ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    «الصحة» تبدأ تقييم أداء القيادات الصحية بالمحافظات استعدادًا لحركة يوليو السنوية    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    الدفاعات الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي إسرائيلي وتسقط مسيرتين جنوب طهران    الشرطة الإيرانية: اعتقال عميلين تابعين للموساد جنوب طهران    الجبهة الداخلية الإسرائيلية: على الإسرائيليين البقاء بالقرب من الملاجئ    باريس يستهل مشواره في مونديال الأندية برباعية في أتليتكو مدريد    انخفاض درجات الحرارة والعظمى في القاهرة 34    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    نوير يعادل إنجاز الشناوي التاريخي في كأس العالم للأندية    إيران تعلن اعتقال عملاء للموساد وضبط كميات كبيرة من المتفجرات    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد وفاة شقيقها نور الدين    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    الرئيس الإماراتي يبحث هاتفيا مع رئيس وزراء بريطانيا التطورات في الشرق الأوسط    إعلام إيراني: صاروخ يسقط على مطار بن جوريون في تل أبيب    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    باريس سان جيرمان يجتاز عقبة أتلتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    القنوات الناقلة لمباراة السعودية وهايتي مباشر اليوم في كأس الكونكاكاف الذهبية 2025    عادل مصطفى: الأهلى قدم أفضل شوط له من 10 سنوات وفقدان التركيز سبب التراجع    هيمنة باريسية.. سان جيرمان يضرب أتلتيكو برباعية في كأس العالم للأندية    مروة عيد عبد الملك تحتفي بتسجيل 1000 هدف مع نيس    مدرب بوكا جونيورز: علينا معرفة قيمة أنفسنا أمام بنفيكا    سعر الذهب اليوم الإثنين 16 يونيو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    اعرف نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة الإسكندرية بالاسم ورقم الجلوس    فاجعة في الصف، انتشال 4 جثث ومصابين من أسفل أنقاض مصنع طوب منهار بالجيزة    مصدر: ارتفاع ضحايا حادث مصنع الصف ل4 وفيات ومصابين    مصدر: إصابة رئيس ومعاون مباحث أطفيح و5 شرطيين وسائق في مداهمة أمنية    "التموين" تسمح للمصطافين بصرف الخبز المدعم بالمحافظات الساحلية حتى 15 سبتمبر    أحمد موسى: «إسرائيل تحترق والقبة الحديدية تحولت إلى خردة»    عرض «صورة الكوكب» و«الطينة» في الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    أحمد سعد يبدأ صيف غنائي حافل من الساحل.. ويحتفل مع طلاب الجامعة الأمريكية    ظهور مختلف ل كريم فهمي في «220 يوم».. والعرض قريبًا    عبير الشرقاوي: والدي كان حقاني ومش بيجامل حد    الهجوم الإيراني يفضح ديمقراطية إسرائيل.. الملاجئ فقط لكبار السياسيين.. فيديو    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    أسباب الوزن الزائد رغم اتباع نظام الريجيم    لميس الحديدي: كرة اللهب تتناوب بين تل أبيب وطهران.. ولا نهاية قريبة للحرب    شباب القلب.. 4 أبراج تتمتع بروح الطفولة    أمين الفتوى يوضح حكم الزيادة في البيع بالتقسيط.. ربا أم ربح مشروع؟    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوجيهات رئاسية جديدة تتصدر نشاط السيسي اليوم    التعليم: تدريب مجاني لمعلمي الإنجليزية بالتنسيق مع السفارة الأمريكية -(مستند)    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وإلقاء جثته بمقابر أسوان    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    ترقب وقلق.. الأهالي ينتظرون أبناءهم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة| شاهد    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    أولياء أمور طلاب الثانوية العامة يرافقون أبنائهم.. وتشديد أمنى لتأمين اللجان بالجيزة    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصحاب الفخامة حملة شهادات إدارة الأعمال: عفوًا لقد انهار الاقتصاد العالمي بسببكم

هذه ترجمة لتقرير مهم نشر في قسم الأعمال Business في مجلة «ذا إيكونوميست» The Economist البريطانية المرموقة بتاريخ 26 سبتمبر 2009. وهو تقرير مهم يفتح العيون النائمة لأنه يحتوي علي تحليل مبتكر وعميق وأكثر من رائع يربط بذكاء بين «مناهج الدراسة في كليات الأعمال وأخلاقيات العمل في كبري الشركات» من جهة ومع «الكارثة المالية العالمية» من جهة أخري. وهو تحليل ضروري لكل طالب وبرفسور وعميد في أي كلية أعمالBusiness School يتخرج فيها حملة ماجستير إدارة أعمالMBA بل ورؤساء تلك الجامعات والأهم للمديرين التنفيذيين في الشركات الكبري ، وهذا ربط مبتكر لم يسبق أن قرأت مثله مطلقا.
