فرضت قضية خصخصة السكك الحديد نفسها علي سطح الاحداث واصبحت احد الموضوعات الاساسية في تناول كارثة قليوب ورغم نفي الحكومة لاي اتجاه لخصخصة هيئة السكك الحديدية الا ان ذلك لم يغلق ملف هذا التوجه الذي يراه العديد من الخبراء المدخل الاساسي لاصلاح الادارة وتطوير الاداء واصلاح الهيكل المالي لها ومد خدماتها الي مناطق جديدة. وفي الوقت الذي يعارض فيه البعض مبدأ خصخصة الهيئة يطرح المؤيدون لدخول القطاع الخاص في انشطتها رؤاهم لهذه العملية وتختلف وجهات نظرهم حول حجم دور ومساحة القطاع الخاص في أعمال وخدمات السكك الحديدية. وفي هذه السطور نتناول آراء الخبراء حول الممكن والمستحيل في خصخصة هيئة السكك الحديدية. يواجه تشغيل القطارات "الخاصة" بعض المشكلات القانونية في مصر والمتعلقة بمدة الامتياز التي تمنح للشركة المنفذة للمشروع حيث لا يسمح قانون السكة الحديد بمنح حق الامتياز لاكثر من 3 سنوات وهو ما يتعارض مع طبيعة هذه المشروعات التي تحتاج الي فترة لا تقل عن 25 سنة لاسترجاع تكلفتها الاستثمارية وهو ما دعا البرلمان المصري لاقرار مشروع قانون يقضي بتعديل بعض الاحكام الخاصة بانشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر بصفة نهائية بعد ادخال تعديلات جوهرية علي المشروع تسمح بخصخصة خدماتها جزئيا من خلال منح امتيازات لمدد تصل الي 99 عاما. وقد تم احالة التعديلات مرة اخري الي لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان لاعادة ضبط الصياغة في التقرير الذي اعدته حول هذا المشروع حيث وافقت علي السماح للمستثمرين بانشاء خطوط سكة حديد جديدة علي ان يكون ذلك وفق "عقود التزام" واكد الدكتور احمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب ان عقود الالتزام وفق الدستور تخول الدولة مراقبة التنفيذ حيث سبق ان اقر المجلس قوانين مماثلة للسماح للقطاع الخاص بانشاء طرق عامة ومطارات وموانئ بمقتضي "عقود التزام" وهذه المرافق كانت من قبل مقصورة علي الحكومة والقطاع العام وفقا للقواعد السابقة التي كانت تنظم العمل بها. الإدارة.. أفضل ويصف الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي المعروف الحادث الاخير بالتخلف الاداري الذي يمثل حالة من الاهمال واللامبالاة من المسئولين الفنيين او السائقين وهو الأمر الذي يستدعي اعادة النظر في هذه الهيئة ليس عن طريق نقل ملكيتها او عن طريق حقوق الامتياز ولكن عن طريق خصخصة الادارة والتي ستكون لديها الخبرة الكاملة لتطوير السكك الحديدية وادارة اصول هيئة السكك الحديدية وممتلكاتها واموالها بطريقة تستطيع معها تحويل خسائرها الي ارباح ودون الاتجاه الي رفع اسعار التذاكر. من جانبه يدعو المهندس حمدي رشاد خبير الخصخصة واسواق المال الي البدء بالاولويات في برنامج الخصخصة معتبرا ان السكك الحديدية ليست ضمن هذه الاولويات التي تضمن سرعة انتقال الملكية للقطاع الخاص في شركات مثل الغزل والنسيج والبترول والمجتمعات الاستهلاكية. ويشير رشاد الي ان الدولة دائما ما تتحدث عن قدرتها في اعادة الهيكلة مشيرا الي بدء الحكومة من خلال خطتها الاخيرة لتطوير السكة الحديد باعطاء جزء من حصيلة الشبكة الثالثة لإعادة هكيلة السكك الحديدية بقيمة 5 مليارات جنيه لان من حق المواطن ان يشعر بقيمة الاستثمارات الجديدة من خلال تحسين خدمات المرافق بشكل عام وليس العكس مشيرا الي ان دخول القطاع الخاص وملكيته لمرفق السكك الحديدية لابد ان يكون في مرحلة لاحقة لصعوبة تحقيق المنافسة بعد البيع وتحديد الاسعار ويفضل مصيلحي ان يتم تغيير الادارة في الوقت الحالي. اقتراح أما الدكتور ايهاب الدسوقي وكيل مركز السادات للبحوث الادارية فيري انه لا يوجد ما يمنع من خصخصة السكك الحديدية لان الغرض منها هو تقديم وسيلة نقل بخدمة متميزة وباسعار مناسبة للمستهلك وبالتالي فالقطاع الخاص هو الاقدر علي تحقيق هذه الاغراض بطريقة اكفأ من القطاع العام. وفيما يتعلق بالاسعار اكد الدسوقي انه من الممكن الحفاظ علي مستوياتها من خلال العقد والاتفاق بين الحكومة والمستثمر مع منحه الترخيص بانشاء عربات جديدة مميزة وباسعار اعلي مادامت ستلزمه بالحفاظ علي مستوي اسعار الدرجات الاخري واهمها الدرجة الثالثة ويقترح لتحقيق المنافسة والمحافظة علي الاسعار ان يتم البيع لاكثر من شركة بحيث تتولي احدها مثلا خط اسوان والاخري الاسكندرية او وجودهما معا في جميع الخطوط مع الزام الشركات بتقديم الي الخدمة حتي مسافات ومحافظات معينة من خلال العقد مشيرا الي ان ذلك من شأنه ان ينعكس ايجابيا علي الخدمة. السهم الذهبي وتؤكد الدكتورة عالية المهدي استاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة ضرورة تطوير البنية الاساسية لهيذة السكك الحديدية لانها اصبحت بالفعل لا تتناسب مع الاحتياجات الحالية للمستخدمين وللتنمية وخاصة مع قصر الخطوط واحتياج العديد من المناطق لوجود القطارات كالساحل الشمالي، مرسي مطروح والذي يشهد العديد من عمليات التنمية السياحية التي تستدعي وجود خدمات مميزة للسياح من خلال وجود خطوط جديدة سياحية ومميزة بشكل عام للعديد من المناطق الاخري كمنطقة سيناء. كما ان الخطوط الحالية تحتاج هي الاخري لخطوط جديدة بالتوازي كخط الصعيد الذي لم يعد بالفعل يستوعب المستخدمين ولذلك تري ضرورة تطوير السكك الحديدية القائمة وبقائها في يد الحكومة مع منح المستثمرين الحق في انشاء الخطوط الجديدة والموازية مع تدخل الحكومة عن طريق "السهم الذهبي" للحفاظ علي مستوي الاسعار مشيرة في هذا الصدد الي التجربة الانجليزية. مع كل الآراء السابقة يختلف تماما الدكتور ابراهيم العيسوي الخبير الاقتصادي المعروف مشيرا الي انه ضد مبدأ الخصخصة من الاساس وان الحادث لا يجب ان يقودنا الي هذه الفكرة وخاصة انها لا تمثل سوي حادثة تتكرر في أي مكان في العالم.