حرب العراق ستظل أسطورة إخفاق تام للسياسة الأمريكية والعسكرية التي تحميها.. سجل الأسطورة عدد من الكتب الأمريكية الواسعة التوزيع "Bestseller".. توماس ريكس، المؤرخ الأمريكي والكاتب بصحيفة الواشنطن بوست، جمع أقرانه من الكتاب العسكريين ممن رصدوا العوار السياسي والعسكري لتلك الحرب، وتبادل الحوار المعمق معهم حول كتبهم التي غطت الموضوع وكأنها نداء للتعقل.. لكنهم أمسكوه من عنوان كتابه المثير: فشل تام "Fiasco"، باكورة طوفان الكتب عن حرب العراق.. سألوه: "ما سر هذا العنوان الجارح؟!" أجابهم: "قبل النشر، سبقكم العشرات وعلي ألسنتهم نفس السؤال"! قاطعه زميله في الواشنطن بوست بوب ودوارد يطلب الكلمة: "إنني واحد من أصحاب الشكوك الكثيفة التي اكتنفت هذه الحرب، وهلل لها الكونجرس بانفعال وهتاف"! في العام الذي ينصرم، صدرت 5 كتب عن حرب العراق، وكأن أمريكا أعادت اختراع العجلة.. وكلها من أكثر الكتب توزيعا "Best seller".. جمعت مجلة تايم المؤلفين جميعهم علي مائدة مستديرة: 1 توماس ريكس وبوب ودوارد "حالة نكران للذات".. 2 ميكايل جوردن، وليون تننت جنرال "كوبرا 2" رون سكند "مبدأ واحد %".. لورانس رايت "برج يلوح في الأفق". يقول توماس ريكس: "أصابني العجب وأنا أراهم جميعا وقد وقعوا في الشرك meshed ماذا.. اتضح أن أيا منهم لم يقرأ كتاب الآخر"!! أعدنا تلقينهم بمضامين كتبهم، وكأننا ملقنون علي خشبة مسرح.. ثم انطلقنا نحاورهم حول المائدة المستديرة!! * تايم: إدراك طبيعة حرب العراق بعد وقوعها "hindsight".. لماذا ذهبنا إلي الحرب؟ وماذا كانت الأسباب الصحيحة؟. * ترينور: بعد 11 سبتمبر، كانت الولاياتالمتحدة في حالة صدمة شملت الجميع، بمن فينا الرئيس بوش.. تأمل فاجعة الوطن.. حدود مفتوحة.. نمط حياة يهفو إليه الجميع.. تساءل: كيف نحمي الوطن من هجمة كارثية أخري؟! كان علينا أن نقبض علي رامي السهام قبل أن يطلق سهمه الثاني! كان هذا هو الهدف الذي نجمع علي استهدافه. لكن ضد من من الدول المارقة؟ ليست كوريا الشمالية، أو إيران.. العراق هدف سهل ومنتج.. وعن طريقه يمكن أن ترسل إشارة واضحة لكل صناع الشغب والإرهاب في العالم! * تايم: إنما الحرب جاءت كلحن لم يتم.. ما تأثير ذلك علي أسرة بوش الحاكمة؟. * سسكند: من أول جلسة لمجلس الأمن القومي يناير 2001 كانت هناك حماسة وتوقد ardoy لممارسة الحرب.. الآن يتقول البعض: لم تكن هناك خطة حرب..! لكن القدر المتيقن من الحقيقة أنه كانت هناك مداولات حول الطبيعة المبدئية لمهمة حرب العراق هي بالدرجة الأولي تجريد صدام حسين من كرسي الحكم..! وفي خطط التحرك الأولي لدونالد رامسفيلد وديك تشيني نائب الرئيس تقرأ إحساسا بالأسي والندم لأن غزو العراق لم يتم قبل غزو أفغانستان.. كانت المهمة منذ البداية: سقوط بغداد!. * ركس: اختلف معك تماما.. في يقيني أن الرئيس بوش لم يدخل البيت الأبيض وفي يمينه خطة لغزو العراق.. وفي السنة الأولي من الرئاسة ركزت إدارة بوش علي تمتين سياسة الاحتواء "contarnment".. تبعتها سياسة "شحذ الموسي" ضد العراق.. ثم تغير الموقف تماما في أعقاب غزوة 11/9.. وتنادت أصوات الإدارة الأمريكية: دعونا نغزو هذا البلد..! * رايت: لقد رأوا أن هذه هي الفرصة السياسية التي يجب اقتناصها، وإلا فلا! * تايم: هل لعب فشل أمريكا في القبض علي أسامة بن لادن دورا في قرار الذهاب إلي الحرب؟ * جوردون: تزامنت زيارتي لتورابورا في ذلك التوقيت من ديسمبر.. وكانت الرغبة الجامحة في إعداد خطة حرب ضد العراق قد ارسلت بالتلغراف إلي الجنرال تومي فرانكس قائد جبهة الحرب في أفغانستان.. وكان الجنرال يناضل دفاعا عن موقف قواته المتردي في قمم جبال تورابورا عشية استدعائه إلي مزرعة كراوفود تكساس للقاء مهم مع الرئيس بوش.. نما إلي علمي تاليا أن الجنرال والرئيس توصلا إلي قرار مبدئي سريع بأن العراق هي الخطوة التالية علي أجندة الحرب..! جهل يثير الشفقة! والحوار دوار: * رايت: بعد ديسمبر ،2001 دخل تنظيم القاعدة في رحلة احتضار.. ولو أننا استطعنا أن نقبض علي قادة التنظيم، لكان ذلك دافعا للناس للإحساس بالنهائية الحاسمة "sense of finality"، ودفعا لنبض الحياة في العراق.. وربما نجحت الإدارة الأمريكية في اقتناص دعم الرأي العام الأمريكي في ظروف انهيارية مثلما جري في انتخابات الكونجرس الماضية..! * تايم: مع التسليم بالأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط.. لماذا لا ترقي أجهزة المخابرات الأمريكية لمستوي أهمية المنطقة؟ * رايت: إجابتي البسيطة اننا نستأجر الناس الذين يملكون الخبرات لفهم هذه المنطقة الحيوية من العالم.. هناك تحيز وحكم مسبق علي كل الناس الذين يتحدثون بلغة أوطانهم: العربية. الباشتو. والداري. وهم غير مسموح لهم بالتقدم لوظائف معينة. مكتب التحقيقات الفيدرالي "FBI" يستخدم 25 ناطقا باللغة العربية.. لكنهم ارسلوهم إلي فصل دراسي ل 9 أسابيع.. وعادوا في النهاية قادرين علي اختيار طعام الإفطار باللغة العربية، لكنهم لا يستطيعون استجواب مشتبه فيه.. والسبب: الاغتراب الثقافي! لكن المواطنين العرب والمسلمين هم الأكثر ذوبانا في المجتمع الأمريكي ونمط حياته.. ومنهم يستشعر الأمريكي أنه أكثر أمانا.. حتي ولو أعفوه من حمل محاليل عدساته اللاصقة، مخافة أن يفجر بها جسم الطائرة..! * ودوارد: فاتتنا أمور بديهية كثيرة قبل أن نذهب إلي العراق في مارس 2003.. كان علي أي عاقل منا أن يتساءل: هل نعرف أي شيء عن هذا البلد؟ هل عندنا مصادر مخابراتية صديقة؟ هل لنا مصادر مفتوحة وموثوق بها؟ لقد كان جهلنا في هذه الحرب مثيرا للشفقة!! ولحرب العراق الدائرة بقية.. نطوف بأخطائها وصوابها الخميس القادم.