لا أتصور أن تتوقف الحياة في مصر ويصاب الشعب المصري بملايينه السبعين بحالة من حالات الهيستريا الحادة بسبب شائعة انتشرت مثل الحريق في كل بيت وأصابت كل أسرة.. والغريب أن يحدث هذا دون أن يفكر المصريون في حقيقة الشائعة وإمكانية حدوثها.. إن الشائعة تقول إن مياه النيل تلوثت بسبب إلقاء الطيور الميتة في مجري النيل وإن ذلك تسبب في تلوث مياه النهر.. وكان من المفروض أن يسأل كل إنسان نفسه هل ثبت بالفعل أن الطيور الميتة ألقيت في النيل.. وهل يمكن أن يتسبب ذلك في نقل الفيروس إلي المياه.. وهل من المنطقي أن تحمل الطيور الميتة الفيروس إلي هذه الكمية الضخمة جداً من المياه الجارية.. وكان ينبغي أيضاً أن نسأل أنفسنا عن عمليات تنقية مياه الشرب واستخدام الكلور والأساليب الحديثة خاصة أن في مصر أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا تنقية المياه من خلال محطات حديثة. إن سكان القاهرة والجيزة الذين أصابهم الفزع والهلع لا يشربون من مياه النيل مباشرة كما أن مياه الشرب النقية تمتد في معظم محافظات مصر والأماكن الأخري تستخدم المياه الجوفية وهي بعيدة عن مياه النيل تماماً.. والغريب في ظاهرة الشائعات في مصر هو هذا الانتقال الصاروخي الذي يجعل الشائعة في كل بيت بعد 5 دقائق لقد استخدم البعض في ذلك رسائل المحمول وهذه هي كارثة تكنولوجيا العصر كما أن المناخ العام يساعد علي انتشار الشائعات بسرعة رهيبة يضاف لذلك كله أن هناك حالة من عدم الثقة بين المواطنين والمسئولين ولاشك أن ذلك يعطي فرصة أكبر لمثل هذه الشائعات.. ولا أحد يعرف حتي الآن من كان وراء هذه الشائعة هل هي شركات المياه المعدنية التي حاولت استغلال الأزمة والظروف الصعبة التي تعيشها مصر في ظل كارثة بيئية ضخمة مثل أنفلونزا الطيور.. وكيف نواجه مثل هذه الأساليب التي لا تراعي حرمة وطن ومسئولية شعب.. ولكن يبقي قبل ذلك كله أن المصريين في حاجة إلي درجة أكبر من الوعي حتي لا يقعوا فريسة الشائعات والأخبار الكاذبة.. وهذا الوعي يتطلب جهداً خاصاً من الإعلام والأسرة والمدرسة لأن أغاني الفيديو كليب أفسدت عقول الناس ودخلت بنا إلي متاهات من السلبية والسذاجة والتخلف حتي أننا أصبحنا نصدق كل شيء دون أن نسأل أو نفكر أو نحاول الوصول إلي حقيقة الأشياء.