يبدو وكأن أمريكا في حاجة دائمة الي عدو حتي إذا لم يوجد اختلقته.. لقد شعرت بفراغ هائل في اعقاب تراجع الشيوعية - العدو التقليدي لها - بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفرد أمريكا بالساحة كدولة احادية القطبية.. ومن ثم وفي عملية تعويضية غدا الاسلام هو العدو الرئيسي لها، فهي التي حرصت علي تنصيبه عدوا. دعوي أبي زيد ومؤخرا وخلال محاضرة له في جامعة "هارفارد" خرج الجنرال جون أبي زيد قائد القيادة المركزية -الامريكية في الشرق الاوسط - لينذر ويحذر من أن العالم سيواجه حربا عالمية ثالثة ما لم يوقف التشدد الاسلامي وسارع فعقد الصلة بين ظهور ايديولوجيا المتشددين الاسلاميين امثال القاعدة وظهور الفاشية في أوروبا في القرن الماضي التي مهدت للحرب العالمية الثانية.. ولعل ما بشر به جون أبي زيد ليس بالجديد وانما امتداد لما سبق وبشر به بوش وطاقمه من المحافظين الجدد من ذوي اليمين المتطرف.. وبالتالي فان تصريحاته لم تكن مفاجئة من حيث المضمون خاصة ان بوش مادام تحدث عن الاسلام بنفس النغمة، فلقد سوغ حربه علي افغانستان والعراق بانها حرب صليبية ونعت الاسلام بالفاشية وجاء جون أبي زيد اليوم ليضفي نفس الصبغة الدينية الخطيرة علي حروب امريكا. دفاع عن حروب أمريكا جون أبي زيد يحاول بتصريحاته تعزيز الرؤية التي يتبناها بوش ويطبقها عمليا علي أرض الواقع وما حربه في أفغانستان والعراق إلا تطبيقا لحربه ضد الاسلام والمسلمين وكأنه قائد القيادة المركزية الامريكية يبرر هنا وجود القوات الامريكية في العراق ويدافع عن الحرب التي تسببت في تدني شعبية بوش وتسببت بالتالي في هزيمة الحزب الجمهوري وفوز الديمقراطيين ومن ثم يؤجج المخاوف التي سبق لبوش ان استغلها لتبرير حربه ضد العراق عندما يحذر من ان عدم القضاء علي المتشددين سيجعلهم يلوذون بملاجئ آمنة ويعملون منها لتطوير اسلحة دمار شامل. مخاوف لا مبرر لها جون أبي زيد يحاول استغلال "الاسلاموفوبيا" لدعم مكانة بوش وتعزيز موقفه بالنسبة للحرب في العراق.. ويأتي هذا بعد انتصار الديمقراطيين وهيمنتهم علي الكونجرس ومن ثم يأتي الجنرال ليرفع بدوره منسوب الخوف من الاسلام وهي مخاوف لا مبرر لها ولكنه يثيرها ويوظفها في خدمة مشروعات ادارة بوش رغم ان هذه المشروعات تعد في اساسها اكثر اصولية وعنصرية وديماجوجية وهي التي ساعدت وبشكل مباشر علي ظهور التشدد لدي الاخر وعبأت الجميع بكراهية امريكا والغرب فاتسمت نظرة الكثيرين في الشرق بالعداء لامريكا ومن شايعها. ومن ثم ظهر المتشددون الذين هالهم ما يجري علي ارض الواقع من معارك استئصالية علي يد العم سام واسرائيل فكان من الطبيعي ان يكون هناك رد فعل لمواجهة تلك الحرب الضروس، فظهرت نغمة التشدد لدي جماعات اسلامية راحت تتوعد امريكا خاصة والغرب عامة بالانتقام من جراء ما يرتكب علي يده من جرائم تكشف عن عداء متجذر ضد الاسلام. أمريكا ودور الراعي..! ظهر هذا العداء المستحكم جليا في مواقف الادارة الامريكية التي يفترض انها تلعب دور الراعي لعملية السلام في المنطقة، فالراعي لابد ان يبذل الجهد لرأب اي صدع وتقريب الاطراف نحو ايجاد تسوية سلمية.. بيد ان الراعي الامريكي هنا تحول الي ذئب جائع ضاجع اسرائيل وعانق مصالحها ولم لا.. أليس بوش هو الصديق المقرب لأولمرت؟! لهذا بادرت إدارة بوش في 11 نوفمبر الحالي واستخدمت الفيتو ضد مشروع القرار العربي في مجلس الامن الذي يدين اسرائيل لارتكابها مذبحة بيت حانون ثم تبعت هذا في 17 نوفمبر الحالي عندما احبط مندوبها في الاممالمتحدة "جون بولتون" قرار الجمعية العامة للامم المتحدة بدعوي ان قرارا كهذا من شأنه ان يعمل علي تصعيد التوتر ويخدم العناصر المعادية لحق اسرائيل في الوجود، وان مثل هذا القرار من شأنه ان يضاعف الشكوك حول الاممالمتحدة!! أمريكا والقتل الممنهج وكأن امريكا في عهد بوش تفرغت لادارة عمليات القتل الممنهج سواء ذلك الذي يتم علي يدها في العراق او الذي يتم علي يد اسرائيل في الاراضي الفلسطينية ويأتي الفيتو دائما كغطاء علي عمليات اسرائيل يضمن لها الحماية من أية عواقب ويجنبها المساءلة علي كل ما تقترفه من جرائم ويدفعها بالتالي نحو ارتكاب المزيد من المذابح كما حدث غداة قرار الجمعية العامة الاخير فلقد قصفت البيوت في الضفة وغزة وقتلت وجرحت عددا من الفلسطينيين ولا غرابة فهذا ديدن من يرتبط بعلاقات استراتيجية خاصة مع امريكا التي تجنبه مواجهة اي ادانة مهما بلغ حجم جرائمه وعليه نقول ان امريكا ومن شايعها ووالاها هي التي تمارس العنف والبلطجة والعربدة والارهاب والتطرف وهي التي تشعل الفتيل وتؤجج المواقف بشكل ينذر بنشوب حرب عالمية ثالثة.