بدأت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في إجراءات إزالة المعوقات الموجودة أمام خروج الشركات والمستثمرين من السوق سواء بالتصفية أو بإعلان إفلاسها أثارت تلك الخطوة جدلاً كبيراً بين المتخصصين ورجال الأعمال ففي الوقت الذي يري فيه البعض أن ذلك سوف يؤدي إلي الفوضي في السوق، بل وتزايد عمليات الهروب من أموال البنوك أو المستثمرين الآخرين إلا أن هناك فريقاً آخر يري أن هذا التيسير سوف يساعد في تحقيق مزيد من الاستقرار في السوق ويمثل أكبر دعاية للاستثمار في السوق المصري، ونفوا تماماً أن تحدث تلك الفوضي التي يحذر منها البعض مشيرين إلي أن تطبيقها سيتم وفق نظام متكامل يكفل الضمانات الكاملة لكل الحقوق. وفيما يلي الرؤي التي طرحها الفريقان المعارض.. والمؤيد لمثل هذه الخطوة.. الدكتور رمضان صديق أستاذ الاقتصاد والمالية بجامعة حلوان يري أن هناك محاذير علي الإجراءات التي سوف تتم بشأن الخروج من السوق بالنسبة لأي مستثمر وتصفية نشاطه مشيراً إلي أن ذلك سوف يتعارض مع الدستور باعتبار أن حرية الانتقال كفلها الدستور المصري للجميع وسوف يعطي ذلك ميزة للبعض علي حساب باقي المواطنين بحجة تمييزهم لأنهم مستثمرون. أما المأخذ الثاني علي تيسيرات الخروج من السوق هو أن البعض سواء كانوا تجاراً أو رجال صناعة أو أياً كان مجال استثمارهم قد يستغل هذه التيسيرات للهروب من حق الدولة وعدم الوفاء بمستحقات الخزانة العامة مشيراً إلي أن ما شهدته الإعفاءات الضريبية عندما تحايل البعض علي انتهاء فترة الإعفاء الممنوحة لمشروعه ليعلن توقفه ويدخل في مشروع جديد للحصول علي الإعفاء مجدداً، ويحذر من أن هذه الإجراءات التي سوف تضعها هيئة العامة للاستثمار قد تجعل المستثمر، خاصة إذا كان أجنبياً يجد الطريق السهل للخروج من مشروعه حتي ولو كان يحقق أرباحاً عالية باسم حرية الخروج من المشروعات. مخاوف ويتفق الدكتور أحمد شوقي رئيس جمعيتي الضرائب المصرية والعربية معه في أن البعض قد يستغل تيسير إجراءات الخروج من السوق وتصفية نشاطه قد يؤدي إلي الفوضي واحتمال حدوث عمليات تصب علي البنوك وعلي رجال الأعمال، ويشير أيضاً إلي أن قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 له العديد من الثغرات فيما يتعلق بالإفلاس والتصفية، والتي قد يستغلها البعض في الاستيلاء علي الملايين من البنوك ورجال الأعمال وغيرهم من المواطنين. ويشير دكتور أحمد شوقي إلي أن البعض من أصحاب المشروعات اتجهوا مؤخراً إلي التخلص من أموالهم عن طريق تسجيلها باسماء أبنائهم وزوجاتهم سواء كانت عقارات أو منقولات ثم إعلان إفلاسهم، ويقول فما بالنا لو قمنا بتيسير هذه الإجراءات لهم معرباً عن مخاوفه بانقلاب الأوضاع إلي فوضي. ويؤكد رئيس جمعية الضرائب أن تسهيل عملية التصفية والخروج من السوق أمر مهم ولكنه يحتاج إلي شروط وضمانات كافية حتي لا ندخل في مرحلة جديدة من الهاربين بأموال الدولة والمواطنين خاصة أن حجم المال العام الذي استولي عليه الهاربون ولم يتم استعادته مازال كبيراً بخلاف المشروعات التي تعثرت ولم تجد السيولة الكافية للخروج من تعثرها. نظام متكامل أما الدكتورة نجلاء نصار الخبيرة في المعاملات القانونية التجارية الدولية فتري أن المسألة ليست في إجراءات تصفية الشركات وتسهيل إعلان الإفلاس، ولكن ضرورة ألا تصل أية شركة إلي مرحلة الإفلاس وذلك من خلال تطبيق مبادئ الحوكمة، والتي أهمها الإفصاح والشفافية حيث تقضي بأن يلتزم القائمون علي أية شركة بالإفصاح عن حالتها المالية بمنتهي الدقة، والتثبت من أن تعثرها لا علاج له بحيث يتم الإعلان عن خروجها من السوق وحكم المحكمة بإفلاسها. وتؤكد دكتورة نجلاء نصار أن نظام الإفلاس والتصفية في مصر يعاني من فراغ قانوني وإجرائي لأنه ينتظر حتي يتم التوقف عن دفع الديون في الشركة ولا يعالج الأمر قبل أن يتفاقم، وتوضح أن النظم الأخري تنظم مثل تلك الحالات المتعثرة والتي يطلق عليها إجمالا "قوانين وإجراءات إنقاذ الشركات" والتي تهدف إلي اتاحة الفرصة للشركة بالاستمرار في نشاطها ويكون الإفلاس هو الحل الأخير، وتقول إنه في الوقت الذي نفكر فيه في تيسير إجراءات الإفلاس يجب علينا أن نعمل مثل جميع دول العالم علي مساعدة أية شركة حتي لا تصل إلي مرحلة الإفلاس.