موجة "التذبذب" القوية التي شهدتها البورصة المصرية منذ فبراير الماضي تجاوزت ما حدث العام الماضي وبالتحديد في مارس 2005 حيث شهد السوق منذ فبراير 2006 انخفاضات قوية تخللتها ارتفاعات طفيفة. وقد أدي ذلك إلي حيرة كبيرة في السوق نظرا لصعوبة تفسير هذه التذبذبات رغم التوقعات السابقة بضرورة حدوث حركة تصحيح بعد الارتفاعات القوية التي شهدها السوق في يناير 2006. ورغم هذه التوقعات إلا أن الانخفاض العنيف للسوق كان مثارا لتفسيرات عديدة منها دخول عدد كبير من المستثمرين الجدد إلي السوق مع الاكتتابات الجديدة وهذه الطبقة من المستثمرين لا يتوافر لديها الوعي الكافي للتعامل في البورصة وكذلك الاكتتابات الجديدة خاصة لزيادة رؤوس أموال الشركات المقيدة في السوق والتي أدت لسحب جزء كبير من السيولة. ولكن كان الاتهام الرئيسي موجها إلي المستثمرين الجدد وأنهم دخلوا السوق بهدف المضاربة علي الاسهم الصغيرة بصفة خاصة وعندما بدأت موجة تصحيح محدودة اندفعوا إلي البيع خوفا من الخسارة.. وقاد هذا الاتجاه رئيس بورصتي القاهرة والاسكندرية ماجد شوقي. ولكن الغريب أنه مع بدء موجة التراجع في فبراير الماضي شهدنا استنفاراً من جميع المسئولين للحديث عن أسباب التراجع والتوقعات المتفائلة لأداء البورصة المصرية خاصة أن الاسعار بها رغم الارتفاعات الأخيرة لا تزال رخيصة.. وشهدنا أحاديث صحفية وبرامج تليفونية كثيرة حول هذا التراجع.. ولكن يبدو أنه باستمرار الانخفاض غير المبرر فضل المسئولون عدم الالتفات لهذه القضية لأنهم قاموا بالفعل بما يجب عمله ونبهوا المستثمرين إلي عدم وجود مبررات للتراجع. ووجدنا أخباراً مختلفة حول اتفاقيات تعاون مع بورصات عربية ومحاولات لجذب شركات عربية للادراج المشترك.. ولا شك أن هذه الخطوت مهمة للترويج للبورصة المصرية ولكن هذا التوقيت غير جيد فجميع البورصات الخليجية في حالة تراجع قوي يدفع هيئات الرقابة والشركات المقيدة والمستثمرين إلي الالتفات إلي أحوالهم وهذا ما رأيناه من مظاهرات في الكويت الاسبوع الماضي وتغيير نسبة الحدود السعرية في السوق السعودي للحد من التذبذبات القوية. ففعلا الوقت غير مناسب لدعوة الشركات للادراج المزدوج أو الترويج للبورصة المصرية في المنطقة الخليجية بصفة خاصة. وكان الافضل الالتفات إلي الداخل ومحاولة الترويج للبورصة المصرية في الداخل فالمستثمر الجديد والقديم في حاجة لمزيد من برامج التوعية.. وأين الاجتماعات الدورية مع السماسرة ليقوموا بدورهم في توجيه لنصح للمستثمرين؟ وأين قواعد العضوية التي نترقب تطبيقها منذ فترة طويلة؟ أسئلة كثيرة ينبغي أن ينشغل بها المسئولون في السوق المصري الآن. وفي ظل هذه الحال اتفق العاملون في السوق علي ضرورةو ضع المزيد من برامج التوعية للمستثمرين في السوق لحمايتهم من اتخاذ قرارات خاطئة تؤدي إلي الحاق الضرر بهم وبالسوق بصفة عامة. كما طالبوا أيضا باعادة الترويج لصناديق الاستثمار كوسيلة آمنة لصغار المتعاملين وأيضا تحمي السوق من القرارات العشوائية لهؤلاء المستثمرين الذين تنقصهم التوعية الكافية بالتعاملات في الأوراق المالية ويظنون أن السوق