أعلنت شركة "ميرك" الألمانية للأدوية والكيماويات عزمها شراء شركة "ستشرنج" مقابل 14.6 مليار يورو "17.5 مليار دولار" وبررت ميرك هذه الخطوة بأنها تحقق نوعا من العزة الوطنية للألمان حيث تصنع لهم شركة عملاقة للأدوية. صحيح إن إدارة ستشرنج قد رفضت هذا المنطق ورفضت عرض الشراء برمته مفضلة بقاء الشركة مستقلة ولكن ميرك لم تتراجع عن موقفها وصممت علي شراء ستشرنج لتصبح الشركتان بعد الاندماج ثاني أكبر شركة أدوية في ألمانيا بعد شركة باير وستناهز مبيعاتها ال 11 مليار يورو سنويا. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن جهود ستشرنج لرفض هذا العرض الذي اعتبرته عملية شراء إجبارية لم تنته بعد.. ولكن ما ينبغي وضعه في الاعتبار هو أن السوق العالمي لم يعد مواتيا أمام الشركات متوسطة الحجم في مجال الأدوية، فهي من ناحية تواجه منافسة عاتية من الشركات التي تنتج الأدوية دون ترخيص، ومن ناحية أخري تواجه تصاعدا فلكيا في تكاليف ابتكار أدوية جديدة قادرة علي صنع الإيرادات.. ومع ذلك فلا مفر من الاعتراف بأن شركة ستشرنج تحقق الكثير من الأرباح. وفي العام الماضي بلغت أرباحها 928 مليون يورو عن مبيعات حجمها 5.3 مليار يورو بفضل أدويتها المعالجة لتصلب الشرايين وغيرها من الأنسجة وأدوية منع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم وهي أيضا من إنتاج ستشرنج.. ولكن قسم الأبحاث في الشركة عاني في الفترة الأخيرة من الإخفاقات المتكررة ولم يعد قسما ولودا كما كان في الماضي. أضف إلي ذلك أن أسهم ستشرنج في البورصة موزعة علي العديد من صغار المستثمرين وليست مملوكة أو متركزة في يد عائلة قوية تستطيع الدفاع عنها ولذلك يسهل علي الاَخرين شراء ستشرنج دون مشاكل كثيرة. وما حدث بالفعل أن إعلان عرض ميرك لشراء ستشرنج قد أسفر عن زيادة كبيرة في سعر سهم ستشرنج في البورصة بلغت 25% خلال يوم واحد.. وهذه الزيادة ستؤدي من ناحية إلي إجبار ميرك علي رفع قيمة عرضها في الأسابيع القادمة كما أنها ستؤدي من ناحية أخري إلي نشوب حرب عروض بين مختلف الأطراف الراغبة في شراء ستشرنج. وتتردد حاليا شائعات عن أن هناك شركات أخري أكبر حجما تريد شراء ستشرنج وعلي رأسها شركة نوفاريتس السويسرية وشركة جلاكسو سميث كلاين البريطانية، والطريف أن جويسيب فيتا رئيس مجلس إدارة ستشرنج قد عبر عن أمله في ظهور "فارس أبيض" من بين شركات الأدوية العالمية يتقدم بعرض أكبر من عرض ميرك لتكون المنافسة بينهما هي فرصة ستشرنج للاحتفاظ باستقلالها بعيدا عن الاثنين.. ولكن الشيء المؤكد حتي الاَن هو ما أعلنه بنك الاستثمار الألماني درسدنر كلاينوورت منذ أيام من عزم إحدي شركات التخارج علي شراء ستشرنج طمعا فيما تدره من أرباح. وقد قال تقرير البنك في هذا الصدد إن إتمام هذه الصفقة سيدفع شركة التخارج إلي إغلاق قسم الأبحاث التابع لشركة ستشرنج.. وهكذا يكون تحرك ميرك لشراء ستشرنج لم يسفر عن شيء سوي تقطيع أوصال ستشرنج حتي لو استفاد حملة الأسهم لفترة من الوقت.