تستحق إيران أن تحصل علي العلامة الكاملة في امتحان ادارة ملفها النووي مع الترويكا الأوروبية والولاياتالمتحدة.. فقد نجحت علي مدار عامين كاملين في كسب الوقت والمزاوجة بين الكر والفر والتهديد وإظهار المرونة وهو ماساعدها علي افشال مخطط الولاياتالمتحدة الدرامي الي استصدار قرار من مجلس الأمن يستند إلي الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة في سيناريو كاريوني مما حدث مع عراق صدام حسين.. لكن ايران ومن خلال فهم واستيعاب كاملين لمجمل تطورات المسرح الدولي ولعبة التوازنات أعطت لنفسها مساحة عريضة للمناوراة.. ولم تفقد أبداً زمام المبادرة فأحيانا تلجأ إلي التهديد باستخدام سلاح النفط واحياناً اخري تهدد بالانسحاب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ثم تفاجئنا بكسر "تابو" القطيفة مع الشيطان الاكبر عبر الرسالة التي بعث بها الرئيس الايراني احمدي نجاد الي الرئيس الامريكي جورج بوش في اول اتصال من نوعه من 26 عاماً. وبعد أخذ ورد.. ونفي وتأكيد نجحت ايران بمساعدة روسيا والصين في سحب ملفها من مجلس الامن والعودة به الي طاولة المفاوضات.. وهو مايعني استدراج امريكا الي تقديم تنازلات وضماناتت امنية وصفقات كلها تصب في خانة تفاسم الهيمنة علي منطقة الشرق الاوسط التي اكتفي العرب فيها بموقع المفعول فيه وفي احسن الاحوال المتفرج علي ما يجري. المهم أن إيران التي حصلت علي صفقة حوافز اوروبية امريكية لم تسارع بالاعلان عن قبولها اور رفضها لكنها تمسكت بان تبدأ المفاوضات دون شروط مسبقة وهو مادفع أمريكا والغرب الي الذهاب الي مدي ابعد لاسترضائها وفقا لما جاء علي لسان دبلوماسيين في فينيا من ان الولاياتالمتحدة عرضت رفع بعض العقوبات التجارية التي تفرضها علي ايران في اطار المقترحات التي سيقدمها الممثل الاعلي للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي الخارجية خافيير سولانا لطهران وقال دبلوماسي طلب عدم كشف هويته لوكالة فرانس برس ان الولاياتالمتحدة تقترح رفع عقوبات فرضتها في التسعينات علي ايران, في اطار اتفاق يمكن ان تتم صياغته خلال محادثات متعددة الاطراف بعد ان تعلق طهران انشطة تخصيب اليورانيوم وكان قد وصل الي طهران الاثنين ليعرض علي السلطات الايرانية المقترحات التي توصلت اليها الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي (الصين والولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا) والمانيا (مجموعة 5+1) الخميس في فيينا وتتضمن هذه المقترحات عروضا تحفيزية وخصوصا في مجال التجارة لاقناع طهران بالتخلي عن انشطتها في تخصيب اليورانيوم اضافة الي تهديد بنقل الملف النووي الايراني الي مجلس الامن الدولي وقال الدبلوماسي انه خلال المحادثات التي جرت في فيينا حول المشروع الذي اعدته الترويكا الاوروبية (بريطانيا والمانيا وفرنسا) "اضاف الامريكيون شيئا الي هذا العرض" وتابع ان الامريكيين "اضافوا الي عرض الاتحاد الاوروبي مكاسب اخري لايران مما شكل مفاجاة" واضاف الدبلوماسي ان هذا يعني ان الولاياتالمتحدة مستعدة علي ما يبدو "ليس فقط للسماح لاوروبا ببيع طائرات من طراز ايرباص الي طهران, بل ايضا لتسليم (ايران) طائرات بوينغ" مصنوعة في الولاياتالمتحدة وتابع ان رفع العقوبات الامريكية من جانب واحد سيسمح بتصدير تكنولوجيا زراعية وطائرات مدنية الي ايران", مضيفا ان هذا سيشمل تصدير تقنيات زراعية وهو مجال "تتمتع فيه الولاياتالمتحدة بقدرة تنافسية عالية ومهم لايران التي لا تزال بلدا ريفيا" واكد دبلوماسي آخر ان العقوبات المفروضة علي ايران يمكن ان ترفع "لبيع تكنولوجيا ذات استخدام مزدوج يمكن الاستفادة منها في القطاع المدني وفي القطاع العسكري ايضا" وكانت الولاياتالمتحدة التي تعتبر ايران دولة تدعم الارهاب منعت في التسعينات معظم الصادرات التجارية والاستثمارات الامريكية في هذا البلد وكان المرشد الاعلي للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي رفض ضمنا الاحد عرض القوي الكبري مؤكدا ان طهران يجب الا تتنازل عن "تقدمها العلمي" في مواجهة "التهديدات والرشاوي" أليست ايران بهذا النهج تسير حرفياً علي نموذج كوريا الشمالية التي نجحت عبر المفاوضات في كسب الوقت حتي تمكنت من حيازة القنبلة النووية وهو ما جعل امريكا تجمد عضويتها في محور الشر الذي شملها الي جانب ايران وعراق صدام.