فرضت موجة الارتفاع الجنوني لأسعار الأسمنت خلال الأشهر الماضية نفسها علي جميع المستويات، واحتلت حيزاً كبيراً من اهتمامات الرأي العام لكونها سلعة مهمة لا غني عنها، لها آثارها الكبيرة علي مستقبل التنمية الاقتصادية، وقطاع التشييد والبناء، بعدما وصل السعر خلال الأسابيع الماضية إلي 370 جنيهاً بزيادة بلغت 120% عن الأعوام السابقة، إلي أن جاء قرار وزير التجارة والصناعة ليقوم بثورة تصحيح للأسعار، وإلزام الشركات بتحديد سعر طن الأسمنت بمبلغ 290 جنيهاً للمصنع، و330 للمستهلك. "الأسبوعي" التقت مع عز الدين أبو عوض رئيس الرابطة العامة لمجلس وكلاء وتجار الأسمنت بالغرفة التجارية والذي كشف عن تفاصيل وتطورات الأزمة وحمل الشركات الأجنبية المسئولية لاستحواذها علي 60% من إنتاج الأسمنت، وتحقيقها أرباحاً بلغت العام الماضي 890 مليون جنيه، وقال إن قرارات الوزير جانبها الصواب، وتجاهلت حق المصدرين المصريين في التصدير واقتصارها علي الشركات الأجنبية، مشيرا إلي التقدم بطلبات لإنشاء مصانع جديدة وارجع الاتهامات والخلافات مع رئيس شركتي المصرية للأسمنت، وسيناء للأسمنت، بسبب احتجاجه علي عدم التزامها بالسعر المقرر، والتلاعب بالمستهلكين. وفيما يلي نص الحوار: * شغلت قضية ارتفاع سعر الأسمنت طوال الأشهر الماضية الرأي العام، وتسببت في ارتباك وهزة في قطاع البناء والتشييد، مما كان له الأثر الأكبر علي التنمية الاقتصادية، فمتي بدأت الأزمة؟ ومن يتحمل مسئوليتها؟ ** بوادر الأزمة أطلت علي السوق المصري بعد عمليات التوسع في خصخصة شركات الأسمنت، وبيعها للشركات الأجنبية التي شملت الشركات الإيطالية، و الفرنسية، والبرتغالية واليابانية واستهلها الفرنسيون عام 2000 بشراء مصنع بني سويف للأسمنت، مقابل سداد مديونية المصنع التي بلغت 55 مليون جنيه وقتها وقامت الشركة الفرنسية ببيع جزء من المصنع للشركة اليابانية مقابل 70 مليون جنيه، ثم توالت بعد ذلك عمليات البيع والاستحواذ فبيعت أسمنت أسيوط لشركة فرنسية، وبرتغالية، ومصنع طرة والسويس، وحلوان، والتي استحوذت عليها الشركات الإيطالية، مما أدي إلي سيطرت الشركات الأجنبية علي 60% من إنتاج الأسمنت. * ولكن موجة الارتفاعات شهدها السوق من قبل فسعر الطن بلغ عام 1997 187 جنيهاً، مقارنة بتكلفة إنتاجه الضئيلة للغاية؟ ** تكلفة إنتاج الأسمنت في مصر لا تتجاوز 130 جنيهاً للطن، وما حدث وقتها كان طمعاً من بعض التجار في زيادة الربحية، ولكن سرعان ما تمت السيطرة علي الأسعار وتم تحديد السعر بمبلغ 130 جنيهاً للطن، واستمر علي هذا الحال، حتي دخلت الشركات الأجنبية السوق، فقامت المجموعة الإيطالية برفع السعر إلي 185 جنيهاً وواصل بعد ذلك قفزاته إلي أن بلغ سعره من المصنع خلال الأسابيع الماضية 345 جنيهاً، وللمستهلك 370 جنيهاً، فيما وصل السعر بالوجه القبلي إلي 375 جنيهاً بزيادة بلغت 120% بعدما قامت شركة أسيوط برفعه. أرباح خرافية * ولكن بررت هذه الشركات الزيادة بسبب رفع اسعار النقل والبنزين، والغاز الطبيعي، والتي يعتمد عليها بعض المصانع؟ ** سبق وقلت إن هذه الزيادة لا تؤثر علي ربحية الشركات، مقارنة بضآلة سعر تكلفة الإنتاج، وقد حققت الشركات الأجنبية خلال العام الماضي أرباحاً تجاوزت 890 مليون جنيه! * وأين دور الشركة القومية للأسمنت؟ ** الشركة القومية قامت بدور كبير خلال القفزات المتواصلة للأسعار، وأحدثت نوعاً من التوازن في السوق، حيث قامت ببيع طن الأسمنت خلال الفترة السابقة بمبلغ 140 جنيهاً، ولو عجلت الحكومة بالتوسعات المطلوبة في الشركة وقتها لحققت انتصاراً كبيراً في انخفاض السوق أمام الشركات الأجنبية وتعد الشركة الوحيدة التي تسير علي ضوابط وأسس في عمليات التوزيع. * وكم يصل إنتاجها في العام؟ ** إنتاج الشركة لا يتجاوز 29 مليون طن في العام فيما يبلغ حجم الاستهلاك نحو 27 مليون طن، ويتم تصدير أقل من 5 ملايين طن فقط، بسبب عدم مطابقة الأسمنت صنف "37" الذي تنتجه الشركة للمواصفات العالمية، والذي لا يتوافر سوي في صنف "42"، وتقوم الشركة حاليا بإنشاء خطوط جديدة لإنتاجه.