ويستخدم الكاتب مصطلح Business Schools وترجمته بدوري ليصبح «كليات الأعمال» أو ما اشتهر عربيا بكليات «التجارة» أو «الإدارة» أو «العلوم الإدارية» (مع التحفظ علي كلمة «علوم» كما جاء في التقرير) أو «الإدارة الصناعية» كما في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران التي أعتز أني تخرجت منها مهندسا مدنيا في نهاية عصرها الذهبي.
وتركت مصطلح HBS بدون تغيير وهو اختصار لكلية Harvard Business School «كلية هارفارد للأعمال» نظرا لشهرته الفائقة وكثرة تكرره في التقرير لدور خريجيها من حملة MBA المحوري والمهم في الكارثة المالية العالمية كما يثبت الكاتب!!
وعنوان التقرير من اختيار المترجم لأن العنوان الأصلي معقد نسبيا ولا يوصل رسالة التقرير بوضوح وهو The Pedagogy of the Privileged وكلمة بيداغوجياPedagogy تعني «علم التربية أو أصول التدريس» ويصبح العنوان بعد التصرف قليلا في الترجمة «علم أصول التدريس/التربية للناس الأكثر حظا» أو بعد تصرف شديد وتعريبPedagogy كما هو جار في بعض دول المغرب العربي «بيداغوجيا المميزين/الأثرياء».
إمضاء شومبيتر
كما أن اسم كاتب التقرير غير مذكور ولكن التقرير نشر تحت عمود شرفي يحمل اسم «شومبيتر» Schumpeter. وجوزف شومبيترSchumpeter Joseph (1950-188) هو مفكر نمساوي عظيم ومرموق متخصص في علمي الاقتصاد والسياسة. وهذا العمود الشرفي الذي يحمل اسمه بدأ في الصدور في قسم الأعمال في مجلة «ذا إيكونوميست» مؤخرا في 19 سبتمبر 2009، والنقطة المهمة التي يبدو لي أن الكاتب يود أن يوصلها هي مقولة شومبيتر الإنسانية الخالدة: «مديح الرأسمالية لا يعني مطلقا عدم نقد ممارسات بعض الأشخاص الرأسماليين أو رجال الأعمال أو كبار موظفي الشركات العملاقة عند وجود المبرر وبالعكس»، وهو بالطبع أمر منسي تماما حاليا!!
وجاء في إعلان تدشين هذا العمود الشرفي معلومة وجدتها رائعة وتشرح سر ظاهرة عجيبة ومريبة وهي دخول كبار رجال الأعمال بهوس إلي مجال العمل الخيري والتي لم يفطن لسببها السيكولوجي البسطاء مثلي: «كثير من أعظم رجال الأعمال صاروا ينهمكون في العمل الخيري Philanthropy لممارسة خدعة نفسية عكسية Reverse Psychology لإيهام أنفسهم بإعادة كسب الاحترام لذواتهم (أرواحهم وضمائرهم) من جديد بعدما فقدوا هذا الاحترام بسبب أساليبهم غير الشريفة أثناء ممارساتهم لأعمالهم».
