يبدو أن ا يران كسبت معركتها مع الولاياتالمتحدة وباقي الدول التي تعترض ملكيتها للطاقة النووية.. لانها أبدت عدم اهتمامها بصفقة الحوافز الأوروبية التي قدمتها الترويكا بالاشتراك مع الأمريكان والروس والصين.. وصار من المؤكد تراجع الغرب عن فرض عقوبات علي ايران أو حتي التهديد وتطبيق البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة لأن ايران تعلم أن الولاياتالمتحدة لا تستطيع ان تفرض حلا عسكريا وهي متورطة في المستنقع العراقي. وقد كان العرض الأوروبي الذي قدم إلي ايران هو تزويدها بمفاعل نووي يعمل بأسلوب الماء الخفيف تجنبا لموضوع تخصيب اليورانيوم.. وبلا مقابل مادي.. يعني مجانا.. علي أن تتولي روسيا مهمة تخصيب اليورانيوم علي أراضيها. ان ايران اختارت الوقت المناسب فعلا لمواجهة العالم، وهناك من يشك في مقدرة قادة ايران ان يفعلوا ذلك بدون مساعدة روسيا والصين! لقد صارت النبرة أقل حدة وأكثر مرونة في التعامل مع البرنامج النووي في ايران، التي انطلقت من واشنطن مؤخراً، قد تكون احدي الاشارات الأولي التي تعبر عن ا عادة التفكير في التعامل مع القضية بشكل آخر. ان الواقعية التي تم التوصل إليها حديثا والمرونة المعقولة من جانب جميع الأطراف يمكن ان تتمخض عنها فرصة نادرة لتحقيق موقف ناجح للغاية لجميع الأطراف المعنية - من ايرانيين، وأمريكيين وأوروبيين وعرب وأتراك واسرائيليين. إن أول خطوة في هذا الاتجاه يجب أن تكون هي الدراية الواضحة بكل من الدور الأمريكي الذي لا غني عنه في المفاوضات النووية الاوروبية الايرانية والاسلوب الايراني المتشدد. ان الولاياتالمتحدة وقواتها المسلحة ليست طرفا اجنبيا بالنسبة لإيران، ولكنها جار لها من ناحية الشرق، والغرب والفضل يعود للنظرية الامريكيةالجديدة وهي الحرب الوقائية من أجل إحداث تغيير في الحكم. لقد كان رد فعل إيران تجاه هذه الحقيقة الجديدة هادئا نوعا ما، ولا يتسم بالرغبة في القتال، حتي عندما قام الأمريكيون بالهجوم علي رفاقهم من الشيعة في العراق. إن هذا يعكس من ناحية موقف إيران كمفاوض وحيد متمرس، صارم، حريص علي مصالحه الشخصية، وواثق من نفسه في منطقة تضم مجموعة من الدول القومية هذه الدول تتصف أكثر بضعفها وسهولة انقيادها في مواجهة القوي الغربية. إن إيران تتحدث بصرامة، وتتفاوض بصلابة. والولاياتالمتحدة تستخدم قواتها المسلحة من أجل تغيير أنظمة الحكم التي تري أنها تهدد الأمن العالمي، أما أوروبا فإنها تفضل طريق التسوية المنطقية عن طريق المفاوضات. إن حسابات إيران المتعنتة فيما يتعلق برفاهيتها القومية قد تسمح لها بتحقيق أفضل ما تتمناه: أي تطوير صناعة الطاقة النووية، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم منخفض التخصيب، تحت الرقابة الدولية، كما نصت عليها اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، التي وقعت عليها إيران كما تنعم أيضا بمزايا اقتصادية وتجارية، وتكنولوجية خلال علاقة جديدة مع أوروبا، والولاياتالمتحدة، وفي مقابل القيام بتطوير طاقتها النووية السلمية، فإن بإمكانها استغلال المحادثات الثلاثية الجديدة والممكنة بين أمريكا وإيران وأوروبا من أجل التفاوض بخصوص مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لجميع الأنشطة النووية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل أو أية دولة أخري تنضم إلي النادي النووي. إن شرق أوسط أكثر أمانا وخاليا من الأسلحة النووية في ظل علاقات أمريكية وإيرانية طبيعية، يتم التوصل إليها عن طريق التفاوض هو احتمال جذاب.