علي مدي سبعة أيام كانت الرحلة إلي بولندا بداية من العاصمة وارسو إلي ميناء "جدانسك" علي بحر البلطيق في الشمال، جميع قطاعات الدولة تعمل تحت الجليد باستثناء قطاع الزراعة الذي يتجمد في فصل الشتاء وإن كانت هناك تجارب للزراعة المغطاة تحت ما يعرف ب "الصوبات". ومع زحام الأسئلة التي امتلأ بها الرأس كان لابد من لقاء مع وزير الزراعة البولندي ونائب وزير الدولة في وزارة الزراعة وتنمية الريف السيد فييسواف كوفالسكي الذي تحدث طويلا عن الزراعة البولندية قائلا إن التفاح البولندي أفضل أنواع التفاح في العالم وأن الخبراء يقولون إن المائدة لا تكتمل إلا بالتفاح البولندي، كما أن بولندا تتفوق حاليا علي الدول المتخصصة في إنتاج الجبن والألبان مثل هولندا التي بدأت تستورد هذه المنتجات من جارتها بولندا، بل إنتاج المكرونة البولندية من القمح بدأ يتفوق علي الإيطاليين أنفسهم في مكرونة "الاسباجتي". لكن هناك مشكلات بالطبع أمام قطاع الزراعة لعل أهمها تسويق الإنتاج فالفلاح البولندي لم يتعود علي تسويق إنتاجه إذ كان في الحقبة السابقة لظهور حركة "تضامن" يعتمد علي الحكومة التي تشتري محصوله مقدما، كما أن هناك قضية الدعم الزراعي الذي تمنحه الدول المتقدمة لمزارعيها وهناك يذكر مثال طريف لقيام الملكة إليزابيث بمنح دعم للمزارعين يفوق الإنتاج البولندي الزراعي بأضعاف الأضعاف.. كما أن بعض الفلاحين البولنديين يرفض تلقي دعم من أي أجنبي. ولعل قطاع الزراعة يتسم بالحيوية أيضا إذ يشارك بنسبة 40% من الإنتاج المحلي الإجمالي. ويؤكد كوفالسكي أن الانضمام للاتحاد الأوروبي فتح أسواقا جديدة أمام الصادرات الزراعية البولندية فكان الفائض لصالح بولندا نصف مليار دولار بينها وبين دول الاتحاد الأوروبي ثم تطور الفائض ليصبح مليار دولار في 2005 بعد أن كان ربع مليار دولار في 2001. ولكن مع كل ذلك تزداد الحاجة لتحديث الصناعة لذلك يجري التفاوض مع الاتحاد الأوروبي بشأن تزويد قطاع الزراعة بالتقنيات الحديثة. وبالطبع ضحي الفلاح البولندي في مرحلة التحولات الاقتصادية منذ عام 1989 ومع بداية التغير من النظام الاشتراكي إلي السوق الحر والنظام الرأسمالي فقد أصبح الإنتاج ضخما ولكن في جو من التنافس ويجب أن يتعود الفلاح البولندي علي التسويق والمنافسة، هناك أيضا سبب نفسي اَخر وهو عدم قبول المساعدة من الرأسماليين، كذلك ضرورة تحول الفلاحين لرجال أعمال وهم لم يعتادوا علي ذلك. لكن الشيء الجيد هو الاتجاه للريف حيث يفضل الأغنياء الاتجاه للمعيشة في الريف ويعيش في الريف 40% تقريبا من البولنديين ويلبون 40% من حاجات الشعب الزراعية ويشارك الفلاح حاليا في بناء البنية التحتية بنسبة 17%. أما قضية التعديل الوراثي للمنتجات الزراعية فيري وزير الزراعة أنها مسألة خطيرة وجادة، وهي مسألة خلاف لم تحسم بعد داخل بولندا وتحتاج لجدل طويل لم نصل لقرار بشأنه بعد، أما قضية الدعم الزراعي فقد استفدنا من المساعدات التي منحها الاتحاد الأوروبي حتي قبل الانضمام للاتحاد وقد استخدمنا هذه المساعدات في تحديث الزراعة. وبخصوص التعاون الزراعي مع مصر يقول كوفالسكي إن مصر تزرع في الفصول الأربعة ونحن نزرع لفصل واحد فقط لذا نحتاج للتكامل، لكن المشكلة في النقل والشحن وتعود مصر علي الأسواق التقليدية، إذن ماذا تنتظرون؟ ابدأوا في التباحث التجاري معنا ونحن نريد توسيع العلاقة مع مصر والشرق الأوسط ولدينا حاليا وسطاء لمعرفة هذا السوق ولم نعد في ظل العولمة دولة مقتصرة علي منطقة واحدة في صادراتها أو إنتاجها.