"كوكتيل" من الأزمات مرت بها مصر في الفترة الأخيرة، منها غرق العبارة وإنفلونزا الطيور، وأخيراً توابع شائعة تلوث مياه الشرب. والخسائر الناتجة عن تلك الأزمات يدفعها دائماً البسطاء من الفقراء ومحدودي الدخل. فبعيداً عن السبب والمتسبب في غرق العبارة "السلام 98" نجد أن ضحاياه من الغرقي الذين تجاوزوا الألف هم من المسافرين البسطاء سواء من الفلاحين أو من العمالة الموسمية بالسعودية أو المتخلفين من موسم العمرة طمعًا في أداء مناسك الحج وتم ترحيلهم. وهؤلاء الغرقي الذين لم تظهر جثث معظمهم حتي الآن يفضلون ركوب "البحر" والعودة علي العبارات رخيصة الثمن والتي بها أماكن علي السطح أو بين الطرقات، وتتوافر بها درجة "البولمان" وقد وجدوا ضالتهم في العبارة المنكوبة، والتي يعرف ملاكها "البنميين من أصل مصري" إنهم يتعاملون مع زبون فقير كل أحلامه أن يلتحف بالبحر من أجل أن يصل إلي بلده بأمتعته الثقيلة، وبالتالي لا يفكر في كون تذكرته تحوي ضمانات "تؤمنه ضد الأخطار أم لا"، أو أنها بها بنود قد تجعله في النهاية وحتي بعد غرقه مخطئ، لأنه اختار أن يركب العبارات دون أن يجيد السباحة بالساعات وسط الحيتان وأسماك القرش بالبحر الأحمر! وأيضاً أول ما فكرت الحكومة في خططها "المفاجئة" لاحتواء أزمة إنفلونزا الطيور هو نسف وتدمير وإزالة عشش الفراخ في المدن والقري وقتل دواجن الفقراء، وغلق محلات الفرارجية ومحاصرة مزارع الدواجن، وفرض حظر التجول علي البط والأوز والفراخ، ورفعت شعار "إنسف عشتك القديمة" مع التلويح بتعويض وهمي مليء باللوغاريتمات مثل تعويضات العبارة.. والنتيجة أن ملايين الأسر المصرية البسيطة خسرت مورداً مهماً للدخل أو الاكتفاء الذاتي من بروتين رخيص من دجاج وبيض، وأغلقت محلات الدواجن أبوابها وطلبت الحكومة أصحابها تغيير نشاطهم فخسر المربون والمنتجون والعاملون والمستهلكون البسطاء "الجلد والسقط"، وفي المقابل ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء دون مبرر، وكذلك الأسماك بعد أن اصطاد صيادوها وتجارها في "الماء العكر" وكل ذلك علي حساب المواطن الفقير. بل وعندما انتشرت شائعة تلوث مياه النيل وتكالب المواطنون علي شراء المياه المعدنية والتي باعت شركات ملايين الزجاجات وكسب أصحابها الشركات ملايين الجنيهات ولا نبرأهم من كونهم وراء تلك الشائعة اضطر المستهلكون حتي الغلابة منهم إلي تخزين المياه المعدنية خوفاً علي حياتهم وحياة أبنائهم، ودفعوا من قوتهم ثمن تلك الشائعة، ذلك لأنهم دائماً يدفعون فاتورة وجشع المنتجين وتلاعب التجار وحتي أخطاء الحكومة.