إذا كانت غالبية الشعب الإسرائيلي تتمني استمرار الحرب الإسرائيلية علي لبنان، والمعروفة باسم "تغيير المسار"، فإن رجال الأعمال الإسرائيليين -أكثر من غيرهم- يتمنون انتهاء هذه الحرب علي أحر من الجمر. ولا يقتصر الأمر عند رجال الأعمال الإسرائيليين فحسب، فهناك فئة ثانية تئن من وطأة هذه الحرب، وتتمني "تغيير المسار" الحرب من الاستمرار إلي التوقف، وهي فئة المسئولين عن وزارة المالية الإسرائيلية. وفي كلا الفئتين تأتي الأمنيات بانتهاء الحرب علي خلفية الخسائر الفادحة التي ألحقتها الحرب علي المستوي الاقتصادي الإسرائيلي الفئة الأولي وهي فئة رجال الأعمال أصحاب الشركات السياحية والمصانع في المدن الشمالية "كريات شمونة" و"حيفا" وغيرها أغلقوا أبواب شركاتهم ومصانعهم علي مدار الأسابيع الثلاثة الماضية هي عمر الحرب حتي الآن. حتي أن صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أشارت إلي أن المشهد العام للمدن الشمالية في الوقت الحالي بات يشبه "مدن الأشباح"، فمدينة نهاريا علي سبيل المثال باتت خالية علي أعقابها، فالمحال والمطاعم والمصانع والشركات أغلقت بسبب لجوء مستوطنيها للعيش داخل الملاجئ والغرف المحصنة تجنبا لصواريخ الكاتيوشا المنطلقة من قبل حزب الله اللبناني. وأفادت تقارير الصحيفة بأن هذه المدن لم يعد يعيش فيها سوي 12 ألف إسرائيلي بعد أن نزح منها 45 ألف إسرائيلي بعضهم لداخل المدن الإسرائيلية البعيدة عن القصف والبعض عاد أدراجه لأجداده بالدول الأوروبية. 12 ألف إسرائيلي فقط هم من تبقوا بهذه المدينة، وتروي الصحيفة العبرية اعتماد هؤلاء المستوطنين علي بقية من أموال مدخرة لكن اعتمادهم الأساسي علي مخصصات مالية قررتها الجبهة الداخلية بقيادة وزير الدفاع عامير بيرتس دون حد أقصي لعدد الشهور التي سيتم فيها صرف هذه الأموال. هذه الأزمة انعكست بدورها علي أصحاب المحال وشركات بيع المواد التموينية في جميع المدن الشمالية باسرائيل الذين يضطرون لفتح محالهم يوميا ساعتين فقط ليتمكن المستوطنون من شراء بعض الاحتياجات الغذائية اللازمة ليوم أو يومين داخل المخابئ. صورة هذا الوضع القاتم علي الموارد البشرية الإسرائيلية يكشفها "ايلان اوبنهايمر" صاحب اشهر مطعم في شمال اسرائيل وهو مطعم "بيجوين" بمدينة نهاريا فهذا الرجل رفض اغلاق المطعم رغم خلوه عن آخره من الزبائن ويقول انني لن أغلق هذا المطعم في هذه الحرب ولم أغلقه قبل ذلك بالرغم من خسائري اليومية لكن اتمني ان تعوضني الحكومة عن هذه الخسائر. عمليات نصب الحقيقة ان موافقة الجبهة الداخلية الإسرائيلية علي صرف بعض المخصصات المالية للمتضررين من هذه الحرب ادي لتفشي ظاهرة النصب كما لم تحدث من قبل فقد كشف موقع "اسرائيل نيوز" الاخباري الاسرائيلي ان اكثر من 22000 اسرائيلي قدموا طلبات للجبهة يفيدون بأنهم تعرضوا لخسائر اقتصادية، ويطلبون تعويضات الحكومة التي اعلنت عنها وهي صرف مبلغ مالي تعويضا لمن تضرر منزله أو محله أو مصنعه. عملية النصب التي كشفها الموقع الإسرائيلي الشهير تمثلت في قيام بعض أصحاب المحال ممن لم تطولهم صواريخ حزب الله بتحطيم بعض أوجه محالهم للحصول علي هذه التعويضات حيث تبين أن بعضهم يريد الحصول علي أية أموال من الحكومة تساعدهم بعد ان توقفت اعمالهم ونشاطاتهم التجارية فور بدء الحرب والبعض الآخر يطمع في الحصول علي المزيد من المال كنوع من الطمع. هذا الأمر، أدي بالحكومة الإسرائيلية للتلميح بعدم ضخ هذه التعويضات في الاسابيع المقبلة في ظل عدم توقعها باستمرار الحرب كل هذه المدة وهو ما يكبد ميزانية وزارة الدفاع عدة مليارات من الشواكل. صلوات في وزارة المالية لعل أكثر ما يكشف عن تمنيات المسئولين بوزارة المالية الإسرائيلية ان تنتهي الحرب بأسرع وقت كان تقرير لملحق "ذي ماركر" الاقتصادي التابع لصحيفة هاأرتس تحت عنوان "صلوات في وزارة المالية"، وأوضح ان طلبات أولمرت وعامير بيرتس المتواصلة بتوفير مخصصات مالية اخري للجيش ارهق ميزانية الحكومة وسبب حنق رؤساء الأحزاب الإسرائيلية الاخري. كارمئيل.. أين أنت؟ الملحق ذاته رصد في عدد آخر تقريرا حول اغلاق مطاعم "ماكدونالدز" الامريكية الشهيرة ومطعم تايلاندي في مستوطنة كارمئيل التي وصفها كاتب التقرير "هادار هوريش" في تقريره بعنوان "أين انت يا كارمئيل" بأنها تحولت من مدينة صاخبة تعج بالحركة الاقتصادية الي مدينة اشباح عقب اطلاق صواريخ حزب الله عليها، حتي ان كشك بيع اليانصيب الذي كان قبلة الزوار الإسرائيليين طمعا في الحصول علي تذكرة للفوز بالجائزة الكبري تم اغلاقه.