كيف لنا ان نتحدث وننادي بتنمية صناعة البرمجيات ونحن لا نمتلك منظومة قانونية لحماية حقوق الشركات والتي لا تجد من القضاة إلماما بطبيعتها ولا خبراء للفصل فيها. ومع بدء منح الرخص للشركات للعمل في مجال التوقيع الالكتروني تظهر حاجة ملحة لاعداد القضاة للتعامل مع هذا النوع من القضايا ذات الطابع التكنولوجي المتخصص. وفي هذا المجال هل تدريب القضاة وحده يكفي؟ وهل نحتاج لمحاكم متخصصة؟ وهل هذا الخيار متاح ام انه مطلب غير منطقي؟ هل المشكلة في القضاة واعدادهم فقط ام انها في منظومة العمل القانوني بالكامل؟ تكثر الاسئلة وربما لا تنتهي.. وتحاول "العالم اليوم" الحصول علي اجابات من خلال طرق ابواب المختصين والمتعاملين مع المنظومة القانونية. تؤكد غادة خليفة رئيسة اتحاد منتجي البرامج علي انها تدرك من خلال تعاملها مع القضاة ووكلاء النيابة سواء من خلال قضايا او دورات تدريبية ومؤتمرات اننا في مصر لدينا بالفعل قضاة مؤهلون ومميزون في الفصل في القضايا الالكترونية وكذلك وكلاء نيابة لديهم خبرات ومعلومات لا تقل عن الخبراء العالميين الا انه لا يمكننا القول بأن جميع القضاة علي هذا الحال.. بل علي العكس فالعدد الاكبر منهم ليس لديه نفس الخبرة او التأهيل. وتضيف غادة خليفة انه بالنسبة للقاضي فجريمة النصب علي الانترنت لها نفس عقوبة جريمة النصب في الواقع رغم اختلاف البيئة والذي يتجلي في صعوبة اثبات جرائم الانترنت. وتقول اننا نحتاج في مصر الي نصوص قانونية تساعد علي الفصل في هذا النوع من القضايا مثل وجود نصوص تسمح باعتماد "البرنت اوت" من الكمبيوتر كدليل اثبات يعتد به. وتشير الي ان وجود نص قانوني للقضايا التكنولوجيا لن يلغي عملية القياس في هذا النوع من القضايا وذلك نظرا لما تتميز به من طبيعة متغيرة ومتجددة بصفة مستمرة. وتوضح رئيسة اتحاد منتجي البرامج انه فضلا عن الحاجة لتدريب القضاة ووكلاء النيابة وتأهيلهم فنحن نحتاج لاعادة النظر في وضع الخبراء في وزارة العدل وانشاء وحدة متخصصة من الخبراء التكنولوجيين تحال اليها القضايا ذات الطابع التكنولوجي حيث ان القاضي في حال صعوبة تحديد ابعاد القضية ومسئولية الجاني يلجأ الي إحالة القضية للخبير واكثر القضايا الحالية تفسد لعدم وجود خبراء متخصصين في هذا المجال. وفي نفس الوقت، اشارت غادة خليفة الي انه لا يمكن الاعتماد علي ان تكون هيئة تنمية تكنولوجيا المعلومات "ايتيدا" هي الجهة الخبيرة في القضايا الالكترونية في حال اعطائها سلطة الضبطية القضائية حيث لا يمكن ان تكون ايتيدا هي الخصم والحكم في ذات الوقت. ومن ناحية اخري، تشير خليفة الي اننا في مصر من اوائل الدول التي انشأت وحدة لمكافحة الجريمة المعلوماتية من خلال ادارة البحث والتوثيق بوزارة الداخلية. وتري ان اعداد قانون للجريمة الالكترونية لابد وان يأخذ وقته الكافي قبل اصداره نظرا لما ينطوي عليه هذا النوع من الجرائم من طبيعة عابرة للحدود وليست محلية مما يتوجب معه دراسة القوانين والمعاهدات الموجودة في هذا الشأن والا يتم اصدار القانون بصورة قاصرة كي لا يصبح وجوده اسوأ من عدم وجوده. تدريب قاصر ومن جانبه يري ايهاب سيد عبد الرحيم المحامي والخبير في قضايا الملكية الفكرية ان العبرة ليس بمجرد التدريب فقط ولكن الفيصل هو نوع التدريب ومحتواه وجهة تقديمه حيث ان التدريب في معظم الاحوال يتم علي ايدي اساتذة من الجامعات وهو ما يعتبر بعيدا كل البعد عن الوقائع الفعلية وطبيعة الجرائم مما يؤدي الي حصول المتدرب سواء كان قاضيا او وكيلا للنيابة علي تدريب نظري يصعب معه التطبيق العملي الفعلي والتأكد من دلائل الاثيات الواقعية والتعامل مع المشاكل العملية. ويري عبد الرحيم كمحام ان المحامين المتعاملين في هذا المجال في مصر لديهم مشكلة اكبر من مشكلة القضاة ووكلاء النيابة نتيجة لقلة المؤهلين منهم حيث لا يوجد اكثر من 4-5 مكاتب في مصر تدرك طبيعة التعامل مع القضايا من هذا النوع. ويشير عبد الرحيم الي ان القضايا التكنولوجية تنقسم الي قسمين.. القضايا المدنية وهي نزاع بين شخصين ونسبة هذا النوع في المحاكم لا تتعدي المائة قضية ويتم تحويلها الي الخبراء. وفي هذا الصدد يوضح ايهاب تجربة شخصية مع قضية تم تحويلها لخبير محاسبي لعدم وجود خبير تكنولوجي ليقوم الخبير المحاسبي بتقدير التعويض دون التحقيق في القضية واثباتها.