أمريكا تتعامل مع دول منطقة الشرق الاوسط بمنطق العصابات في اشبه بالبلطجي الذي يداهم اي منزل ويقتل من فيه ويسطو علي مقدراته ويهرب بعد ذلك. امريكا زعيمة المافيا ذات النفوذ التي لا يستطيع احد محاصرتها او مساءلتها فالاستقواء يمنحها الحصانة. أريحا أولا.. أكثر من واقعة حدثت خلال الايام الماضية وتحمل اكثر من دلالة.. البداية ما حدث في مقاطعة اريحا التي اجتاحتها اسرائيل في 14 من الشهر الجاري وقصفت مبانيها واعتقلت كل من كان محتجزا بسجنها المركزي ولم يسلم رجال الأمن الفلسطيني الذين اعتقلتهم وجردتهم من سلاحهم وملابسهم ليصطفوا في طابور شبه عراة رافعي الايدي دلالة علي الاستسلام. العملية تمت بدعم ومباركة وتواطؤ من امريكا وبريطانيا. مهرجان القوة الغاشمة.. في إطار مهرجان القوة الغاشمة باتت اسرائيل فوق القانون وتحول مجلس الامن الي مطية لامريكا وبالتالي عندما اجتمع لمناقشة ما حدث نجده قد نأي بنفسه عن ادانة اسرائيل رغم علمه انه بذلك يخذل القانون الدولي ويسقط عن عمد مبادئ العدالة وفي اطار مهرجان القوة الغاشمة تحركت امريكا في اكبر عملية عسكرية ضد سامراء منذ غزو العراق في 20 مارس سنة 2003 وكأنها ارادت ان تسجل وقائع قتل جديدة في صفوف العراقيين قبل حلول ذكري مرور ثلاث سنوات علي احتلال العراق لعلها تقنع الرأي العام لديها بانها علي طريق النصر ولا يهم اذا اصبح الدم العراقي هو الثمن الذي يتعين سفكه من اجل انتصار ادارة بوش. زواج المتعة.. تلتقي أمريكا الشيطان الاكبر مع احد اضلاع محور الشر -ايران- اللقاء اشبه ما يكون بزواج متعة ليتوجا معا مصالحهما المشتركة عبر صفقة تأتي علي حساب العراق خاصة والمنطقة العربية عامة. الخطوة في حد ذاتها تعد درامية وترمز الي عمق وقوة النفوذ الايراني وتشكل اعترافا علنيا بهذا النفوذ في العراق وتأتي في فترة حساسة للغاية تتعلق بالتفاوض مع الدولة العظمي في ملف العراق علي امل ان يتم من خلالها تبادل المصالح بحيث تخرج ايران امريكا من مأزقها في العراق مقابل تخفيف الضغط الامريكي علي ايران فيما يتعلق بملفها النووي رغم ما اشترطته ادارة بوش من ان ينحصر التفاوض حول العراق ويظل منفصلا عن النزاع حول الملف النووي واذا حدث التفاوض فان ايران لن تخسر شيئا بل ستستفيد كثيرا من الذراع الطويلة لها في العراق عن طريق الشيعة التي تمثل امتدادا طبيعيا لها مما يمنحها تفويضا تلقائيا للتدخل في العراق وعلي الملأ. تدخل مرفوض ولاشك أن مثل هذا التدخل يرفضه الكثيرون بل ان التيار الشيعي منقسم علي نفسه فالتيار الصدري يعترض علي تدخل ايران في العراق ويجد ان كل ما يحدث في العراق هو شأن عراقي داخلي ولا يمكن السماح لايران بالتدخل فيه لان تدخلها يعني انتهاكا للسيادة فمصير العراق يقرره ابناء العراق وليس اي دولة اسلامية او عربية كما ان السنة يعترضون علي امر كهذا خاصة وانه يتزامن مع تشكيل الحكومة العراقية وهو ما يثير الشك في ان ايران هي التي ستمهد بذلك الطريق لحكومة تعكس مصالحها بالاضافة الي ان تدخل ايران سيحول العراق ليكون ساحة لحل النزاعات الامريكيةالايرانية. ايران لاعب رئيسي.. طرح الحوار الامريكي الايراني ليس بالجديد ففي نوفمبر العام الماضي ابدي زلماي خليل زاد سفير امريكا في العراق رغبة في الدخول في حوار مع ايران فيما يخص الشأن العراقي ولهذا كانت مخاوف سعود الفيصل وزير خارجية السعودية مبررة عندما تحدث واتهم امريكا بانها سلمت العراق لايران وقد يكون الجديد اليوم هو ان صاحب الدعوة الي هذا الحوار هو عبد العزيز الحكيم اي وجه عراقي وكأنه لا يتورع عن ان يسلم ايران مفتاح مستقبل العراق ولا غرابة فعبد العزيز الحكيم رئيس الائتلاف الشيعي الحالي في العراق وهو احد الوجوه البارزة المحسوبة علي ايران ولربما لهذا السبب لا يشعر بخطورة استدراج ايران الي الساحة العراقية كي تكون هي اللاعب الرئيسي في ادارة شئونه غير ان الحكيم يظل غير مخول كي يتحدث نيابة عن الائتلاف الشيعي كله علي اساس انه يمثل رأي المجلس الاعلي للثورة الاسلامية فقط وبالتبعية لاحق له في التحدث نيابة عن الشعب العراقي كله. ماذا عن المقايضة؟ كل المؤشرات تكاد تجزم بان دعوة عبد العزيز الحكيم لايران بالدخول في حوار مع امريكا لم تنبع من فراغ وانما كانت معدة سلفا خلف الكواليس وان توقيت طرحها جاء قبيل تشكيل الحكومة الجديدة كي يكون لايران الأولوية في اختيار عناصرها ولاشك ان دعوة الحكيم هذه زاخرة بالشكوك ومثيرة للتساؤلات وترتسم امامها اكثر من علامة استفهام خاصة في هذا التوقيت بالذات. وما يخشاه المرء ان تتم تسوية ما بين ايران وامريكا علي حساب المسألة العراقية خاصة وان هناك من ينصب ايران وكأنها اليوم هي التي تملك العراق وتملك الدخول في تفاوض حوله حتي ولو كان هذا التفاوض مع الشيطان الاكبر وتظل دعوة الحكيم غير متفق عليها داخل الائتلاف وبالتالي ينتاب الكثيرون الشكوك في ان الحكيم يحاول ان يسبغ شرعية التواجد الايراني في العراق حتي ولو كان علي حساب الشعب العراقي وكأننا امام مقايضة يتحقق لأمريكا من ورائها ما تريده ويتحقق لايران منها كل طموحاتها الاقليمية في ان يكون لها الهيمنة علي الخليج والجزيرة العربية وكل المنطقة