمار سبعة مليارات من الدولارات في القطارات المعلقة يمثل استثماراً عاقلاً وهل من المعقول أن تتطوع البنوك "المصرية" للمساهمة في قروض مشتركة للقيام بهذه المشروعات، هل درسنا من زاوية الاقتصاد القومي قدر القيمة المضافة التي تحققها سبعة مليارات من الدولارات لو تم استثمارها في الصناعة؟ سبعة مليارات من الدولارات أي حوالي أربعين مليار جنيه، هل درسنا أي تغيير ونهضة صناعية يحققها هذا المبلغ؟ هل المدن الجديدة تحتاج لمثل هذا الاستثمار في نقل الأفراد؟ لماذا لا نستخدم السكة الحديد أو الأتوبيسات وهي تمثل استثمارا يقل عن عشرة بالمائة من مثل هذه القطارات المعلقة في الوقت الذي يشكو فيه المستثمرون الصناعيون بها من عدم إقامة المرافق الأساسية كالطرق والكهرباء والمياه والصرف الصحي والصناعي. أما عن خط القطار المعلق في سيناء لماذا قبل ذلك لا ندرس أسباب الحوادث في طريق سيناء؟ ثم هل سيناء هي مجرد منتجع سياحي لجذب السياح الأجانب؟ وهل السياحة هي قاطرة التقدم والتنمية في مصر أو أي بلد مثل مصر؟ وهل لا يخدم السياح إلا القطار المعلق بدلا من الأتوبيسات الفاخرة والطرق المعبدة وتكلفتها علي الاقتصاد القومي لا تزيد علي عشرة بالمائة من مثل هذا القطار. وهل الاستثمار في سيناء يكون بهدف تنشيط السياحة فقط أم أن سيناء تمثل قضية أمن قومي؟ أليست سيناء هي التي تم دراسة توطين مليونين من المصريين بها؟، لماذا توقفت ترعة السلام لماذا توقف إصلاح المليون فدان بها وكل هذه المشاريع لا تكلف الاقتصاد القومي ما تكلفه القطارات المعلقة التي في سيناء وحدها يكلف مشروع القطار بها ما يزيد علي عشرين ألف مليون جنيه؟ دعنا من المثل القديم.. الجديد هو "مش لاقيين عيش يتعشوا بيه جابو كافيار يفتح نفسهم".