بعد جولة وزيرة الخارجية الامريكية الاخيرة لمنطقة الشرق الاوسط تحدثت التحليلات كالعادة عن مدي نجاح أو فشل هذه الزيارة في تحقيق اهدافها، ونظرا لدقة الموقف الامريكي ومدي تشابك الظروف المحيطة به في المنطقة فان الهدف الحقيقي من الزيارة التي تعتبر استكمالا لزيارة سابقة قام بها ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي يكاد يختفي في كومة من الموضوعات المطروحة. العراق وما يجري فيه، الاراضي المحتلة وما يحدث فيها بين حماس واسرائيل، الملف النووي الايراني.. الاصلاحات الديمقراطية في الدول العربية، كلها ملفات ساخنة للغاية تحاول الولاياتالمتحدة ان تجد طريقا في منحنياتها الخطرة وخاصة بعد ان تعقدت تلك الملفات بصورة لم يسبق لها مثيل. ولكن السؤال هو المهم اكثر الان بالنسبة للولايات المتحدة: السيطرة علي الحرب الاهلية المصغرة التي تجري الان في العراق.. ام ايجاد حل لمشكلة حماس مع اسرائيل، ام دعم التيارات الاصلاحية في الدول العربية، او التحكم في مسار الملف النووي الايراني. الواقع ان اخطر الملفات حاليا بالنسبة للولايات المتحدة هو الملف النووي الايراني الذي يمثل تحديا مباشرا وقويا لمستقبل نفوذ الولاياتالمتحدة في المنطقة ومدي قدرتها علي ابقاء التوازن الحالي قائما بحيث تبقي اسرائيل هي الدولة النووية الوحيدة بها. ونظرا لخطورة هذا الملف نعتقد ان رايس في جولتها كانت تستهدف اساسا الحصول علي دعم الدول العربية الرئيسية في المنطقة لسياستها تجاه الملف النووي الايراني وتزعم واشنطن ان ايران تسعي لانتاج سلاح نووي، ولكن طهران تقول ان من حقها امتلاك تكنولوجيا نووية للاغراض السلمية، وتصر الولاياتالمتحدة علي ان يكون الاستخدام السلمي للطاقة النووية في ايران تحت رقابة دولية قوية وتري ان تحقيق ذلك لا يمكن اذا استطاعت ايران تخصيب اليورانيوم بعيدا عن اعين الرقباء. والدول العربية كمصر والسعودية ليس من مصلحتها ان تمتلك ايران سلاحا نوويا لان ذلك سيجر المنطقة كلها الي سباق تسلح نووي من ناحية كما انه سيلغي المعادلة الحالية للدول المؤثرة وغير المؤثرة في مستقبل المنطقة، ولذلك تتبني مصر والسعودية فكرة اخلاء المنطقة من اسلحة الدمار الشامل وتطالبان اسرائيل بالتخلي عن اسلحتها النووية والانضمام الي معاهدة الحد من الانتشار النووي. وقد ايدت مصر موقف الولاياتالمتحدة في هيئة الطاقة الذرية بانذار ايران باحالة ملفها النووي الي مجلس الامن، ولكن الموقف المصري لا ينطلق من فكرة تهديد ايران وانما ممارسة الضغوط الدبلوماسية عليها لاتخاذ موقف اكثر مرونة يساعد علي حل اللغز.. وكان علي رايس ان تمر بالقاهرة لتشكر القيادة المصرية علي موقفها، وتطلب المزيد من الدعم لانهاء الملف الايراني باسرع وقت ممكن.. وللحديث بقية.