يقول روتش دوليفو رئيس شركة الأدوية البلجيكية UCB إن هناك حاليا نوعين من الاندماجات يحدثان في صناعة الأدوية الأوروبية.. النوع الأول هو اندماج اليائسين وهو يحدث بين شركتين تظنان أن الحجم الكبير هو البلسم الشافي لكل ما تعانيانه من اضطرابات.. أما النوع الثاني فهو الاندماج بين شركتين في حالة جيدة ولكنهما تبحثان عن النمو. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن دوليفو كما هو متوقع اعتبر أن اكتساب شركته لشركة شوارتز فارما الألمانية الذي أعلن يوم 25 سبتمبر الماضي هو اندماج من النوع الثاني.. أما إقدام شركة ميرك الألمانية علي شراء شركة سيرونو السويسرية وشراء شركة نيكوميد الدانماركية لشركة الأدوية ألتانا فقد اعتبره من النوع الأول أي اندماج اليائسين. وللوهلة الأولي، فإن شركات شوارتز وسيرونو وألتانا كلها شركات متوسطة الحجم وملكيتها عائلية.. فشركة شوارتز تمتلكها وتديرها عائلة رولف شوارتز مؤسسها الأول.. أما شركة سيرونو فقد ظلت في يد عائلة بيرتاريلي كلان لثلاثة أجيال متعاقبة.. كما أن المالك الرئيسي لأسهم شركة ألتانا السيدة سوزان كلاتين عضو عائلة كوانديت وهي واحدة من أغني العائلات الصناعية في ألمانيا.. وقد كانت الشركات الثلاث معروضة للبيع بسبب الزيادة الرهيبة في تكاليف التسويق والأبحاث والتطوير والمنافسة الشرسة من الشركات المنتجة للأدوية المقلدة إلي جانب جهود الحكومات الأوروبية لخفض ما تتحمله من إنفاق علي الرعاية الصحية بتقليل إنفاقها علي الأدوية. وقد ظل إيرنستو بيرتاريلي رئيس شركة سيرونو والسيدة كلاتين لعدة أشهر لا يجدان مشترين لشركتيهما بعد عرضهما للبيع.. ولم يكن السبب في ذلك يرجع إلي السعر المطلوب وإنما كان السبب هو خلو معامل الشركتين من أية أدوية جديدة محتملة.. فشركة سيرونو لم يكن لديها سوي دوائها المعروف ريبيف الذي يعالج مرض تصلب الجهاز العصبي المتعدد.. أما أنجح أدوية ألتانا فهو دواء "بانتو برازول" المضاد للحموضة ولكنه سيواجه منافسة من الأدوية المقلدة اعتبارا من عام 2009.. وتقول الأرقام إن سيرونو بيعت مقابل 6.10 مليار يورو "5.13 مليار دولار" وهو سعر أقل من سعرها المبدئي، أما ألتانا فلم يزد سعرها علي 5.4 مليار يورو وهو أقل من كل التوقعات. وعموما فإن باتريك شوارتز رئيس شركة شوارتز واين مؤسسها أسرع بالاتفاق مع UCB علي شراء شركته مقابل 4.4 مليار يورو وهو يعد سعرا معقولا خصوصا أن البيع تم دون مزايدة.. وتجدر الإشارة إلي أن شوارتز كانت علي وشك إطلاق دواء جديد تحت اسم لاكوسامايد لعلاج الصرع وكان سيطرح في الأسواق بعد انتهاء فترة ترخيص دواء UCB المضاد للصرع المعروف باسم كيبرا.. كما أن شوارتز قد طرحت بالفعل في أوروبا دواء نيويرو لعلاج مرض باركنسون وهو دواء أقر تداوله أخيرا في الولاياتالمتحدة.. ويقول دوليفو إن المهم هو الابتكار وهو متحقق في حالة شركة شوارتز. وتقول "الإيكونوميست" إن UCB ذاتها شركة متوسطة الحجم يديرها خلفاء عمانويل يانسن الذي أسسها عام 1928.. وتركز UCB وشوارتز علي إنتاج الأدوية المعالجة لأمراض الجهاز العصبي وتمتلك UCB شبكة توزيع ستساعد علي ترويج أدوية شوارتز في السوق الأمريكي وغيره، وسوف تبلغ ميزانية الأبحاث في شركة الاندماج 770 مليون يورو سنويا وكلتا الشركتين ترفضان الذوبان في الشركات العملاقة مثل فايزر الأمريكية أو نوفاريتس السويسرية. وكنوع من الثقة تقرر أن تمتلك عائلة شوارتز 40% من شركة الاندماج وأن يكون باتريك شوارتز عضوا في مجلس إدارتها ورغم أن كثيرا من المحللين يباركون هذه الصفقة فإنهم يخشون تراجع الأرباح خاصة بعد عام 2009.. صحيح أن الحجم الجديد للشركتين معا UCB وشوارتز سيساعد علي زيادة كفاءة التسويق والتوزيع لكن حجم شركة الاندماج سيظل أصغر من شركات الأدوية العملاقة.. وعلي جانب اَخر فإن الحجم سيزيد ميزانية الأبحاث وإن كانت ضخامة وحدات الأبحاث تقتل المبادرة والابتكار ولذلك نجد شركة عملاقة مثل الشركة البريطانية جلاكسو سميث كلاين تقيم وحدات بحث صغيرة بهدف إعادة إيجاد روح الابتكار من جديد. وعموما فمن المتوقع حدوث مزيد من الاندماجات بين شركات الأدوية متوسطة وصغيرة الحجم في أوروبا وأن ذلك سيشمل شركات شاير البريطانية وإسبن الفرنسية ولوندبيك الدانماركية إلي جانب أوريون الفنلندية وأن ذلك سيحدث في المستقبل القريب جدا. وهذه الشركات لديها معامل بحث غنية بمشروعات الأدوية الجديدة وهو ما سيجعل لاندماجها معناه وقيمته.