أكد خبراء سوق المال أهمية نشر المفاهيم العلمية والعملية للتعامل في البورصة, والعمل علي تأهيل فئات وأجيال جديدة, وتشجيع الراغبين في الدخول لمجال الاستثمار في الأوراق المالية, مؤكدين أن المضاربة في البورصة بدون وعي وثقافة هي السبب الأول في ضياع مدخرات صغار المستثمرين في البورصة. جاء ذلك في ختام أعمال ورشة عمل مدرسة البورصة التي أقيمت بجامعة عين شمس علي مدار أسبوع كامل بهدف تفعيل دور المنظمات الدولية والجامعات المصرية في توعية ونشر ثقافة الاستثمار. وقال وائل عنبة خبير أسواق المال وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار: إن توعية الجمهور بأساسيات الاستثمار في سوق الأوراق المالية تعتبر أهم الأهداف التي تسعي إليها إدارة البورصة المصرية, مؤكدا أن توعية المستثمر تعد عامل أساسي لإيجاد سوق أوراق مالية قوية, مطالبا بتفعيل دور للمنظمات الدولية والجامعات المصرية لدعم نشر الثقافة بين المتعاملين الجدد والقدامي بحيث يكون الأفراد علي وعي كامل بما تعكسه تحركات أسواق الأوراق المالية حتي وإن كان الفرد بعيدا عن فكرة الاستثمار فيها. وأوضح أن من أهم المزايا التي تتحقق من نشر ثقافة الاستثمار في الأوراق المالية هي تأهيل جيل جديد من المستثمرين عن طريق نشر المفاهيم العلمية للتعامل في البورصة, والعمل علي تأهيل فئات وأجيال جديدة, وتشجيع الراغبين في الدخول لمجال الاستثمار في الأوراق المالية, بالإضافة إلي الحد من المخاطر عن طريق تأهيل الأفراد للبدء في الاستثمار السليم والحد من المخاطر التي يتعرض لها المستثمر في حالة دخوله للاستثمار في سوق الأوراق المالية دون دراسة وتدريب علي أيدي خبراء في المجال مثلما يحدث في بعض الدول من تدريب عملي علي الاستثمار في البورصة, هذا إلي جانب تلبية احتياجات سوق العمل في مجال الأوراق المالية بكوادر تمتلك جميع المهارات المطلوبة علميا ومهنيا بشكل متميز مع العمل علي تحصيل جميع التقنيات الحديثة في هذا المجال تدعيم ثقافة المستثمرين الحاليين والمحتملين لتحقيق أفضل العوائد من العملية الاستثمارية بتعليمهم مهارات لتحليل المالي والتحليل الفني وقراءة شاشات التداول وإدارة المحافظ والتعاتمل مع الأخبار. وقال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار: إن من أهم أسباب الخسارة في استثمارات الأفراد هو استفحال أحد غريزتي الجشع والخوف وعدم الموازنة بينهما, ودليل ذلك ما حدث في سوق الأسهم المحلي, إذ دفع الجشع الكثير من المستثمرين بصب كل مدخراتهم في سوق الأسهم حالمين بالأرباح الطائلة, وغير آبهين بالأسعار المرتفعة, ومختلقين الأعذار لتبرير هذا الارتفاع واستمراره, ولا يقتصر الأمر علي مصر فقط, ففي السوق الأمريكية عندما ظهرت ضجة بأن الإنترنت سيحل كل إشكاليات العالم, بما في ذلك تغيير مفاهيم الاستثمارات, ومن ثم شهدت أسهم التكنولوجيا طفرة غير مسبوقة في أسعارها, بل إن كتاب مؤشر داو جونز إلي36 ألفا كان من أكثر الكتب مبيعا في تلك السنة, في حين أن السوق كانت لم تتجاوز حاجز ال10 آلاف نقطة آنذاك. وأكد محسن أن الكثير من المضاربة التي تشهدها البورصة حاليا هي أقرب المقامرة, وهي مسئولة عن إهدار مدخرات الكثير من المستثمرين سعيا وراء الكسب السريع دون عمل حساب للخبرة التي يحتاجها المرء والمخاطرة الكبيرة التي يتحملها بانتهاج هذا المنهج, لذا فالحل بالنسبة لمعظم المستثمرين ينبغي أن يكون بالاستثمار طويل الأجل الذي لا يجعل المرء ينشغل بمد السوق وجزرها من يوم إلي يوم. وقال محسن: إن موجات الانخفاض في أسواق المنطقة العربية عبر السنوات الأخيرة كان لها دور كبير في رفع مستوي الوعي لدي المستثمرين الأفراد بالمخاطر المنطوية علي الاستثمارات المختلفة بعد أن كانوا ينظرون فقط لعنصر العائد دون الالتفات للمخاطر. وأشار إلي المحاضرات التي تقوم بها الجمعيات والمؤسسات التعليمية والمؤسسات الدولية تهدف إلي إزالة الغموض الذي يكتنف عالم الادخار والاستثمار في أعين الكثير من الناس, كما تهدف إلي تقدم مفاهيم الاستثمارالمختلفة بشكل سهل ومبسط, مما يمكن المستثمر الفرد من اكتسابها وتطبيقها بمفرده, موضحا أن هدف هذا الاتجاه التثقيفي الأساسي هو تمكين المسثتمر الفرد من التحكم بمصيره المالي واتخاذ قراره الاستثماري بنفسه بشكل مستقل, وبعيدا عن ضجة المسوقين, ومصالح المنتفعين, خاصة أن أفضل سلاح يمكن تقديمه لأي مستثمر هو المعلومة التي يفتقدها الكثيرين. وأكد محمود شكري المحلل الفني لسوق المال وعضو الجمعية المصرية للمحللين الفنيين أنه يجب تفعيل دور أكبر المؤسسات المالية والجامعات المصرية في نشر وتوعية ثقافة الاستثمار, بل وتوجيه جزء من استثماراتها إلي تنمية المورد البشري, وإعداد جيل قادر علي فهم جميع جوانب سوق المال, كإدراج مواد الاستثمار والتمويل في الأسواق المالية والبورصات ضمن المناهج الدراسية في الجامعات, وأكد أهمية مواكبة المستجدات التي حدثت خلال العامين الماضيين في ظل مستجدات الأزمة المالية العالمية وما صاحبها من تأثير علي الأسواق, لافتا إلي أن الأزمة المالية العالمية أبرزت أهمية نشر الثقافة المالية بين المتعاملين في الأسواق, خاصة أن العديد من الخبراء والمتخصصين أكدوا أن أحد أسباب الأزمة هو غياب الثقافة المالية في الأسواق المالية حتي في بعض الدول المتقدم, خاصة في القطاع المالي غير المصرفي كالبورصات والتأمين.