16 و12.. رقمان عاديان لا ينم ذكرهما عن شيء محدد من وجهة نظر كثيرين ولكن الوضع يختلف كثيرا لدي اثنين من اعلام البنوك والقانون في مصر هما علي نجم رئيس بنك الدلتا الدولي والمحافظ الاسبق للبنك المركزي والمستشار سري صيام مساعد وزير العدل لشئون التشريع ورئيس وحدة مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزي فالرقم الأول وهو "16" له قصة مع علي نجم لها مغزاها حيث تقدم له أحد العملاء الذين لديهم ايداعات ببنك الدلتا بطلب لسحب 16 مليون جنيه وذلك في آخر يوم عمل واستجاب نجم لطلب العميل إلا أنه أبلغه صعوبة حصوله علي هذا المبلغ في شكل نقدي وإنما في صورة شيكات لأنه لا يوجد لدي البنك هذه السيولة ورفض المودع واصر رئيس البنك علي موقفه الذي تم بالفعل الاستجابة له من قبل العميل ورفض قبول الشيكات. الرقم الثاني هو رقم "12" فله قصة مع المستشار سري صيام حيث إنه كان شاهدا علي واقعة تتلخص في أن أحدا فاز بمناقصة قيمتها 12 مليون جنيه بدلا من أن يقدم الفائز شيكا بالقيمة أعطي تعليماته لرجاله بإنزال عدد من "الأجولة" التي تحملها عربة نصف نقل وفوجئ الجميع بأن هذه الأجولة تحوي 12 مليون جنيه. مجتمع نقدي مناسبة هاتين الواقعتين اللتين رواهما نجم وصيام كانت بمناسبة حديثهما لعدد من المصرفيين العرب والأجانب عن سيطرة المجتمع النقدي علي مصر وأن الجمهور لا يزال يتمسك بحيازة البنكنوت النقدي علي حساب الأدوات النقدية الحديثة وعلي رأسها بطاقات الدفع البلاستيكية. وكان نحو 150 من مسئولي البنوك من مصر والدول العربية قد اجتمعوا بمدينة شرم الشيخ يومي الخميس والجمعة الماضيين لبحث كيفية ايجاد تعاون اقليمي ودولي لمواجهة ظاهرة غسل الأموال وتمويل الارهاب كما شارك في الاجتماع مسئولو الالتزام بالبنوك العربية المسئولين عن مواجهة هذه الظاهرة إلي جانب مسئولين من وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسة الدولية للالتزام ICA وبرنامج الأممالمتحدة لمكافحة الفساد ولجنة الحوار الأمريكي الشرق أوسطي ومجلس التعاون الخليجي ونظم اللقاء 3 جهات هي اتحاد المصارف العربية واتحاد بنوك مصر ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا "مينا فاتف". ويبدو أن النار تأتي من مستصغر الشرر فقد اكدت القيادات المصرفية المشاركة في لقاءات شرم الشيخ الي ان المجتمع النقدي هو اكثر المجتمعات المرشحة لأن تكون بيئة مواتية لعمليات غسل الاموال وتمويل الارهاب وهذا ما اكده بشكل ملحوظ نديم كرياكوس الخبير بصندوق النقد الدولي وهشام جميع مدير عام وحدة الالتزام ببنك "بيريوس مصر" فالجميع اكد علي ان تجار المخدرات يدفعون قيمة سمومهم نقدياً وكذا المرتشون واصحاب الدخول غير المشروعة لا يتلقون دخولهم عن طريق حسابات بالبنوك او ببطاقات الدفع البلاستيكية اما "كرياكوس" فقال ان عمليات التقييم التي قام بها صندوق النقد الدولي كشفت عن ان الدولة قليلة الدخل لا يلتزم العديد منها بالمعايير الدولية المتعلقة بمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب كما ان هذه الدول لديها قصور في التدابير الواجب تنفيذها لمواجهة هذه الظاهرة الإجرامية حتي الدول متوسطة الدخل فعلي الرغم من امتلاكها أطراً قانونية الا ان لديها مشاكل في تنفيذ هذه القوانين الي جانب ان العقوبات قد لا تكون رادعة لغاسلي الاموال القذرة وهناك ايضا عدم التزام من قبل هذه الدول بمعايير المحاسبة الدولية الي جانب انتشار الفساد وسوء الادارة بها وهو ما قد يهدد انظمتها المالية. لكن علي نجم اكد علي ان الولاياتالمتحدةالامريكية وهي واحدة من كبريات الدول المتقدمة تغسل اموالا قذرة تقدر قيمتها بنحو 100 مليار دولار وان حوالي 300 مليار دولار يتم غسلها في باقي دول العالم وشدد علي ان جرائم غسل الاموال ليست حكرا علي الدول الصناعية او الدول الغنية او مجتمعات الثروة بل انها تتسع وتنمو في بنية الدول التي يسهل عبر ثغرات نظامها القانوني حتي لو كانت من الدول النامية او الفقيرة. مسألة معقدة الأمر الثاني الذي ركز عليه اجتماع شرم الشيخ هو ان مكافحة ظاهرة تمويل الارهاب وغسل الاموال مسألة معقدة جدا وتحتاج الي جهود جبارة لكبح العصابات الدولية التي تسعي لتلويث سمعة القطاع المصرفي والاقتصاد العالمي. وعبر عن هذا المعني بشكل واضح المستشار سري صيام الذي اكد في كلمته علي ان مكافحة جرائم غسل الاموال وتمويل الارهاب ليست بالامر اليسير ولكنها تحتاج الي جهد دءوب علي المستوي الاقليمي والدولي خاصة في ظل عولمة الاقتصاد ونمو اسواق المال الدولية ومن هنا باتت عملية مكافحة هاتين الجريمتين من الموضوعات المهمة والمعقدة علي مستوي العالم ويرجع وجه التعقيد الي درجة الاحتراف العالية التي تتسم بها الجهات التي تقوم بعمليات الغسل والتي أصبحت تتمتع بآليات منظمة تستخدم بشكل متزايد مختلف التقنيات الحديثة والنظم المتطورة للاتصالات.