ما رأي الجانب الحكومي في مدي تكامل المنظومة القانونية لدينا فيما يتعلق بمواجهة الجريمة الالكترونية؟ للوقوف علي اراء هذا الطرف في هذه القضية طرحنا عليهم العديد من الاسئلة حول ما اذا كنا تأخرنا بالفعل في اصدار تشريع لمواجهة الصور المستحدثة للجرائم الالكترونية وما اذا كنا نسير بخطي بطيئة نحو اعداد القضاة للفصل في هذة القضايا ام ان رجال الحكومة لهم رؤية مختلفة. والي حد كبير اعتبر ممثلو الجانب الحكومي المشاكل التي تعانيها المنظومة القانونية فيما يتعلق بالجريمة الالكترونية في مصر -جزاء من مشكلة عالمية اكبر نظرا لنقص الخبرة العالمية في هذا المجال. واشاروا الي العديد من الجهود لاكساب رجال القضاء والقانون الخبرة اللازمة في هذا الشأن. يقول د.احمد درويش وزير الدولة للتنمية الادارية انه لا يمكننا القول بأن اتقان القاضي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات هو المرجع الرئيسي في عمليات الفصل في القضايا المعلوماتية ويرجع ذلك الي وجود عناصر اخري كثيرة مؤثرة وهي غير متوافرة مثل القوانين الخاصة بالجرائم المعلوماتية كما هو الحال في مجال التجارة الالكترونية وغيرها من الموضوعات التي تتعلق بالجرائم الالكترونية بالاضافة الي ضرورة الاهتمام الي جانب القضاء بإمكانية تتبع واثبات الجريمة المعلوماتية وهي الاهم في هذا النوع من الجرائم نظرا لصعوبتها. ويري د.درويش ان التأخر في اصدار تشريع في مصر في هذا الشأن يرجع الي وجود بعض الموضوعات المتعلقة بالقوانين خاصة في التجارة الالكترونية لم تحسم بعد عالميا وليس علي المستوي المحلي فقط. اما فيما يختص بالتوقيع الالكتروني وهل القضاة المصريون مؤهلون للفصل في قضايا خاصة بنزاعات موقعة الكترونيا خاصة بعد بدء اصدار الرخص للشركات للعمل في مجال التوقيع الالكتروني يؤكد د.درويش ان القضاة المصريين مؤهلون بالفعل للفصل في هذا النوع من القضايا تحديدا نظرا الي ان قضايا التوقيع الالكتروني لا تحتاج من القاضي الاكثار من التعرف علي التكنولوجيا وذلك نظرا لان المطلوب فقط في هذة القضايا هو ان يعترف القاضي بحجية التوقيع الالكتروني مثل التوقيع الورقي في العقود الموقعة مادام النزاع علي احد بنود العقد ولم يرد له نزاع علي التوقيع اما في حال النزاع علي التوقيع والطعن فيه بالتزوير فإن المرجع يكون للجهة الخبيرة في اثبات صحة التوقيع من عدمه وهي التي تقوم بالتأكد من صحة عملية التوقيع الالكتروني وهل تمت هذه العملية بطريقة صحيحة وفقا للاجراءات السليمة والمؤمنة ام لا؟ شأنه في ذلك شأن التوقيع الورقي المطعون عليه بالتزوير والذي يتم احالتة ايضا للخبير للبت فيه. الوقت لم ينفدومن ناحية اخري يقول د. شريف هاشم نائب الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ايتيدا) ان الهيئة هي المسئولة رسميا بنص القانون عن تنفيذ وتنظيم العمل بقانون التوقيع الالكتروني باعتبارها الجهة الخبيرة في هذا المجال مؤكدا علي ان ايتيدا تقوم بالفعل بدورها في عملية اعداد القضاة لتأهيلهم للفصل في قضايا التوقيع