تصورت لفترة طويلة ان كل ما تنشره وسائل الاعلام عن خناقات وصراعات الاجهزة الحكومية ومختلف وزارات الدولة انها خناقات تدور في جمهورية الصومال وليس علي ارض المحروسة، الا انه بمتابعتي لتلك القضية اكتشفت ان كل ما يجري يحدث علي أرض مصر. لنسأل: ما هذا الذي يحدث؟!.. هل هي فكاهة حكومية تهدف الي الترفيه عن الشعب المصري الصابر المغلوب علي امره؟! ام ان الحكومة تعطينا امثلة علي خفة دمها وايمانها بالديمقراطية وحرية الجميع بما في ذلك اجهزتها في اشعال نيران الصراع بين وزارات الدولة.. كل بحريته؟! وبعيدا عن الكوميديا السوداء الدائرة الان، لنسأل: هل يعقل ان يتسبب رئيس الوزراء احمد نظيف بقرار اصدره بقطع التيار الكهربائي عن الوزارات التابعة له والمصالح الحكومية التابعة لتلك الوزارات التي لم تسدد فواتير استهلاكها للكهرباء علي مدي سنوات طويلة! ومن بين الجهات التي تم قطع الكهرباء عنها شركة مياه القاهرة الكبري وكذلك مبني محافظة القاهرة الذي ظل علي مدي اسبوع كامل مظلما بلا كهرباء.. وبالتالي بلا ماء.. مما دفع بمحافظ القاهرة لان يرد لشركة كهرباء القاهرة الصاع صاعين حيث القي كل تراخيص مد شبكة الخطوط الكهربائية اسفل شوارع العاصمة وقطع الكهرباء عن المباني الادارية لشركة مياه القاهرة الكبري وشركة مياه الشرب مما ادي الي توقف جميع اجهزة الحاسبات مما تعذر معه اصدار فواتير مياه الشرب للعقارات والوحدات السكنية وهو ما ادي الي خسائر مالية فادحة لكلا الشركتين. ولعل اطرف اخبار المعارك الدائرة بين اجهزة الحكومة ووزاراتها هو الانذار الذي ارسلته شركة جنوبالقاهرة لتوزيع الكهرباء الي وزارة الداخلية بقطع الكهرباء عنها! رئيس الوزراء د.احمد نظيف طلب الي شركة توزيع الكهرباء عدم ابلاغ الصحف بأية تفاصيل عن الخلافات الدائرة الان حول تحصيل فواتير الكهرباء او اجراءات السداد والموقف من المديونيات، واستجابة لتلك التوجيهات حاول الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء من جهته التقليل من حجم الخلافات الدائرة مع اجهزة الدولة.. ولكن بعد ايه؟! يبقي بعد ذلك: هل نتوقع ان تشتعل حروب اخري بين وزارات الدولة؟ الا انني اتوقع ان يستأجر كل وزير عددا من الفتوات من حاملي مطاوي قرن الغزال والعصي المكهربة ليقوموا بتكسير مباني الاعداء.. اي الوزارات الاخري بشرط ان يتم ذلك كله في اطار الانسجام الوزاري، واستمرار التنسيق بين كل الاطراف.. المهم الا يصدر احد فواتير.. والاهم الا يسدد احد تلك الفواتير؟!