تأخر إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، القديمة أو المعدلة التي يرأسها رئيسها السابق الدكتور احمد نظيف.. واللاحق باذن الله واستغرق وقتا طويلا وصار مثل عملية الولادة المتعسرة لامرأة تعاني من مشكلة عقم حادة ورزقها الله بعد طول انتظار.. ولهفة.. وحققت امنيتها في ان تصبح أما! وفرحت الأم.. وانفض المولد.. وذهب الكل الي حال سبيله.. حدث ذلك بالنسبة للوزراء، فبعد ان دخل من دخل وخرج من خرج أو انتقل من منصبه الوزاري الي موقع وزاري آخر، وانفض المولد.. بالنسبة لهم.. وبعد ان استقرت الامور وانتهت المعاناة نقول للجميع: الف مبروك.. وعقبالكم جميعا ان شاء الله.. الغرض من هذه المقدمة ان يظهر لنا اي مسئول ويخبرنا عن السبب الذي جعل الشعب يعيش في الغموض الكامل قبل تشكيل الوزارة وحتي توقيت اعلانها أو شخصيات اعضائها وكأنه احد الاسرار الحربية الخطيرة! الي درجة ان اسم رئيس الوزراء نفسه ظل مجهولا حتي اللحظة الأخيرة.. وبالمناسبة فان رئيس الوزراء في مصر لا يتمتع بسلطات اي رئيس للوزراء مثل التي نعرفها.. وتعطي شاغلها سلطات دستورية محددة.. لكن رئيس الوزراء في مصر مجرد رئيس مجلس الوزراء.. بمعني انه "كبير للقعدة"! إننا لا نعرف اية معلومات تخص الذين اختيروا لمنصب الوزارة سواء في هذه الحكومة او الحكومات السابقة.. او اللاحقة ايضا..! والأسلوب المتبع للاختيار هو اما ان يأتي الوزير بالمعرفة الشخصية او ان يختار من بين طبقة التكنوقراط.. لذلك لا يعلم احد اسباب اختيار الوزير ولا الوزير نفسه يعلم السبب في اغلب الاحيان ولا نعرف ايضا سبب خروجه.. او اخراجه من الحكومة.. ولا هو نفسه يعرف السبب! لقد قلنا الف مرة ان الوزير الذي يأتي ويخرج بهذا الأسلوب لا يصلح اساسا ان يكون وزيرا مهما تعددت مواهبه! انني لا اهاجم الوزراء ولكنني ادافع عن كرامة المنصب الوزاري الذي لم اشتق اليه في اي وقت.. ولو ان النظام يختار تجربة تعيين وزراء سياسيين بدلا من الوزراء التكنوقراط فان الحال سوف يتغير الي الافضل بكل تأكيد.. لكننا في مصر هناك اصرار علي اختيار التكنوقراط واهل الثقة وزراء، وظل هذا الاسلوب متبعا منذ عام 1952.. وبمناسبة الوزراء الذين يخرجون بدون معرفة السبب امامنا الحالة التي نراها الآن واقصد بها حالة الدكتور عصام شرف وزير النقل السابق الذي منحته جامعة "بيردو الامريكية" جائزة التميز الدولية وهي جائزة تمنح سنويا للمتميزين في مجالات تخصصهم ووجهت الجامعة المذكورة الدعوة له ولاسرته لحضور مراسم لاستلام الجائزة في مقر الجامعة وسوف تحضر الدكتورة مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية في ادارة الرئيس كلينتون الاحتفال. اعتقد ان الدكتور عصام شرف موقفه صعب وحرج.. انني لا أعرفه علي المستوي الشخصي.. ولم اتشرف بلقائه من قبل والجائزة الممنوحة له يستحقها وجاءت تتويجا لابحاثه التي بلغت 140 بحثا وفي مصر حصل علي 3 جوائز تشجيعية من الدولة ونوط الامتياز من الرئيس مبارك.. وكان قد نال درجتي الماجستير والدكتوراه من الجامعة الامريكية "بيردو".. الأمر المؤسف ان الاعلان عن منح الجائزة كان في نفس يوم الاستغناء عن الوزير عصام من الحكومة.. انها مصادفة سيئة للغاية.. والسبب -في رأيي- هو الاسلوب الذي يتم علي اساسه اختيار الوزراء..! اليوم وزير.. وغدا وزير سابق..! لانه سيعود من حيث أتي..! ولا داعي "للزعل"! أحيانا تظهر لنا بعض الاخبار الفكاهية التي تدخل السرور والبهجة في قلوبنا نحن المصريين الخبر هو اتفاق زعماء احزاب المعارضة علي تشكيل حكومة ظل تكون متوازية مع حكومة الحزب الوطني الديمقراطي! المضحك أن احزاب المعارضة تخيلت نفسها احزابا ثم صدقت بان هناك حزبا يحكم اسمه الحزب الوطني الديمقراطي.. والحكاية كلها -كما تبدو- بلا معني.. ما علينا.. لكن ماذا جاء في اتفاقهم الفكاهي؟! تبدأ الاحزاب اياها الموجودة في مصر بتشكيل حكومة ظل.. "اعضاؤها قاعدين في الظل". ويكونون في وضع الاستعداد لتولي مناصب وزارية حقيقية... اي يتنقلون من الظل الي الشمس!! ويصبحون وزراء بحق وحقيق إذا نجحت احزاب المعارضة في الانتخابات في ظل ما يسمي بنظام تداول السلطة وتعتقد هذه الاحزاب ان هذا الاسلوب سيفرز اشخاصا قادرين علي تقلد المناصب الوزارية بشكل طبيعي وفعال! لم يخبرنا اتفاقهم الفكاهي عن اسلوبهم في اختيار هؤلاء الوزراء.. هل من نوع التكنوقراط امثال الذين يحكموننا الآن؟ أم من السياسيين الذين قضت عليهم ثورة 1952؟ أم استيرادهم من الخارج؟! أريد أن أقول كفاية أحلام لن تتحقق فطالما كان هناك حكم شمولي فإن احلامكم ستتحقق حكومة وهمية، "من ظل".. وسلم علي المترو..!