مكاسب مستمرة. ويري خالد الطيب رئيس قسم البحوث والتسويق بشركة بايونير للأوراق المالية أن الجميع كان يتوقع حركة تصحيح للسوق بعد الارتفاعات القياسية التي شهدها منذ بداية العام الحالي حيث صعد مؤشر كايس 30 خلال شهر يناير 2006 نحو 25% ولكن كان المتوقع أن يتراجع السوق بشكل عرضي وليس بالشكل العنيف الذي حدث. وأشار إلي أن السبب الحقيقي وراء هذا التراجع ينحصر في قرارات استثمارية اتخذتها مؤسسات كبري ببيع جزء من محافظها قبل بدء موجة التصحيح التي كانت متوقعة في فبراير الماضي وقد أثر ذلك سلبيا في السوق مما أدي إلي انخفاض قوي. وأكد الطيب أن حالة الذعر غير مبررة فمن المستحيل تكرار ما حدث عام 1997 فالظروف مختلفة.. فاليوم جميع المؤشرات الاقتصادية تدعم البورصة بقوة ورغم الارتفاعات الكبيرة. التي شهدها السوق منذ بداية العام إلا أن الأسعار لا تزال رخيصة ولا تزال هناك فرص نمو كبيرة. وطالب خالد الطيب بضرورة عودة الاهتمام ببرامج التوعية للمستثمرين في السوق وبأساليب الاستثمار وطرق اتخاذ القرار الاستثماري السليم. وتوقع الطيب أن تعاود السوق الصعود من جديد اعتبارا من الاسبوع الحالي حيث وصل الانخفاض يوم الاربعاء الماضي إلي مرحلة لابد وأن يعاود السوق معها الصعود وهذا ما حدث يوم الخميس مشيرا إلي أن السوق أمامه فرص صعود قوية وفقا لجميع المؤشرات الاقتصادية. وأكد أن تراجع الاسواق الخليجية يمكن أن يكون نقطة في صالح السوق المصري حيث يتجه جزء من الأموال الخليجية إلي الاسهم المصرية التي لاتزال أمامها فرص قوية للصعود. وحول دور شركات السمسرة أكد حسام أبو شملة مدير قسم التحليل المالي بشركة دايناميك للأوراق المالية أن شركات السمسرة تقوم بدورها في توجيه النصح للعملاء من خلال أقسام البحوث بها وهناك قدر كبير من الثقة بين العملاء والشركات التي يتعاملون معها ولكن المشكلة بالنسبة للمستثمرين الجدد أنهم دخلوا السوق علي أساس تحقيق أرباح فقط وليس لديهم الوعي الكافي بأساليب الاستثمار في الأوراق المالية وعندما ينخفض السوق يهرعون لبيع ما لديهم من أوراق ولا يلتفتون إلي نصائح شركات السمسرة. وطالب أبو شملة بضرورة الاهتمام ببرامج لتوعية للمستثمرين من قبل جمعيات الأوراق المالية بالسوق وكذلك بضرورة وجود برامج ترويجية لصناديق الاستثمار لأنها المكان المناسب لصغار المستثمرين وأيضا للمستثمرين الذين ليس لديهم الوعي الكافي للتعامل في السوق. وأوضح أن تجربة صناديق الاستثمار في مصر تم الحكم عليها بالفشل في فترة كانت البورصة تعكس فيها وضع اقتصادي غير جيد.. أما الآن فأداء صناديق الاستثمار جيد ولابد من إعادة الثقة في هذه الاداة الاستثمارية بالغة الاهمية. ووجه أبو شملة اللوم إلي صناديق الاستثمار والمؤسسات التي لم تدخل السوق في هذه الفترة مشترية مستغلة مستويات الاسعار التي وصلت إليها الاسهم المختلفة مشيرا إلي أنه رغم أن الاحصائيات تؤكد أن الافراد يبيعون في حين يقوم الأجانب بالشراء وكذلك المؤسسات إلا أن أحجام التعاملات اليومية والتي تقل عن المليار جنيه تؤكدأن المشتريات محدودة ولذلك يواصل السوق تراجعه غير المبرر.