الالكتروني والجرائم المعلوماتية عموما وقد نظمت الهيئة مؤخرا العديد من ورش العمل والبرامج والمؤتمرات في هذا الصدد لم تكن موجة للقضاة فقط بل شملت وكلاء النيابات ورؤساء المحاكم وذلك بالتعاون مع وزارة العدل بالاضافة الي وجود تنسيق للتعاون مع وزارة التنمية الادارية في هذا الشأن. وعن ضرورة الاسراع بعملية التأهيل لتلافي اي مشاكل تواجه تطبيق قانون التوقيع الالكتروني او تنجم عن نقص المعرفة المطلوبة في اي نزاع في هذا الشأن يري د. هاشم ان الوقت لا يزال امامنا حيث ان التراخيص بالموافقة المبدئية صدرت ولكن حتي يتسني للشركات العمل فعليا يلزم علي الاقل من 4-5 شهور وهي فرصة كافية لنشر الوعي حيث تقوم ايتيدا فعلا بعمل حملات توعية للمؤسسات المالية والجهات القضائية وايضا جهات انفاذ القانون مؤكد علي انه لن يمكننا الاحساس بهذا القانون وتنفيذه قبل نهاية العام. الاستعانة بخبرة أجنبية وعن امكانية الاستعانة بخبراء اجانب في هذا الصدد اوضح د. هاشم ان الهيئة تخطط بالفعل للاستعانة بخبراء اجانب لعرض التجارب والخبرات العالمية في هذا الشأن الا ان ذلك لن يتم بصورة موسعة وذلك نظرا التجربة العالمية في هذا الصدد تعتبر محدودة الي حد كبير. ومن جانبة يقول المستشار حسن بدران نائب رئيس محكمة النقض ووكيل قطاع التشريع بوزارة العدل ان قضية استعداد القضاة المصريين للفصل في القضايا التكنولوجية هي قضية قديمة لكنها متجددة تقوم علي اساس العلاقة بين التقنيات الحديثة والقانون مشيرا الي ان اي تقنية جديدة تفرض تحديات خاصة عندما يتبناها المشرع. واضاف بدران ان هذه التحديات لا تواجه القضاة فحسب وانما تمتد لتواجه جميع اطراف العملية القضائية من المحققين وسلطات الضبط والمحامين والدفاع بوجه عام وهو ما يستوجب ضرورة تغلغل ثقافة التكنولوجيا في وجدان اعضاء الرابطة القضائية وذلك نظرا للاهمية القصوي لقضية اثارة الوعي بالتشريعات الحديثة وخاصة بالنسبة لرجال القضاء وهو ما يستوجب عقد دورات تثقيفية اساسية ثم دورات تكوينية متخصصة للقضاة وهذه الدورات مطبقة بالفعل لدينا من خلال مركز الدراسات القضائية ومركز البحوث الجنائية والاجتماعية من خلال دورات عامة ودورات تدريبية. سؤال ترفي واكد المستشار بدران علي ان السؤال الذي يطرح نفسة امامنا هو: هل الاهم والاصلح هو انشاء محاكم متخصصة للفصل في هذا النوع من القضية تحت اشراف قضاة متخصصين مؤهلين ام اللجوء لتأهيل القاضي ليصبح قاضيا متخصصا ؟ وعلي الرغم من كون هذا السؤال يبدو سؤلا ترفيا الا ان وجود محاكم متخصصة في هذه القطاعات يعد الامل والمبتغي. واضاف ان وجه الترف في هذا السؤال يرجع الي عدم التناسب بين طبيعة امكانيات الدولة من حيث عدد القضاة مع عدد سكانها. واعرب المستشار بدران عن امله في ان يري مشروع المحاكم الاقتصادية الذي كان يجري الاعداد له النور حيث من المقرر ان تشمل هذه المحاكم في اختصاصها قضايا الاتصالات والملكية الفكرية والتوقيع الالكتروني والبورصة والجريمة المعلوماتية كما يمكن توسيع نطاق اختصاصها اذا استلزم الامر ذلك.