مع تفجر الفضائح المحاسبية في شركات مثل إنرون وريفكو وغيرهما خلال السنوات الأخيرة قد يتصور الإنسان أن شركات المحاسبة الأمريكية صارت الاَن في أزمة.. والحقيقة أن شركات المحاسبة الكبري تحاول أن تعطي هذا الانطباع بالتكالب علي كل أنواع الأعمال عدا الأعمال المحاسبية في الشركات بدعوي أن هناك ركودا في سوق المحاسبات أو أن المحاسبات لم تعد براقة كما كانت من قبل.. والحقيقة أن هذا السلوك من جانب شركات المحاسبة الأمريكية يخفي ازدهارا لا يمكن تجاهله في سوق المحاسبات الأمريكية علي الرغم من الفضائح المحاسبية في مجتمع الشركات. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن إيرادات شركات المحاسبة الكبري في أمريكا زادت بنسبة 15% في العام الماضي وأن إيرادات بعض الشركات زادت بمعدل أكبر من ذلك ولو أخذنا شركة محاسبة أمريكية شهيرة مثل سيجفريد جروب فسنجد أن إيراداتها زادت 600% خلال العامين الأخيرين لتصبح 73 مليون دولار، ففي عام 2003 كان عدد عملاء قسمها المحاسبي لا يتجاوز 15 عميلا وصلوا في عام 2005 إلي 100 عميل ثم ارتفعوا مرة أخري إلي 155 عميلا مع نهاية مايو 2006 ومن بين هؤلاء العملاء 50 عميلا من كبريات الشركات الأمريكية. والحقيقة أن هذا النمو المدهش الذي شهدته شركة سيجفريد قد حدث دون أن تلجأ الشركة إلي أعمال الاستشارات الأخري أو أعمال التدقيق والمراجعة التي هي من اختصاص الشركات الكبري في الأساس.. وتقدر سيجفريد عدد المحاسبين الذين يقومون بكل مهمة حسب حجمها فقد يكون عددهم قليلا وقد يصل إلي عدة مئات من المحاسبين حسب الأحوال. وتستغرق مهمة المحاسبين عادة مدة تتراوح ما بين 6 و9 شهور ولا تقدم سيجفريد عادة توصيات محددة بشأن العمل وإنما يقوم محاسبوها بعمل وضبط جداول الشركة وهذا يجنبها المنزلقات والمخاطر القانونية التي تحيط بعمل المحاسبين الخارجيين إذا قدموا مثل تلك التوصيات. وقد كان مستحبا في الماضي ولايزال مستحبا حتي الاَن الفصل بين الشركة ومحاسبيها ولكن الشركات بدأت تتخلي عن هذه القاعدة وتنشئ أقساما للمحاسبة في داخلها علي أن تستعين بمدققين ومراجعين من الخارج. وتجدر الإشارة إلي أن شركة سيجفريد قد تأسست عام 1988.. فقد ترك مؤسسها روبرت سيجفريد عمله في شركة أرثر يونج وهي إحدي أكبر 8 شركات محاسبية أمريكية لكي يقيم شركته الصغيرة للاستشارات والمراجعة وهي مهام صعبة جدا بالنسبة لأي شركة ناشئة، ولكن مسار شركة سيجفريد تغير في عام 1995 وتحولت إلي شركة للمحاسبات في المقام الأول لحساب شركة دوبونت وشركة سترلنج دياجنوستيك للكيماويات واستمر عملها مع الشركتين لمدة تقرب من عامين. وفي عام 1998 حصلت سيجفريد علي تكليفات من شركات كبري مثل JP مورجان واسترازنيكا وشركة التأمينات AIG وبحلول عام 2003 أصبح لشركة سيجفريد مكاتب منتشرة في مختلف الولاياتالأمريكية يقدر عددها بأكثر من 27 مكتبا. ويقول روبرت سيجفريد إن حجم أعمال المحاسبات الخارجية يقدر بنحو 5 مليارات دولار في السنة يذهب نصفها إلي الشركات التقليدية ويذهب النصف الاَخر إلي شركات مثل شركته وما يشبهها من شركات التوظيف المؤقت للمحاسبين مثل شركة روبرت هالف وشركة ريسورس كونكشنز وهي شركات متخصصة في المحاسبة فقط.