محمود أبو شادي: الحكومة تريد اليوم شراء "نصف فودافون" ب25 مليارا!.. الإعلان عن الصفقة قد يكون خدعة هدفها تحقيق صعود «وهمي» لسهم المصرية للاتصالات وهذه كارثة! طارق كامل طالب المهندس محمود أبوشادي - رئيس الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات - بضرورة تدخل الحكومة العاجل لحسم الجدل واللغط حول صفقة بيع فودافون مصر للشركة المصرية للاتصالات التي تمتلك الحكومة 80 % من أسهمها، بعد ما نشرته الصحف الأجنبية عن الصفقة وقيمتها التي تصل إلي 25 مليار جنيه تقريباً، واستشهد «أبوشادي» بما فعلته الحكومة الجزائرية عند الحديث عن صفقة بيع أوراسكوم تليكوم حصتها في شركة جيزي الجزائرية لصالح شركة إم تي إن الجنوب أفريقية، وأصدرت الحكومة الجزائرية بياناً واضحاً بينما الحكومة المصرية تلتزم الصمت! وفي حوار خاص مع «الدستور»، أضاف: لابد ألا تترك الحكومة الأمر في يد مجلس الإدارة برئاسة المهندس عقيل بشير ليفاجئنا كل فترة بقرار جديد، كما أن هناك ملاحظة مهمة وهي أن هيمنة الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات علي القرار في المصرية للاتصالات حالياً أكبر 100 مرة من هيمنة سليمان متولي عليها عندما كان وزيراً للنقل والمواصلات، وهذا ليس جيدًا كما أننا نطالب باستقلال جهاز تنظيم الاتصالات نفسه بعيداً عن الوزير لأن هناك ازدواجية في الطريقة التي تعمل بها الحكومة ونحن نريد استقلالية وشفافية ونظاماً للمحاسبة. وأضاف: قد يكون الإعلان عن الصفقة مجرد خدعة، كما حدث وقت الإعلان عن بيع موبينيل لفرانس تليكوم فكانت النتيجة حدوث صعود «وهمي» ورهيب لسعر السهم، ثم عاد مرة أخري لقيمته السوقية وهو ما يتوقع حدوثه مع سهم المصرية للاتصالات، وهذه أحد الأسباب التي أدت لمطالبة عدد من المستثمرين بعزل رئيس البورصة نتيجة هذه الممارسات، وإن تكرر هذا السيناريو مع المصرية للاتصلات سوف تصبح هناك كارثة، وستذهب القيمة الوهمية لسعر السهم لجيوب من لا يستحق. وتساءل: كيف تستطيع المصرية للاتصالات أن تحافظ علي نجاح الإدارة المتحقق حالياً في فودافون في الوقت الذي فشلت فيه إدارة المصرية للاتصالات في إدارة شبكة التليفون الثابت الوحيدة؟ كما أن الهدف من الصفقة غير واضح ولا توجد استراتيجية للتوجهات، فهل الهدف من الرخصة تشغيلي أو استثماري؟ فالمصرية للاتصالات تفخر دائماً في تقاريرها المالية أنها تجني أرباحاً من حصتها الحالية في فودافون والتي تمثل 45 %، لكنها لا تفصل بين أرباح الاستثمار وخسائر التشغيل التي أسفرت عن فقدانها مليونين ونصف المليون مشترك خلال العام الأخير فقط، أولا يفوتنا أن فودافون كانت قد اشترطت ألا تتحكم المصرية للاتصالات في القرار عند شرائها حصة كبيرة فيها وصلت إلي 45 % عام 2006. المهندس محمود أبوشادي الذي كان يشغل منصب نائب رئيس المصرية للاتصالات للشئون التجارية، عاصر الإجراءات الكاملة لبدء امتلاك الحكومة أول شبكة للمحمول في مصر وهي الشركة المصرية للتليفون المحمول التي تحولت