الغرض الرئيسي من هذه المقالة هو توعية المستثمرين لكي يعرفوا أبعاد الاستثمار في البورصة وحجم المخاطر التي يتعرضون لها عند الاستثمار أو المضاربة وأول ما يجب ان يتعلمه المرء هو الاعتراف بالأمر الواقع وعدم الانسياق وراء أحلام قد لا تتحقق. قد تكون هذه المقالة متأخرة في توقيتها بعد الهبوط الشديد الذي تعرضت له بورصة الأوراق المالية ولكن من الجدير بالذكر أن الاشخاص الوحيدين الذين استطاعوا ان يخرجوا من السوق قبل هذا الهبوط هم الذين اعتمدوا علي التحليل الفني في اتخاذ قرارهم والذين استمعوا إلي آراء المحللين الفنيين "الجيدين" حيث كانت النصيحة هي ان المخاطرة عالية جدا في السوق من الأفضل الخروج والاكتفاء بالأرباح الكبيرة الموجودة بالواقع يقول ان التحليل الفني الذي كان قادرا علي قراءة حقيقية السوق وهو الذي أنقذ الكثير من الأفراد من الخسائر القائمة حاليا. هذا معناه ان الاعتماد علي التحليل الفني في هذه التوقيتات في غاية الاهمية حيث انه يوضح حقيقة الاسواق بدون تجميل وسيساعدنا علي الدخول في السوق مرة ثانية عندما تتحسن الاوضاع كما ان التحليل الفني سيقرر لنا الاستراتيجية في الفترة القادمة وهل سنقوم بمضاربات قصيرة الاجل أم باستثمارات طويلة الأجل. هذا لا يقلل من شأن التحليل الاساسي فالتحليل الاساسي مهم جدا ويساعد علي اتخاذ القرارات ولكننا لا يمكننا بأي حال من الاحوال ان نقل من قيمة التحليل الفني وهو الذي ساعد الذين اعتمدوا علي الخروج من السوق قبل الانهيار الحالي. دعنا نتكلم في نقطة اخري هي المستثمر الذي يستطيع ان يجني أرباحا في البورصة ويستطيع ان يحافظ عليها هو المستثمر الذي يستطيع ان يبني نظاما لنفسه ويحافظ علي هذا النظام وهو شيء ليس من السهل تنفيذه لاننا نحاول ان نلهث وراء كل جنيه ونرفض التضحية بأي فرصة موجودة فالمحصلة النهائية هي خسارة كل ما ربحناه وأكثر من ذلك، هذا معناه ان محللا أساسيا عنده نظام أفضل من محلل فني بدون نظام والعكس صحيح فمحلل فني يطبق نظاما خاصا به افضل من محلل اساسي لا يعرف النظام. النظام هنا معناه معرفة الفرد لشخصيته أولا حتي يعرف ان كان شخصا يحب المغامرة في حياته أم لا، بالقطع إذا كان شخصا لا يحب أن يغامر في حياته العامة يجب الا يقوم باستثمارات تنطوي علي مخاطرة كبيرة. يجب علي الفرد ان يقرر ما اذا كان سيقوم باستثمارات طويلة الأجل أم قصيرة الأجل. يجب علي الفرد أن يعرف المخاطرة الموجودة عندما يقوم بشراء أي سهم لغرض الاستثمار أو المتاجرة ويجب عليه ان يحدد سلفاً ما هي الخطوات التي سيقوم بتنفيذها اذا تحركت الرياح بما لا تشتهي السفن وهذه النقطة مهمة جدا حيث اننا اذا قررنا سلفا الخطوات التي سنقوم باتباعها عندما يتحرك السوق عكس توقعاتنا سنستطيع ان نتحكم في مخاطراتنا ونكون نحن الذين نتحكم في أرباحنا وليس السوق. يجب علي الفرد أيضا ان يتعلم التضحية بجزء من الأرباح اذا كان يري مخاطرة كبيرة في الدخول في السوق وفي بعض الفترات فإن الطبيعة البشرية تجعلنا نشتري ثم نشتري ثم نشتري وكل هذا بالعقل الباطن بدون التفكير فيما نفعله انني أطلب من كل قاريء يقرأ هذه المقالة ان يفكر للحظة في وضعه عندما كان يشتري في الأسعار العالية في السوق هل كان يفكر فيما سيفعله اذا بدأت الأسعار في الهبوط؟ الشراء في الأسعار المرتفعة ليس خطأ لانه لا يوجد فرد واحد علي الكرة الأرضية يعلم متي ستنتهي موجة الصعود ولكن الخطأ القاتل هو ان يكون المستثمر بلا حول ولا قوة اذا تحرك السوق عكس توقعاته وهذا يحدث عندما يفقد المرء السيطرة علي كل شيء وهذا يحدث لان هذا المستثمر لم يفكر للحظة ماذا سيفعل اذا تحركت الأسواق عكس ما هو متوقع؟ الميزة الرئيسية للتحليل الفني هو انه يساعدنا علي ايجاد نظام لأنفسنا ويساعدنا علي النظر إلي الحقيقة كما هو بدون أي تزيين، وقد كان من الواضح في نهاية شهر يناير وأول شهر فبراير أن المخاطرة كانت عالية وأن المؤشرات المختلفة كانت توضح ضعفا في السوق مما يعني ان الهبوط كان متوقعا وهذا ما حدث فعلا. والذين قرأوا هذه المؤشرات بطريقة جيدة وقرروا ان يضحوا بأي صعود محتمل آخر هم الذين استطاعوا ان يحافظوا علي أرباحهم.