كل الحكومات في العالم تسعي إلي كسب تأييد شعوبها.. ولكن الشيء الغريب أن الحكومات عندنا تتنافس في الوصول إلي مزيد من كراهية الناس.. وإذا مرت فترة قصيرة دون أن تفعل الحكومة شيئا يثير سخط الجماهير فإنها تشعر بالتقصير.. وإذا أراد المواطن شيئا أو استراح لشيء فإن الحكومة تغير هذا الشيء بسرعة رهيبة.. إذا ظهر شخص مناسب في مكان واستطاع أن يصل إلي قلوب الناس تراه مطرودا في أقرب فرصة.. وإذا لحقت كراهية الناس بشخص ما في موقع ما تجد الحكومة تصر علي بقاء هذا الشخص واستمرار هذه الكراهية.. وهناك وزراء ظلوا في مواقعهم سنوات طويلة لأن الشعب يكرههم بينما خرج وزراء بسرعة مخيفة لأن الناس احبتهم.. ومن اَخر مسلسلات الكراهية والحب بين الحكومة والناس ما حدث مع القضاة.. إن تاريخ القضاة مع الحكومات كان طيبا في فترات كثيرة لأن القضاة بطبيعتهم يميلون إلي الحكمة والهدوء واستخدام العقل في كل مواقفهم ابتداء بمنصة القاضي وانتهاء بالاحكام والقرارات ولكن الحكومة دخلت معركة كبيرة ضد القضاة وارتفعت الاتهامات وزادت درجة السخونة وبدأ التهديد والوعيد.. وكل ما حدث بين الحكومة والقضاة كان يمكن أن يحل في ساعات قليلة.. ولكن السلطة دارت في رأس الحكومة والكرامة دارت في رأس القضاة وكانت المواجهة.. وقبل ذلك كانت هناك مواجهات بين الحكومة والمحامين.. ثم الاطباء ثم الصحفيين وحتي الطلبة شملتهم لعنة الحكومة وسخطها ولا أدري كنا في أزمنة مضت نسمع عن مستشارين وحكماء بعيدين عن دائرة القرار وكانوا يلعبون دورا كبيرا في تقديم المشورة للحكومات وكان المسئولون يسمعون لهم ويحترمون وجهات نظرهم ولا أدري لماذا اختفت هذه الفئة عن الساحة في السنوات الماضية هل هي روح التسلط التي جعلت كل مسئول صغيرا كان أم كبيرا يري أنه قادر علي حل كل المشكلات ومواجهة كل الظروف والازمات حتي نجد حكومة تسمع للناس وتحاول أن تكسب محبتهم، يبدو أنه أمل بعيد.