إلي موبينيل حالياً، وعنها يقول: كانت شركة وليدة، بدأت كشبكة فقط تم تأسيسها، ثم أصبحت شركة مساهمة مصرية، تمتلك الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية 30 % منه و5 % مملوكة للتأمينات الاجتماعية فترة الوزيرة «ميرفت التلاوي» أما النسبة الباقية مملوكة لأربعة بنوك هي الأهلي ومصر والقاهرة والإسكندرية. وعن رأس مال الشبكة التي تديرها المصرية للاتصالات آنذاك، قال كانت قيمته 600 مليون جنيه فقط، وفي 5 مايو 98، حصلت شركة فودافون علي الرخصة الثانية للتليفون المحمول مقابل مليار و755 مليون جنيه، وكانت تنافسها أوراسكوم تليكوم المملوكة لرجل الأعمال - نجيب ساويرس - لكنه قدم عرضاً مالياً قيمته مليار و295 مليون جنيه بفارق يقل 460 مليون جنيه، لكن الحكومة منحته الشبكة الأولي المملوكة لها بنفس القيمة التي حصلت عليها فودافون علي رخصتها لتسديد بعض الدين الداخلي فترة حكومة الجنزوري وكان قيمته 180 مليار جنيه أما الآن وصل إلي 600 مليار جنيه، ولا أفهم كيف تأتي اليوم الدولة وتشتري «نصف فودافون» ب 3 مليارات جنيه استرليني أي ما يعادل 25 مليار جنيه مصري مقابل حصة قيمتها 55 %! وفيما يتعلق بعدد مشتركي المحمول عند بيع الحكومة لشبكة المحمول الأولي وقال أبوشادي: 80 ألف مشترك وكانت مصاريف التركيب 2000 جنيه لكل شخص لكن الآن عدد مشتركي فودافون وحدها 25 مليون، ثم انتقلت الشبكة الأولي للمحمول بصفة كاملة إلي موبينيل في 21 مايو 98، وإضافة إلي قيمة الرخصة دفعت موبينيل للحكومة 150 مليون جنيه قيمة الشبكة والمعدات وكانت تلك القيمة تزيد علي قيمة الشبكة الحقيقية بنسبة 50 % ثم بقيت الشركة لفترة انتقالية لمدة 3 أشهر تشرف فيها المصرية للاتصالات علي صيانة الشبكة ثم انتقل عدد كبير من مهندسيها إلي شبكتي المحمول. وقال أبوشادي إن طرح رخصة رابعة للتليفون المحمول سوف يزيد من العبء علي جهاز تنظيم الاتصالات، كما أن الأمر يحتاج دراسة جادة لاحتياج سوق الاتصالات إلي شبكة جديدة للمحمول، ففي عام 94 بدأ عرض فكرة إنشاء شبكة للمحمول، وكنت حاضراً الاجتماع إلا أن الأمر قوبل بمعارضة شديدة من الجهات الأمنية ومن وزارة المالية، حتي جاء المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ ووافق الرئيس مبارك علي إنشاء شبكة للمحمول بعد أن كانت سبقتنا قطر في إنشاء شبكة محمول، وقمنا بتقييم تجارب الدول الأخري دون الاستعانة بأي خبير أجنبي، وكان سعر الشبكة الإجمالي وقتها 90 مليون جنيه فقط. وعن تقييم الأصول الكاملة للمصرية للاتصالات، قال: لا يتجاوز 35 مليار جنيه، وكان 27 مليارًا عام 97 وذلك نتيجة معدلات الزيادة والإهلاك الخاصة بالشبكة، وأضاف: القضية الحقيقية تتمثل في مقدرة المصرية للاتصالات علي السداد، خاصة أنها لا تمتلك السيولة الكافية، وبالتالي سوف تلجأ للاقتراض من البنوك، وسبق أن ساهمت البنوك في الرخصة الثالثة للتليفون المحمول، وكذلك ساهمت البنوك في تأسيس شركتي موبينيل وفودافون في أواخر التسعينيات.