وعندما ترد كلمة ماجستير نقصد بها «ماجستير إدارة أعمال» Master of Business Administration MBA. وهناك بعض الهوامش للمترجم بعد التقرير. والتعليقات الموضوعة بين هلالين ، كذا (...)، هي للمترجم.
إهداء من المترجم إلي : أصحاب الفخامة حملة شهادة ماجستير إدارة الأعمالMBA التي نكب حاملوها الاقتصاد العالمي كما يثبت هذا التقرير
نص التقرير
كليات الأعمال لم تفعل شيئا يذكر لإصلاح أنفسها في ضوء أزمة الائتمان العالمية....
لقد كان هذا عام حصاد الرماد والحزن لكليات الأعمال في العالم. فقد اتهمهم النقاد بانتاج منهج تعليمي وتربوي ساهم في دمار اقتصادي. العديد من البروفسورات قبلوا علي الأقل بعض المسئولية عن الكارثة المالية/الاقتصادية العالمية، وبعض العمداء النزيهين لهذه الكليات بدأوا بالفعل في وضع خطط من أجل إصلاح المناهج داخل تلك الكليات.
ولكن ما النتيجة؟ لا شيء يذكر تقريبا!!! كليات الأعمال أدخلت مقررات قليلة جديدة كرد فعل علي الأزمة المالية العالمية. طلاب HBS ابتكروا وأدخلوا تعهد/قسم طوعي/اختياري ل «خدمة الصالح الأعظم» (تعليق المترجم: أي العمل بشرف ونزاهة للصالح العام وبدون غش أو خداع في مجال البيزنس) من بين الأهداف النبيلة الأخري، والتي اعتنقها ونفذها ما يقرب من نصف الخريجين لهذا العام. ولكن بالنسبة للجزء الأكبر فإن المنهج الدراسي في كليات الأعمال بقي كالمعتاد. عمالقة تدريس الإدارة جاهدوا بقوة ليصححوا الوضع ولم ينتجوا شيئا يذكر.
هذا أمر سيئ للغاية، لأنه لا يجب عليهم الاقتناع تماما بفكرة أن كليات الأعمال كانت «سببا في الكارثة»، لكي يبادر عمداء كليات الأعمال بتغيير وتطوير مناهجهم، علي الأقل قليلا، كرد فعل مطلوب في ضوء الكوارث المالية الأخيرة.
معظم القياديين في قلب الأزمة - من ديك فولد (1) في «ليمان براذرز» إلي جون ثين (2) في «ميريل لينش» إلي آندي هورنبي (3) في «اتش بي او اس» (HBOS)التي أصبحت جزءًا من مجموعة (لويد البنكية العملاقة) ، لديهم ماجستيرات إدارة الأعمال ( MBAs) في الواقع، مستر هورنبي كان الأول علي دفعته في .(HBS!!)
في السنوات الأخيرة انتهي المطاف بنحو 40% من خريجي كليات الأعمال إلي العمل في «وول ستريت» ، حيث طبقوا بدأب التقنيات والمناهج التي كانوا قد أنفقوا ثرواتهم علي تعلمها في كليات الأعمال. لا يمكن لكليات الأعمال الادعاء بأن مهمتها هي: «تعليم وتخريج القياديين الذين يصنعون فارقا في دنيا الأعمال» ، كما تدعي دائما بفخر HBS ، ثم تتبرأ من أفعال خريجيها عندما يكون ذلك «الفارق» الذي صنعوه في دنيا الأعمال «شريرا ومدمرا».
تغيير المناهج
السؤال الحقيقي ليس ما إذا كانت كليات الأعمال تحتاج إلي تغيير في مناهجها، ولكن كيف بالفعل؟ واحد من أكثر الأجوبة الشائعة ، وكثيرًا ما يسمع من خارج الكليات، وأحيانا من داخل الكليات نفسها، هو أن تعليم الإدارة يجب أن يبدأ من الصفر Scratch مرة أخري. بناء علي هذا الرأي، هذه المؤسسات العلمية، في هذه اللحظة، ليست سوي أكثر قليلا من معاهد لتعليم خدع الاحتيال غير الشريفة في مجال الأعمال، وهي مبنية علي وهم خاطئ بأنه يمكن أن يتحول «فن الإدارة» إلي «علم» مكرس لهدف سام هو «عدم» تعليم الناس الجشعين كيف يشبعون شهواتهم للمال بأي طريقة.
