يوم الجمعة الماضى، مرت ثمانون عامًا على ميلاد الأديب الكبير الراحل جمال الغيطانى (9 مايو 1945)، وقد سعدت جدًا بالمعرض الخاص الذى أشرف على تجهيزه وإعداده تلميذه الكاتب الصحفى والصديق طارق الطاهر، المشرف على متحف ومركز إبداع نجيب محفوظ الذى يتخذ من «تكية أبو الدهب» مقرًا له على بعد خطوات من الجامع الأزهر، والمشهد الحسينى، حيث دعا رموزًا فكرية وثقافية وإعلامية لافتتاح وتفقد المعرض الذى يؤرخ لرحلة الغيطانى بالوثائق والصور: قرار محمود أمين العالم بتعيينه فى أخبار اليوم، أول حوار أجرى معه باعتباره أديبًا شابًا لفت الأنظار إليه بعمله البديع الأول «أوراق شاب عاش منذ ألف عام»، وانتهاء بآخر حوار أجرى معه فى بيته الذى بناه ووضع أساساته لبنة لبنة: أخبار الأدب، وفى هذا الحوار استشعر دنو أجله عندما قال إنه أشبه براكب جلس فى مقعده فى الطائره، وجذب حزام الكرسى وفى يده تذكرة السفر، وينقصه أن تقلع طائرته. قدرى الجميل أجلسنى زهاء ثلاث سنوات على كرسى الغيطانى عندما توليت رئاسة تحرير أخبار الأدب، ورغم معرفتى المسبقة به أديبًا وكاتبًا صحفيًا، ورغم أنه كان صاحب فضل على فى كثير من النقلات المحورية فى حياتى الصحفية، إلا أنه من الشجاعة أن أعترف بأننى عرفت الغيطانى أكثر بعد رحيله، حيث عرفت عن قرب عظمة الإرث الذى بناه وشيّده، ورأيته فى كل بلد عربى زرته، وكل معرض كتاب شاركت فيه، وكل ندوة شاركت فيها أو تابعتها، أدركت كيف نجح الغيطانى فى أن يجعل من «أخبار الأدب» التى أنشأها عام 1993 أهم صحيفة أدبية فى العالم العربى من المحيط الى الخليج، وكيف أصبحت بالفعل ذراعًا من أذرع القوى الناعمة المصرية، تيقنت ذلك، وأنا أستمع لهذا الرمز الأدبى من المغرب يقول إن أول من تنبأ به كانت «أخبار الأدب»، وذلك فى المشرق يقول إن شهادة ميلاده الحقيقية كانت فى اليوم الذى كتب الغيطانى عنه مقالا، ومن عظمة الغيطانى أنه أسس مدرسة بديعة، وترك بعده تلامذة، أصبحوا أساتذة، يكملون الرسالة من بعده.. لم يبالغ د. أسامة السعيد رئيس تحرير الأخبار عندما قال إن أدب الغيطانى يجعله يعيش ألف عام .