نجحت إيران في أن تحقق الخطوة الأولي في التوصل إلي يورانيوم ذي تخصيب عال وشكل هذا بالطبع عنصر مفاجأة للجميع لاسيما الولاياتالمتحدة وإسرائيل، وينتظر الجميع الآن بعد غد حيث تنتهي مهلة الشهر التي كانت قد منحت لإيران من قبل مجلس الأمن لتجميد نشاطها النووي، والظاهر حتي الآن أنها لن تفعل هذا ولن تذعن لأية تهديدات تلوح بها أمريكا بما في هذا التهديد باستخدام الخيار العسكري وضرب منشآت نووية حيث أكدت مصادر أمريكية وثيقة الإطلاع وجود خطط حربية لضرب مواقع ايرانية بقنابل نووية صغيرة وهو ما سبق لأمريكا وأكدته علي لسان مسئوليها من أن كل الخيارات مطروحة كما ان اعلان رايس اللجوء إلي مجلس الأمن فسر علي أنها تريد منه تفويضاً باستخدام القوة من خلال استصدار قرار يستند إلي البند السابع. بدائل أخري بات مؤكداً فيما إذا فشل مجلس الأمن في التعامل بشكل فعال مع برنامج إيران النووي أن تتبني أمريكا بدائل أخري لمنع ايران بشتي السبل من الحصول علي أسلحة نووية، والبديل الأكثر احتمالاً والذي يتوقعه الكثيرون هو البديل العسكري خاصة مع ما تعكسه تصريحات أحمدي نجاد الرئيس الايراني من أن بلاده لن تخضع لآية ضغوط ولن توقف نشاطاتها النووية وانها ستقطع يد كل من يحاول الاعتداء عليها وانهم مستعدون لكل الاحتمالات. نجاح محدود بانتهاء المهلة المقررة قد يفرض مجلس الأمن عقوبات علي إيران ولكن حتي لو حدث هذا فلن تكون مجدية، فلقد اثبت التاريخ ان العقوبات فشلت في مهمتها ولم تكن ناجحة، أما إذا لجأت ادارة بوش إلي الخيار العسكري فإن ايران علي يقين من أن أمريكا لن تكون قادرة عليها واذا نجحت فسيكون نجاحها محدوداً ولن يخيف ايران وبالتالي لن يدفعها إلي التراجع عن المضي قدماً في برنامجها النووي، ويظل الخيار العسكري موضع اختلاف بين فريقين في أمريكا.. فريق محافظ يدفع باتجاهه وفريق آخر يحذر من عواقبه ويعارض شن أي هجوم ضد ايران والمخاوف كثيرة ويتصدرها الخشية من أن تصبح القوات الأمريكية المتمركزة في العراق ودول الخليج رهينة لأية رد فعل ايراني انتقامية هذا بالاضافة إلي أن الحديث عن نظرية الحرب الكاملة يعد أمراً مستبعداً لاسيما مع العجز الذي تعاني منه ادارة بوش في عدد القوات وإلا ستضطر إلي اعادة نظام التجنيد الاجباري وهو ما يصعب تطبيقه الآن حيث يعيدها إلي فيتنام والمعنويات المحبطة. حرب خاطفة وهكذا تظل نظرية الحرب الخاطفة هي الأكثر رجحاناً والتي تعتمد علي تسديد ضربات جوية لمنشآت إيرانية نووية بهدف تعطيل برنامج إيران النووي. وبعد أن نجح نجاد في أن يستثمر الملف النووي لتعبئة شعبه وتحريك الشعور القومي ضمن مساندة شعبية للنظام فيما اذا حدث أي هجوم أمريكي علي إيران بل وظهر نجاد بوصفه الرذيس المدافع عن الأمة الايرانية ضد امريكا وضغوطها غير الشرعية ونزعتها في الهيمنة علي العالم. وتشير التكهنات إلي امكانية ان يرتفع سعر برميل البترول إلي نحو مائة دولار للبرميل بما يؤدي إلي أزمة طاقة عالمية، ولا يخفي فمثل هذه الخطوة في المقابل ستنعكس بالسلب علي إيران حيث ان البترول يوفر لها ما نسبته 40% من ناتجها الاجمالي. رسائل تهديد أخري ولعل احدي وسائل التهديد التي لوحت بها إيران ما كشفت عنه صحيفة "الصنداي تايمز" البريطانية من أنها دربت نحو أربعة ألف انتحاري من الحرس الثوري سيكونون علي استعداد لضرب وتفجير أهداف أمريكية حساسة في حالة تعرض المنشآت الايراينة لأي هجوم، وقد يطول اهدافا بريطانية واسرائيلية. لقد اثبتت ايران أنها دولة مؤسسات بكل معني الكلمة وبأنها تدار علي أعلي مستوي من حيث العلاقة بين القيادات والشعب والمستوي الراقي في التعامل لم يكن وصول أحمدي نجاد إلي الرئاسة عفوياً فكل شيء يسير وفق تنظيم دقيق في مناخ ديمقراطي حقيقي فلقد كانت هناك أدوار مطلوب لعبها في مراحل معينة وجاء نجاد هذه المرة أكثر تشددا ردا علي المرحلة السابقة التي تولي فيها محمد خاتمي.. واليوم يكفي ايران فخراً أنها نجحت وخرجت بإنجاز مشرف لملفها النووي.