لكن هذا ليس صحيحا بالمطلق. فقد أكدت دراسة لاثنين من الاقتصاديين، نيك بلوم من جامعة ستانفورد وجون فان رينين من كلية لندن للاقتصاد ، أن الشركات التي تستخدم تقنيات الإدارة الأكثر انتشارا ، من النوع الذي يجري تدريسها في كليات الأعمال ، تتفوق علي أقرانها التي لا تفعل المثل في جميع المعايير المهمة لهذه المسألة ، مثل الإنتاجية ، ونمو المبيعات ، والعائد علي رأس المال. كثير من الشركات في العالم النامي، وليس أقلها الصين، يسعون بقوة لتوظيف المزيد من حاملي ماجستير إدارة الأعمال MBA لتحسين طرقها التقليدية في الإدارة.
وهناك حجة ثانية رائجة وهي أن كليات الأعمال بحاجة لوضع مزيد من التركيز علي أخلاقيات العمل Ethics وعلي المسئولية الاجتماعية للشركات Corporate Social Responsibility. وهناك الكثير من الحديث عن تبني «مبادئ الإدارة المسئولة» Principles Of Responsible Management ، مثل «الاستدامة» و «الشمولية».
وهذا شئ منطقي، فقد كشفت دراسة في 2006 عن مستوي الغش في الكليات أن 56% من طلاب الدراسات العليا في تخصص الأعمال قد غشوا بالفعل أثناء الاختبارات، في مقابل غش 47% من طلاب الدراسات العليا في التخصصات الأخري. وعزا الباحثون ذلك إلي «سلوك الأقران الملاحظ». Perceived Peer Behavior)) تعليق المترجم: أي أن طلاب الدراسات العليا في تخصص الأعمال يقتدون للأسف بالسلوكيات غير الشريفة كالغش والنصب والاحتيال التي يلاحظونها أو يقرأون عنها في واقع الحياة عن رجال الأعمال وقياديي الشركات) ويفترض أن المزيد من الحديث عن الأخلاق قد يؤدي إلي تغيير هذه التصورات.
ولكن سيكون من الخطأ أن نتوقع الكثير من المسئولية الاجتماعية للشركات. لقد ناقشت هذه الفكرة كلاً من «كليات الأعمال» والشركات الكبري لسنوات عديدة بدون أن يتحول رجال الأعمال إلي ملائكة (ومن المفارقة أن أحد أكبر دعاة هذه الفكرة كان (اللص) الدكتور كين لاي (4)، الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين لشركة إنرون التي انهارت بفعل غش وخداع رئيسها كين لاي نفسه!! وعلاوة علي ذلك ، الكثير من المعجبين بفكرة المسئولية الاجتماعية للشركات يخلطون بين هذا النوع من «التدمير الخلاق» الذي يجعلنا جميعا أكثر ثراء ، في المدي الطويل ، مع غش وخداع الشركات.
لذلك، ما الذي ينبغي علي كليات الأعمال القيام به لتحسين أدائهم؟ إدخال كورسات أكثر للتاريخ (الاقتصادي) من شأنه أن يساعد في تحسين الوضع بدون شك. عمالقة الاعمال في المستقبل الذين سيتخرجون من تلك الكليات بحاجة إلي تعلم وفهم أن التاريخ الاقتصادي ملئ بالأزمات والكوارث ، وتعلم أن الطفرات تفسح المجال - لا محالة - للانهيارات ، وتعلم أن دورة الأعمال ، بعد أن تنجو من توقعات عديدة للفناء ، تواصل افتراس الاقتصاد الحديث.
