أتابع باهتمام جهد وزير التنمية الادارية في رفع مستوي الأداء الاداري في أجهزة الدولة وأشعر بما لا يقبل الشك ب "نياته الطيبة" ولكن النيات الطيبة لا تكفي لأن القضية معنوية فيها ميراث تاريخي وعادات نفسية وذهنية، بمعني أنها تحتاج إلي وقت وعوامل أخري ربما تجعل المسافة إلي تحسين الأداء أقصر، واذا كان د.أحمد درويش - كوزير - لجأ إلي فكرة (التنافسية) بين الأجهزة الحكومية.. باعتبار ان التنافس قد يخلق تحديا للرغبة في جودة الأداء بما يريح الناس ولابد أن نتفق علي أن إرضاء كل الناس هو رهان علي مستحيل ولكن "التعامل الادمي المتحضر" مع المترددين علي أجهزة الدولة خصوصا المتعاملة مع الجماهير هدف مهم لدي الحكومات في كل الأنظمة في العالم الأول أوالثالث وعلي الأخص في الدول النامية ان الموظف الاداري الصغير قد (يعطل) سير الأوراق لأنه قد ينتظر إكرامية أورشوة - بالبلدي - من صاحب الشأن ولذلك من المهم تحديد المعايير، فلا تتسكع الأوراق أو تتأخر أو يدعي موظف أن "الأوراق ناقصة يا سيد" ان تحديد الخطوات والأوراق المطلوبة واختصارها، يقضي علي التلاعب ونظرية الشبابيك المتوالية هي الطريق للراحة، فليس من المعقول ان يحصل صاحب الطلب علي موافقه من شباك ويحصل علي موافقة اخري من مكان آخر يبعد 30 كيلو أو من محافظة أخري! اما من حيث الموظف أوالموظفة في التعامل مع المترددين من الجمهور، فلابد أن يكون له مواصفات في الطباع والصبر واننا لا يمكن ان نطالبه بأن "يبتسم" في وجوهنا وهو غير قادر علي الابتسام لأن الجغرافيا تعوقه واقصد المكان الذي يمارس فيه العمل، حجرة ضيقة تعشش فيها الدوسيهات القديمة المتراكمة، حجرة زجاج نوافذها مكسورة تنتظر أمرا اداريا باصلاحها!! وأنا أعرف مأموريات ضرائب ومكاتب صحة غاية في السوء وتنعكس علي الموظف قبل الجمهور المتردد عليها كان د.السيد أبو النجا أحد فرسان الادارة في مصر يقول "لا تطلب معاملة حسنة من موظف في مكان سييء" ضعه في بيئة نظيفة، فتحصد لطفاً إن آليات العمل في الجهاز الاداري في مصر عتيقة ومطهمة بالروتين وكم هائل من المقرارات الادارية ربما المتناقضة التي تزرع خللا في منظومة العمل، ان صاحب المصلحة يريد إنهاء الاجراءات "اللولبية" يضطر اضطراراً لاختصار العذاب والسبع دوخات بدفع رشاوي لها فعل السحر وذلك في أماكن مثل الجمرك وأجهزة الاستثمار وبعض أجهزة الهندسة في المحافظات! ان الحصول علي رخصة مبان أو تصريح عمل يستغرق وقتا غير عادي وفي دبي يستغرق وقتا تافها، هناك في بعض الأوراق المطلوبة شيء اسمه "الموافقة الأمنية" لابد من حل يجعل هذه الموافقة ميسرة في زمن النت والسرعة المذهلة في كشف الجريمة والاشتباه في الاشخاص. ان الموضوع كبير ويحتاج إلي نظرية الاعلان الذي يقول "انسف حمامك القديم"! واتصور ان الوزير برغبته الصادقة سوف يذهب لما هو أبعد من القدرات التنافسية لبعض الأجهزة الادارية انه ميراث من زمن "الادارة بالقلم الكوبية". صحيح نحن علي باب الحكومة الذكية، ولكن باستثناء بعض المؤسسات والأجهزة المرموقة مازال العمل بالقلم الكوبية علي قدم وساق وذلك إلي إشعار آخر!