بعد أربعة أعوام من إعلان شركة إنرون الامريكية للطاقة عن افلاسها بدأت قبل ايام محاكمة عدد من مسئوليها وعلي رأسهم الرئيس التنفيذي السابق "كينيث لاي" ومديرها السابق جيفري سيكلنج وسط اتهامات بالقيام باحتيالات مالية علي نطاق واسع وصفت حينها بأنها اكبر عملية احتيال في التاريخ واعقبتها سلسلة من الفضائح طالت شركات امريكية اخري لا تقل وزنا عن انرون والتي كانت يوما اكبر شركة لتوليد الكهرباء في امريكا ومن هذه الشركات "وورلد كوم" و"ادلفين" وببساطة يمكن القول ان امريكا اصيبت "بشوطة" من الفضائح هزت اسواق المال ودفعت البورصة الامريكية الي تغيير لوائحها بل والزام الشركات الاوروبية بتوفيق اوضاعها وفقا لهذه اللوائح. وبعد مرور اربعة اعوام تم احتواء القضية التي امتدت الي القطاعين الخاص والعام علي السواء ورغم الهيكلة المالية التي كانت في الظاهر بالغة الدقة الا ان الاضرار ظهرت واضحة في اسواق الاسهم وانفضح الامر عندما انخفضت الاسهم فانكشف الموقف المالي للشركة والتي كانت تتلاعب في القواعد المحاسبية بحيث تظهر ان الشركة رابحة بخلاف الواقع. والغريب ان القضية التي ستنظرها محكمة ولاية هيوستون وهو المقر الرئيسي للشركة لن توجه تهمة الفساد الي المتهمين بل سيتم توجيه اتهامين اثنين لهم وهما التآمر والاحتيال المالي وسيكون للمحلفين وحدهم الحق في تحديد مدي مسئولية المتهمين عن هذه الاتهامات والاعتماد علي الادلة المتوافرة لدي المحكمة واستبعاد اي ادلة لم تعلن في محاولة لابعاد المتهمين عن ضغوط الرأي العام. ويسعي فريق الدفاع من جانبه الي ابعاد القضية عن تأثيرات الرأي العام الغاضب والتركيز فقط علي اثبات ان موكليهم لم يكونوا علي علم مسبق او لم يشتركوا في هذه العمليات وهي مهمة صعبة وفقا لرأي خبراء قانونيين. وكان المدير المالي السابق للشركة "اندي فاستو" قد اقر بالذنب وقدم اعترافات خطيرة من شأنها ادانة كبيرة المديرين التنفيذيين والمدير المالي "ماسرز" وهو المتهم الاول في القضية مقابل تخفيف الحكم عليه وحتي الان اقر نصف المتهمين بالذنب ووجهوا اتهامات خطيرة لمديريها فيما يشكك الدفاع في هذه الاعترافات. وتدافع وزارة العدل الامريكية عن طول مدة المحاكمة الي هذا الحد مشيرة الي ان الهدف هو تحقيق العدالة وتهدئة روع المستثمرين الذين تكبدوا خسائر كبيرة وعدم التأثير علي قناعة هيئة المحلفين احقاقا للعدالة في حين يري اخرون ان هذا التطويل يضر بالعدالة ويؤدي الي طمس الكثير من الادلة. وهناك مؤسسات اخري متورطة مثل "ميريل لينش" و"سيتي بنك" و"جي بي مورجان" والمتهمة انها لعبت دورا في التلاعب باسهم انرون. الا ان هناك خبراء اخرين يطالبون بحكم رادع يعيد الاخلاقيات الي قطاعات الاعمال ويجبرها علي احترام القانون بل ويطالب البعض بتشديد القانون ليصبح اكثر ردعا. ويتوقع ان يكون الحكم في هذه القضية بمثابة سابقة قضائية بالنسبة للشركات الاخري المتهمة بالتلاعب في الحسابات والاحتيال والتحايل علي المستثمرين.