هل حان الوقت الذي يتعين فيه علي شركة فودافون صاحبة أوسع شبكات تشغيل التليفون المحمول في العالم أن تراجع استراتيجيتها كليا؟! تقول مجلة "الإيكونوميست" إن هذه الفكرة ليست جديدة وإن كان الحوار الواسع قد احتدم حولها في الفترة الأخيرة. ويقود هذا الحوار سير جون بوند الذي سيتولي رئاسة مجلس إدارة فودافون في شهر يوليو القادم.. وقد عبر كثير من المستثمرين سواء من الأفراد أو مؤسسات الاستثمار خلال هذا الحوار عن عدم رضائهم علي أداء فودافون واستراتيجيتها فمنذ عام 2004 يتراجع سعر سهم فودافون بالمقارنة مع سعر سهم شركة أخري أصغر حجما هي O2 وهي الشركة التي اشترتها تليفونيكا الأسبانية منذ أشهر قليلة. وقد دعا بعض المستثمرين فودافون إلي بيع حصتها البالغة 45% في شركة فيريزون وايرلس الأمريكية وهي حصة تبلغ قيمتها 25 مليار جنيه استرليني "45 مليار دولار".. وأبدي قطاع اَخر من المستثمرين قلقه إزاء استمرار المشاكل أمام استثمارات فودافون في اليابان.. والملاحظ أن فودافون لا تزال تواصل توسعاتها العالمية رغم الانتقادات الموجهة إلي استثماراتها الأمريكيةواليابانية فقد قامت عام 2005 بشراء شركة تيلسيم التركية لتشغيل التليفون المحمول مقابل 6.2 مليار جنيه استرليني.. وعلي جانب اَخر تصر فودافون علي أن تظل شركة لتشغيل التليفون المحمول فقط علي أن تتوسع عالميا في هذا النشاط بصورة غير مسبوقة.. ولكن هذين القسمين لاستراتيجية فودافون أصبحا محل مطالبات ودعوات بإعادة النظر من كثير من حملة الأسهم. ويقول جون كاريديز المحلل في مان سيكيورتيز إن فودافون تبالغ في وعودها دون أن تفي بما تعد في إطار استراتيجية الحجم الكبير.. فطالما أصرت الشركة علي أن الحجم الكبير يؤدي إلي وفورات ضخمة عند شراء أجهزة التليفون المحمول أومعدات الشبكات والبرمجيات ولكن ما يحدث في الواقع هو أن شبكات فودافون الاقليمية تستخدم GSM في حين تستخدم شبكاتها في اليابان والولايات المتحدة تكنولوجيا مغايرة وهذا يضرب استراتيجية الحجم الكبير في مقتل. ومعروف أن شركة فيريزون وايرلس تستخدم تكنولوجيا CDMA ولذلك فهي لا تخدم استراتيجية وفورات الحجم الكبير، أكثر من ذلك فإن فودافون باعتبارها صاحبة حصة أقلية لا يمكنها أن تروج لنفسها في السوق الأمريكي من خلال فيريزون وايرلس. وفيما يخص اليابان لا تستطيع فودافون استخدام أجهزة مماثلة لتلك التي تستخدمها في أوروبا وتضطر إلي شراء أجهزة خاصة للسوق الياباني حتي لا تفقد المشتركين هناك خصوصا أن السوق الياباني متقدم بعامين أو ثلاثة عن السوق الأوروبي.. أكثر من ذلك فمن المنتظر أن تدخل هذه السوق خلال العام الحالي 2006 شركتان أو ثلاث شركات جديدة لتشغيل التليفون المحمول وهو ما سيجعل المنافسة فيه أشد شراسة مما هي الاَن. ونتيجة لما تقدم تري "الإيكونوميست" إن من مصلحة فودافون مراجعة طموحاتها العالمية، ويقول ديفيد كيومنج رئيس قسم الأوراق المالية البريطانية في ستاندارد لايف إن السوق بدأ يفقد ثقته في قدرة فودافون علي صنع القيمة إذا استمرت في اتباع نفس استراتيجيتها الراهنة.. وما يجعل لهذا الكلام ثقله هو أن ستاندارد لايف مستثمر كبير في فودافون. ومن جانبه يدعو كاريديز إلي تخلي فودافون عن استراتيجية التوسع العالمي وتركز علي تجويد الأداء خصوصا أن أحدث الأرقام التي أذاعتها فودافون منذ أيام تفيد بزيادة عدد المشتركين ولكن مع تراجع في الإيرادات عن كل مشترك "وهو معيار لقياس الكفاءة مستخدم علي نطاق واسع في شركات تشغيل التليفون المحمول" في بريطانيا وألمانيا وإيطاليا واليابان. وفيما يتعلق بالجزء الثاني من استراتيجية فودافون بحصر نشاطها في تشغيل التليفون المحمول سنجد أنه لا يتواكب مع ما يحدث من تطورات عميقة في سوق الاتصالات العالمي.. فشركات الاتصالات بدأت تخرج بين شبكاتها للخطوط الثابتة وشبكاتها للتليفون المحمول وتقدم للمشتركين عروضا خاصة تجمع بين النوعين إلي جانب خدمات التليفزيون الكابلي ووصلات الانترنت عريضة النطاق وعندما تشيع بين الجمهور مثل هذه الخدمة من العروض الرباعية سيصبح اعتماد فودافون علي التليفون المحمول وحده غير كاف لجذب العملاء.. بل إن إيراداتها من التليفون المحمول وحده سوف تقل أيضا مع شيوع تكنولوجيا الاتصال الصوتي عبر الانترنت "فويب" VIOP ذات التكاليف الرخيصة. ورغم ذلك فإن ارون سارين الرئيس التنفيذي لفودافون يرفض هذه الانتقادات حتي الاَن.. ويصر الرجل علي أن فودافون تستفيد كثيرا من وفورات الحجم الكبير كما أنها تستأجر عند الحاجة حصة من الخطوط الثابتة لتقديمها إلي العملاء كحزمة واحدة مع خطوط التليفون المحمول لكل من يريد، ويقول الرجل إن استثمارات فودافون خلال العام الماضي في رومانيا وجمهورية التشيك والهند وجنوب أفريقيا وتركيا كلها تستخدم تكنولوجيا GSM وهي في أسواق اَخذة في النمو السريع.. ولكن سارين لم يستبعد إمكانية تعديل هذه الاستراتيجية لمواكبة المتغيرات.