124 انهيارًا ماليًا
كارثة 2008 قد تصبح مفاجآتها أقل مما حدث لو كان كل حملة الماجستيرات قد علموا أن هناك ما لا يقل عن 124 انهيارا ماليا سببها بنوك في جميع أنحاء العالم منذ عام 1970، ومعظم تلك الانهيارات قد سبقتها طفرات في أسعار العقارات والأسهم، وتدفقات رؤوس أموال كبيرة، وارتفاع الدين العام (أي أنهم لا يستفيدون من دروس التاريخ الذي «يعيد نفسه» كما يقال.
لنضع دروس التاريخ جانبا، فكليات الأعمال بحاجة إلي تغيير لهجتها أكثر من مناهجها. وخصوصا، تعزيز الفضيلة التوأم: الشك والتشاؤم. الخريجون في السنوات الأخيرة، علي سبيل المثال، يبدو أنهم تقبلوا بسعادة فكرة أن الهندسة المالية الذكية Clever Financial Engineering ، علي نحو ما، يمكن أن تلغي المخاطر والغموض، بينما في الواقع هذه الهندسة المالية جعلت الامور اكثر سوءا. ومن الجدير بالذكر أن فضيلة الشك هي سمة فطرية طبيعية لعمالقة الاقتصاد المالي الخبيرين، خلافا لأقرانهم المبتدئين في مجال الأعمال حتي لوكانوا أذكياء. البرفسور أندرو لو ، من كلية سلون للإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا كان مولعا للإشارة إلي أنه في العلوم الفيزيائية ثلاثة قوانين يمكن أن تفسر 99% من السلوك ، في حين أنه في دنيا الأعمال تحتاج 99 قانونًا، في أحسن الأحوال، لتفسر3 % فقط من السلوك.
حذار من الراعين المتحمسين
الخطيئة الأصلية Original Sin في كليات الأعمال هي الراعين المتحمسين. البروفسورات في كليات الأعمال يميلون دائما الي نفخ/مديح الشركات التي توفر لهم، المواد الخام للتعليم علي أقل تقدير وترعي برامجهم!!! وإذا كانوا محظوظين ، لا مانع من بعض العمل الاستشاري المربح. لقد أنتجت HBS دراسات متملقة/منافقة تقريبا لكل لص وبلطجي من رؤساء الشركات في الآونة الأخيرة ابتداء من شركة «إنرون» سيئة الذكر والتي كانت محشوة بالكامل بخريجين معهم ماجستيرات MBA من HBS، إلي «رويال بنك اوف سكوتلاند». طعم الحوافز للبروفسورات تعزز بوصول قيمة تجارة مايسمي ب «موضات الإدارة الحديثة» Modern Management Fads إلي ملايين الدولارات (تعليق المترجم: تأملوا بعقل تهافت الشركات الخليجية والعربية اللاعقلاني علي تخاريف الدكتور ستيفن كوفي التي لا يفطنون مثلا أنها وضعت للبيئة الغربية فقط وتحديدا البيئة التي يستطيع الشخص أن يعلن أنه يعاني الاكتئاب بدون وصمة عار اجتماعية مثل مجتمعنا العربي المتخلف حضاريا، ولا تناسب تخاريف كوفي مطلقا البيئة العربية والخليجية خاصة فكرة الربح المشترك WIN-WIN الهزلية المضحكة التي أتحدي أنه لا يقدر علي تطبيقها حتي القديسون المعصومون والأولياء). البرفسورات الطماعون - الذين احتل لوغو الدولار مكان البؤبؤ Pupils في عيونهم، أصبحوا يعلنون باستمرار عن ولادة أحدث تقنيات ثورية في صناعة «موضات الإدارة» Management Fads التي تدر عليهم ملايين الدولارات، أو اكتشاف رهيب لما يسمونه نموذج الشركة-السوبر Supercorp كليات الأعمال بحاجة الي افساح المجال للأشخاص الذين لديهم استعداد لنقد ممارسة الشركات التي ترعاهم، وبالتالي لوخز فقاعات الأعمال التجارية ، وفضح وتعرية البدع الإدارية، وبالعموم فضح معظم المديرين الشريرين.
