فيما تبذل الهند جهودا مضنية للحاق بالتنين الصيني وسط مؤشرات قوية علي أن الاقتصاد الهندي بدأ في تحقيق معدلات نمو تعادل بل وتفوق نظيره الصيني خصوصا في مجال الصادرات.. تركز الهند بقوة علي التعليم والنهوض بمستواه خصوصا بسد الفجوة بين المؤسسات التعليمية التي تصنف كفئة ثانية وثالثة ونظيرتها المعروفة بتعليم النخبة أو الصفوة وإصلاح المؤسسات التعليمية، إلا أن التعليم الممتاز ليس بالقطع متاحا للجميع إلا جامعات الصفوة أو النخبة الممتازة مثل المعاهد الإدارية أو المعاهد التكنولوجية التي يحصل المتخرج منها علي رواتب كبيرة بسبب الطريق الممهد أمامهم للالتحاق بأكبر الشركات في العالم سواء داخل الهند أو خارجها. وبسبب رغبة البلاد الملحة لبناءاقتصاد متين بدأ الاهتمام في تنمية العنصر البشري وتدريب الطلاب في الجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية علي اكتساب المهارات وأخذ جرعات كبيرة من التدريب والأهم امتلاك قدرات علي معرفة دراسة اَليات الأسواق وكيفية اختراقها والنفاذ بالمنتج الهندي إليها في دولة تشهد أسرع معدل زيادة سكانية في العالم. وتسعي عدة مؤسسات علي رفع كفاءة الجامعات والمؤسسات التعليمية التي لا يتاح للطلاب فيها نفس القدرات التي تتاح لجامعات أخري وبالتالي يحرم الملايين أن يعبروا بالكامل عن قدراتهم وتقليص فرصهم للمشاركة وقطف ثمار الإصلاحات الاقتصادية في الهند. ويقسم الخبراء المؤسسات التعليمية في الهند إلي فئات ثلاثة.. الفئة الأولي وهي مؤسسات النخبة أو الصفوة الممتازة، والثانية لا تعطي للطلاب فرصة كبيرة للتعبير عن مهاراتهم وقدراتهم الدفينة، وتهتم أكثر بالنظام والتعبير الصامت عن أفكارهم بدلا من أن يكتسبوا خبرات تعطيهم القدرة علي التحليل السليم واكتساب المهارات والخبرات. ويفتقد الطلاب الدارسون في الفئتين الثانية والثالثة ويمثلون النسبة الأعظم من الطلاب في الهند كما يزعم أحد المنتقدين إلي أبسط المهارات. ومع ذلك تشير اَخر الاحصاءات أن 10% من إجمالي المتخرجين في الهند يجدون طريقهم بسهولة نحو الالتحاق بعمل في إحدي الشركات الكبري فيما يبلغ عدد المهندسين المتخرجين سنويا 25% من إجمالي الخريجين. ومايزال التعليم في الهند يمثل لغزا كبيرا للكثير من المحللين فوفقا لأرقام 2001 تزيد نسبة البطالة بمعدل 17% بين خريجي الجامعات عن نسبتها بين خريجي المدارس. وتشكو الشركات عبر الهند من قلة الخبرات ولذلك فإن التركيز حاليا علي زيادة خبرات ومهارات الخريجين لسد هذه الفجوة فالقضية كما تبدو لا تأتي من نقص العمالة بل من قلة العمالة المهارة. وتسعي المؤسسات التعليمية حاليا علي تنمية القدرات القيادية للخريجين وتعزيز مهارات هؤلاء في مجال الاتصالات. كما لا ترتبط المشكلة أيضا بتكاليف التعليم فكلية "سان ستيفان" في مومباي تعد من أغلي الجامعات في الهند ومع ذلك تصنف في المرتبة الثانية. ويشكو الطلاب من ضعف الاتصال بفعالية بينهم وبين أساتذتهم بالإضافة إلي قلة الفرص المتاحة للتدرب علي العمل في مجموعات وعقد مناقشات كما يعربون عن استيائهم من الأساتذة المتخصصون في تعليم اللغة الانجليزية متهمين البعض بالضعف في قواعد اللغة والتحدث بلكنة ثقيلة. ويقول خبراء تعليميون إن الطلاب يتخرجون أيضا دون أن يكون لديهم القدرة علي تقدير المشكلات وإيجاد حلول عملية لها. ورغم تنامي الاقتصادي الهندي بصورة كبيرة وزيادة الصادرات في القطاع الهندي فقط بنسبة 21% في 2006 فإن الشركات الهندية الكبري لم تستطع توظيف أكثر من 25 ألف موظف العام الحالي من أصل 1.5 مليون متخرج من الجامعات. وبالنظر إلي كل هذه المعلومات يتضح أن التعليم الهندي يحتاج إلي إعادة هيكلة سريعة تواكب التنامي السريع والقوي لاقتصاد يستعد بقوة لمنافسة أكبر الاقتصاديات الاَسيوية معتمدا في ذلك علي تفوقه في مجال البرامج وتكنولوجيا المعلومات فضلا عن أهم مكون اقتصادي مطلوب لنجاح أي مشرع وهو الأيدي العاملة الرخيصة التي ما تزال تقل في تكلفتها عن نظيرتها الصينية.