إن أسوأ الأمثلة لفشلنا في تطبيق أساليب الإدارة الحديثة هو ما يجري في مطار القاهرة الدولي حاليا..! فالمطار الذي هو واجهة الدخول إلي مصر والذي يمثل الانطباع الأول للزائرين هو أسوأ انطباع عن بلادنا يمكن أن يحصلوا عليه..! فقد تم اختطاف المطار اختطافا من كل السلطات والجهات التي يمكن أن تديره بطريقة وبأسلوب حضاري يعكس جانبا ايجابيا عن مصر التي تعمل علي استقطاب السائحين والدخول في مصاف الدول السياحية! فمنذ لحظة الوصول إلي المطار الدولي وأمام.. "شبابيك" الجوازات تقف الطوابير طويلة، والقاعة كئيبة ضعيفة الاضاءة، ولا توجد "شبابيك" خاصة لأصحاب جوازات السفر الديبلوماسية والخاصة وركاب الدرجة الأولي، كما لا توجد مقاعد للانتظار للسيدات والأطفال، وتختلط أصوات السادة الضباط وهم يلقون بتعليماتهم لبعض معاونيهم بأصوات موظفي العلاقات العامة الذين يقومون بتخليص بعض المعاملات لأصحاب "التوصيات".. وينحشر الجميع في القاعة الضيقة "نسبيا" حتي تنتهي المرحلة الأولي من رحلة الوصول بسلام! وعند إستلام الحقائب فإن الحابل يختلط بالنابل، والحقائب تقذف بإهمال غريب، وهناك من يقف دائما من العمال وهو يصرخ مناديا زميلا له بالبحث عن حقيبة فلان وعلان في فوضي عارمة توحي بأن هذا هو الحال وهذا هو "النظام"! أما أسوأ المراحل وأخطرها فهي مرحلة الخروج من بوابة المطار، فسوف يكون عليك الاصطدام بعشرات البشر المتجمعين أو المحشورين في منطقة ضيقه في انتظار أقاربهم وأصدقائهم، وقد اختلط معهم مئات من مندوبي الشركات وسائقي السيارات ليموزين وأجرة وهلم جرا والكل يناديك ويحاول ان "يخطفك" "اختطافا" ويحصل منك علي أي شيء، وكل سنة وأنت طيب يابيه. وحمد الله علي السلامة تسمعها من العديد من البشر، وكل واحد منهم ينتظر مقابلا للكلمة الحلوة.. والدخول بسلام..! والمشهد في المطار مأساوي بكل المقاييس، فلا يوجد سلوك حضاري، ولا نظام للناس، ولا إحترام وفهم واستيعاب لأن العديد منهم زاروا بلادا أخري مختلفة وشاهدوا واطلعوا علي مطارات العالم التي صارت تتنافس في تقديم مستويات أخري من الخدمة والأداء! ولقد مللنا الحديث عن شكل ومستوي المطار وفي كل مرة نكتب عن هذا الموضوع نسمع عشرات ومئات التبريرات والأسباب، ونسمع العديد من الوعود بالتطمينات والتحسينات والانضباط والتغيير، ولكننا لا نجد إلا تدهورا في الشكل والمضمون، وتراجعا في الأداء ومطارا لا يليق بإسم مصر ولا بتطلعاتها وما يمكن ان تعبر به عن نفسها أمام القادمين لزيارتها. والقضية في المطار تتعلق أولا وأخيراً بالإدارة، والبعد الحضاري في مفهوم الادارة، والمتابعة الميدانية المستمرة لسير العمل داخل المطار، فالنظافة ليست علي المستوي المطلوب. وبضائع السوق الحرة قديمة ولا يوجد بها جديد وبعض أصحاب المحلات الذين يبيعون منتجات مصرية يتعاملون مع السائح بأسعار مبالغ فيها ولا يقدمون منتجاتهم في شكل لائق من التغليف، ويتصرفون وكأنهم يقومون بالبيع في ميدان العتبة وليس في مطار القاهرة الدولي..! وقمة الكوارث التي لا حل لها هي تلك المتعلقة بعامل النظافة في دورات المياه الذي يحمل معه ورقا "للتواليت" يقدمه لمن يدخل ويخرج علي أنه مناديل ورقية وكل سنة وأنت طيب يا بيه..! ونحن وبكل الصراحة نخجل من شكل مطارنا الدولي، نخجل من الاصوات المرتفعة فيه في كل مكان ونخجل من سلوك البعض في عدم ادراك واستيعاب أهمية دوره وموقعه في هذا المكان الحيوي ونعتقد أنه لابد من دورات تدريبية مكثفة لكل من يعمل في المطار من موظفين ومضيفين أرضيين وعمال وإداريين ورجال أمن..! ولابد قبل هذا كله أن تكون هناك إدارة حازمة مركزية موحدة للمطار تكون أيضا علي مستوي إدارة هذا المكان، وتؤمن بأن هناك قصورا في الشكل والأداء يجب معالجته والتخلص منه، ونتوقف عن البحث عن الأعذار والمبررات ونقارن بين مطارنا الدولي ومطارات العالم الأخري التي يمثل الدخول إليها نوعا من المتعة والجمال والتي تقدم كل الخدمات والتسلية والترفيه والتسوق للسائح..! اننال ا نوجه اتهاما لأحد بعينه بالقصور في أداء الواجب في مطار القاهرة فربما علي العكس كان الجميع هناك يؤدون ما هو أكثر من الواجب في حدود طاقاتهم وامكانياتهم المتاحة وخاصة ضباط الهجرة والجوازات الذين هم الأكثر انضباطا وهدوءا في تعاملهم مع الاعداد الكبيرة التي قد يزدحم بها المطار فجأة، ولكننا نتحدث عن نظام الإدارة ككل الذي يمكن أن ينهض بشكل ومستوي المطار ليجعل منه واجهة مصر الحضارية..! Sayed elbably@ hotmail. com