قديما كان الملوك يحضرون مهرجين Jesters ليطرحوهم أرضا من شدة الضحك. ولهذا، حان الوقت الآن لكليات إدارة الأعمال أن تحذو حذوهم. (تعليق المترجم: تهكم ساحق ماحق من الكاتب الذي يقصد فشل بروفسورات وكليات إدارة الأعمال في مهمتهم ومناهجهم لأن ما يعلمونه للطلاب «تهريج» نتج عنه كوارث مالية ويستطيع القيام بذلك بصورة أفضل البلياتشوهات أي المهرجين الكوميديين Clowns المحترفين، مع الإعتذار لكليات الأعمال وناقل الكفر ليس بكافر طبعا!!!).
هوامش المترجم
(1) ديك فولد Dick Fuld : مواطن أمريكي يهودي من مواليد 1946 ويحمل ماجستير إدارة أعمال( MBA وهذا هو الشاهد هنا) من كلية سترن للأعمال التابعة لجامعة نيويورك سيتي. كان يعمل رئيس وكبير الإداريين التنفيذيين لمؤسسة ليمان برذرز المالية العملاقة عندما أفلست في 2008. آخر راتب سنوي قبضه معاليه في عام 2007 كان 22 مليون دولار تقريبا بدون الفكة طبعا (مساكين والله رؤساء الشركات العربية بالنسبة لهذا اليهودي اللص!!). ليمان برذرز تأسست عام 1850 ويعمل فيها 26,000 موظف، وكان انهيارها بداية ماسمي العاصفة الكاملة Perfect Storm التي دشنت الأزمة المالية العالمية الأخيرة وأدت إلي تدخل الحكومة الأمريكية بحزمة إنقاذBailout Package قيمتها 700 بليون دولار لدعم الاقتصاد الأمريكي ومنع انهيار البورصة. ويعتبر انهيار ليمان برذرز أَضخم عملية إفلاس في تاريخ أمريكا.
(2) جون ثين:John Thain مواطن أمريكي من مواليد 1955 ويحمل ماجستير إدارة أعمال (MBA وهذا هو الشاهد هنا) من كلية هارفارد للأعمال HBS عمل رئيسا لبورصة نيويورك من 2004 إلي 2007. كان كبير الإداريين التنفيذيين CEO لمؤسسة ميريل لينش المصرفية العملاقة ونفذ بنجاح عملية بيعها التاريخية لبنك أوف أمريكا الضخم بمبلغ أسطوري بلغ 50 بليون دولار بعد أن نجح في التدليس بمهارة حيث أخفي خسائرها المتوقعة بدهاء قبل البيع. وفي يناير 2009، أعلن كين لويس رئيس بنك أوف أمريكا العملاق أن مؤسسة ميريل لينش خسرت 15 بليون دولار في الربع الأخير فقط من 2008، وطلب تدخل الحكومة لإنقاذ المؤسسة من الإفلاس بمبلغ 138 بليون دولار. وبخ كين لويس رئيس بنك أوف أمريكا جون ثين علي أدائه السيء وطالبه بالاستقالة خلال اجتماع خاص بينهما مدته 15 دقيقة، واستقال ثين بالفعل، وهو بدون عمل حاليا لحسن حظ عالم الاقتصاد والأعمال. وفي يناير 2009، كشف بنك أوف أمريكا عن بعض أوجه فساد ثين وتبذيره حيث صرف 2 مليون دولار تقريبا لتحديث مكتبه، واشتري للمكتب أيضا سجادة بمبلغ 132,000 دولار مع أنتيكات بمبلغ 68,000 دولار. ولهذا اضطر جون ثين للتنازل عن مكافآته السنوية لعام 2008 التي حددها في طلبه لمجلس الإدارة بعشرة ملايين دولار، وصرح أنه سيعيد قيمة تحديث المكتب والسجادة والأنتيكات إلي ميريل لينش من حسابه الخاص. عمل ثين مستشارا اقتصاديا للمرشح الجمهوري جون ماكين وكان متوقعا أن يصبح وزيرًا للخزانة لو فاز ماكين ولكنه خسر لحسن الحظ. وجاء خبر في جريدة «وول ستريت جورنال» يقول: «بعد وصول عرض ميريل لينش لجون ثين لكي يقودها تفاوض ثين ونجح في الحصول علي حزمة راتب ومكافآت Pay Package بلغت 83 مليون دولار سنويا مما جعله ثاني أعلي مدير تنفيذي في أمريكا من حيث الراتب». واستدركت «وول ستريت جورنال» بخبث «ولكن حزمة المكافأة لم تتضمن بندا جزائيا في حالة عدم دقة تنبؤات/توقعات/قرارت جون ثين» (مرة أخري، مساكين رؤساء الشركات العربية العملاقة!! بل ربما بالنسبة لراتب هذا اللص قد تجوز لهم الزكاة!!).
