هذا الزمان رحل ريتشارد قلب الاسد عملاق المسرح العربي حمدي غيث... الفنان الذي احترم تاريخه فيلم نشاهد له عملا ساقطا ولم يتخل عن دوره الريادي الذي عاش من اجله ودافع عنه طوال تاريخه الفني... كان حمدي غيث نموذجا فريدا في الاصرار علي موقفه سواء في اختيار ادواره او محاولاته لتحديث فن المسرح من خلال رؤي واساليب جديدة في التمثيل والاخراج والحوار.. وقد مارس حمدي غيث كل مجالات العمل المسرحي تمثيلا وكتابة واخراجا.. وبقي علي عهده مع المسرح حتي في تلك اللحظات التي تألق فيها مع السينما في الفيلم الشهير الناصر صلاح الدين وكان من ابرز ما قدمه حمدي غيث للمسرح العربي انه فتح الابواب امام شقيقه الراحل عبدالله غيث ليعطي لهذا الفن العظيم فنانا اخر من خلال فنان قدير كانت رحلة الشقيقاين عبدالله وحمدي غيث واحدة من اكثر رحلات الفن جدية واحتراما واستطاع هذا الثنائي ان يتصدر الساحة المسرحية سنوات طويلة.. ومازلت اذكر اول تجربة مسرحية لي في الوزير العاشق وبطلها القدير عبدالله مع سيدة المسرح العربي سميحة ايوب كان من المفروض ان يقدم الفنان الكبير حمدي غيث باخراج المسرحية وبدأنا بالفعل بروفات الوزير العاشق وفيها هذه النخبة النادرة حمدي غيث وعبدالله غيث وسميحة ايوب ولكن حمدي غيث انسحب فجأة وتركنا بسبب اجراءات ادارية عقيمة وبعد ذلك فكر جلال الشرقاوي ان يستعين في مسرحة الخديوي بأربعة نجوم من ابناء جيله هم كرم مطاوع وسعد اردش وحمدي غيث وسميحة ايوب وبعد بروفات استمرت ثلاثة اسابيع توقفت المسرحية وفشلت المحاولة للجمع بين هذه الكوكبة وبعد شهور قليلة ظهرت الخديوي وفيها الفنان الكبير محمود ياسين والقديرة سميحة ايوب في هذه الفترة اقتربت كثيرا من حمدي غيث وشقيقه عبدالله وكنت تشعر معهما بالاصالة الحقيقية وعشق الفن والتقاليد العريقة ولاشك ان حمدي غيث خسارة كبيرة للمسرح المصري والعربي في زمن قصرت فيه القامات وتراجع دور الفن والفنانين ولكن المؤكد ان حمدي غيث قدم رصيدا عظيما في التمثيل والاخراج ووضع اسسا ومناهج لتطوير وتحديث المسرح العربي في فترة من ازهي عصوره.