من المتوقع ان تسجل اقتصادات الدول الخليجية الغنية بالنفط نموا قويا خلال العام الجاري بعد ثلاث سنوات متتالية من النمو الاقتصادي الكبير بفضل الارتفاع القياسي في اسعار البترول العالمية التي تخطت مستوي ال70 دولارا في الاشهر الاخيرة، وذلك رغم حركة تصحيحية قاسية في اسواق المال الخليجية منذ بداية العام الجاري. وسجل اجمالي الناتج الداخلي لدول مجلس التعاون الخليجي الست بين 1998 و2002 نموا بنسبة 2.5% سنويا فقط بسبب الانخفاض الحاد في اسعار النفط في تلك الفترة. الا ان هذا النمو تقدم بوتيرة تبلغ 8.5% في 2003 و5.9% لعام 2004 و6.8% في 2005 مع توقعات بتسجيل نمو بنسبة 6.4% للعام الحالي بحسب صندوق النقد الدولي. وتضخ دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والامارات والكويت وسلطنة عمان وقطر والبحرين) مجتمعة حوالي 16 مليون برميل من النفط الخام يوميا اضافة الي انتاج كميات ضخمة من الغاز الطبيعي. اما اجمالي الناتج الداخلي التراكمي بالاسعار الجارية فارتفع من 404.6 مليار دولار عام 2003 الي 475.1 مليار دولار في 2004 ثم الي 597.2 مليار العام الماضي، مسجلا في هذه السنوات الثلاث معدلات نمو قياسية بلغت علي التوالي 29.8% و 17.4% و25.7%. ويعود هذا النمو الكبير الي ارتفاع اسعار الخام. فقد زاد سعر البرميل الواحد من 35 دولارا وسطيا في 2004 الي 53 دولارا عام 2005. ويتوقع ان يبلغ حوالي ستين دولارا في 2006 وسطيا بحسب صندوق النقد الدولي. وقدرت العائدات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي في 2005 ب 300 مليار دولار. ويفترض ان يرتفع هذا الرقم عام 2006 بسبب الاسعار الاكثر ارتفاعا هذا العام. وبالاسعار الجارية، سجل قطاع النفط في السعودية نموا بنسبة 17.2% عام 2003 و2،2% فقط عام 2005 فيما يتوقع ان يبلغ نمو القطاع 2.6% عام 2006. ونما القطاع النفطي الكويتي عام 2005 بنسبة 11.3%، والقطري بنسبة 3.4% والاماراتي بنسبة 8.4%. واعرب اقتصاديون من المنطقة عن خشيتهم في ان تساهم الفوائض الضخمة في الميزانيات في عدم ادخال الاصلاحات المرجوة لاعادة هيكلة اقتصادات الخليج التي تعتمد بشكل واسع علي النفط. اما القطاعات غير النفطية فقد شهدت نموا بالاسعار الجارية ب 8.6% في السعودية عام 2005 وب 8.3% في قطر وب 6.8% في الكويت وب 7.8% في الامارات. ويفترض ان ترتفع هذه النسب هذا العام. وفي السعودية المصدر الاكبر في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، ارتفع اجمالي الناتج الداخلي بالاسعار الجارية من 214.9 مليار دولار في 2003 الي 307.8 مليار دولار عام 2005. ويتوقع ان يصل الي 346.3 مليار دولار عام 2006. واستخدمت الرياض فائض ميزانيتها لتسديد جزء من ديونها العامة الضخمة المستدانة جزئيا من السوق الداخلية، فيما عمدت دول خليجية اخري الي تعزيز موجوداتها. وكانت ديون السعودية تمثل ما يوازي 82% من اجمالي ناتجها الداخلي في 2003 وقد خفضت هذه النسبة الي 65% عام 2004 والي 46.5% العام الماضي. ويتوقع صندوق النقد الدولي ان تنخفض نسبة الديون السعودية لتوازي 27.1% من اجمالي الناتج المحلي للمملكة. وارتفعت موجودات الكويت في الخارج الي اكثر من 150 مليار دولار مقابل ستين مليار دولار قبل عشر سنوات. وسجلت الكويت فائضا قياسيا في ميزانيتها بلغ 23 مليار دولار للسنة المالية 2005-2006. وبات ميزان المدفوعات في دول مجلس التعاون الخليجي الست يوازي 28.3% من اجمالي ناتجها الداخلي اي ما يوازي 170 مليار دولار، بعد ان كان يمثل 12.9% عام 2003 و6.19% عام 2004. ويفترض ان يبلغ ميزان المدفوات 210 مليار دولار في نهاية 2006. واوصي صندوق النقد الدولي الدول النفطية بالاستفادة من عائدات النفط في الاستثمار في البني التحتية والبشرية ما يسهم في رفع معدلات النمو وفي خفض البطالة والفقر. ويجمع الخبراء علي ان الحركة التصحيحية الحادة التي شهدتها اسواق الخليج المالية في الاشهر الماضية بعد ثلاث سنوات من الارتفاع المستمر، لن تؤثر علي اقتصادات الدول الخليجية الست.