(3) آندي هورنبي: Andy Hornby رجل أعمال بريطاني من مواليد 1967، ويحمل ماجستير إدارة أعمال MBA) وهذا هو الشاهد هنا) من كلية هارفارد للأعمال HBS كان هورنبي كبير الإداريين التنفيذيين CEO لمؤسسة «اتش بي او اس» HBOS التي تعتبر من أكبر المؤسسات البنكية في بريطانيا، ولكنه قادها إلي حافة الإفلاس عام 2008 بخسائر قدرت ب 11 بليون جنيه استرليني حتي تم شراؤها وإنقاذها من مؤسسة «لويدز تي إٍس بي» البنكية البريطانية وأجبرته الحكومة علي الاستقالة بعد الدمج ولكنه حصل علي وظيفة مستشار لمجموعة لويدز البنكية براتب متواضع قدره 60,000 جنية استرليني في الشهر. وصفته الغاردين اللندنية بأنه واحد من ضمن 25 قياديا في العالم تسببوا في الأزمة المالية الأخيرة.
(4) الدكتور كينيث لاي: Kenneth Lay (2006-1942) رئيس وكبير الإداريين التنفيذيين لشركة إنرون Enron وهي شركة أمريكية ضخمة لخدمات الطاقة تأسست عام 1985 في أوماها، نبراسكا، وحصلت لست سنوات متتالية علي لقب رفيع جدا تمنحه مجلة فورتشن العريقة للأعمال وهو «أكثر الشركات الأمريكية ابتكارا»!! انهارت إنرون وأفلست عام 2001 بعد اكتشاف عملية غش وتدليس ضخمة قام بها رئيسها اللص الدكتور كينيث لاي (دكتوراة في الاقتصاد) للتلاعب بسعر سهم إنرون في البورصة الأمريكية لمصلحته الشخصية مع بعض أعضاء مجلس الإدارة المتورطين معه في الخداع. والمفارقة أن اللص كينيث لاي حصل في تلك السنة بالذات علي مكافآته السنوية وهي 42 مليون دولار كرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين لانرون التي كان يعمل بها 22,000 موظف وموظفة عندما انهارت عام 2001. ودخلت التاريخ كواحدة من أكبر وأقذر الفضائح في عالم الأعمال الأمريكي. والأهم والشاهد هنا هو استعمال كلمة «إنرون» كمصطلح صحفي سيء السمعة لأي عملية غش وفساد ومغامرات تجارية هزلية في العالم يقودها مهرجون في عالم التجارة والمال والأعمال!! ووجدت لجنة المحلفين الدكتور كينيث لاي مذنبا ب 11 تهمة غش وخداع وتدليس وتوفي الدكتور كينيث لاي في السجن قبل أيام من صدور الحكم النهائي من القاضي العادل بسجنه 45 سنة فقط!!!
كاتب ومترجم من مدينة الخبر بالسعودية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.