أثارت تصريحات الدكتور زياد بهاء الدين رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حول إزالة المعوقات أمام خروج الشركات الاستثمارية من السوق سواء بالتصفية أو بإشهار الإفلاس جدلاً كبيراً بين رجال وأساتذة القانون والمتخصصين حيث رأي البعض أن هذه التسهيلات من شأنها أن تزيد الفوضي في الأسواق التجارية وتوجد مناخاً ينتعش في ظله أصحاب النفوس الضعيفة الذين لديهم هواية الاستيلاء علي أموال البنوك والتجار الجادين بينما يري الفريق الآخر أن هذه التسهيلات من شأنها أن تساعد علي تدفق الاستثمارات مادام أصحابها يجدون المرونة في دخول وخروج هذه الأموال ومثل هذه الإجراءات معمول بها في الدول العربية والبلدان الأوروبية ولابد للمسئولين في مصر أن يتكيفوا مع الأوضاع الجديدة أما القول بأن ضعاف النفوس يستغلون هذه الثغرات للنفاذ إلي أموال البنوك والتجار الجادين فمردود عليه بأن المشروع الجيد والشفافية كفيلان بمواجهة هؤلاء. أحكام الإفلاس من الفريق المعارض لهذه الإجراءات يقول سعيد حافظ المحامي بالنقض إن أحكام الإفلاس في قانون التجارة 17 لسنة 99 تضمنت أحقية التاجر أن يشهر إفلاسه إذا ساءت أحواله المالية وأصبح علاجها مستحيلاً وأعطي القانون الحق للتاجر المفلس أن يقيم مشروعاً آخر بخلاف الذي أشهر إفلاسه بشرط أن تكون من أموال خارج التفليسة وهي عملية يصعب إثباتها عملياً مما دفع بالعديد من التجار المتلاعبين إلي الاقدام علي هذه الخطوة بإفلاسهم أنفسهم للتهرب من الديون المستحقة عليهم سواء للتجار أو للبنوك وخلاف ذلك وهذا الإجراء أصبح يستغل كثغرة في القانون مما يزيد السلبيات ويفقد الثقة تماماً في المعاملات التجارية بين التجار فتصاب الحركة التجارية بالشلل وهو ما يمثل عبئا علي كاهل المتعاملين في الأسواق بل ودفع البنوك إلي المغالاة في طلب وتنوع الضمانات للاقتراض لذا فانه يتوقع في ظل التسهيلات الجديدة المزمع ادخالها علي التشريعات الاقتصادية أن يزداد ارتباك السوق وتتزايد الانحرافات الاقتصادية. يضيف أن التسهيلات المراد اضافتها للسوق التجاري وهي سهولة الإفلاس تتعارض مع أحكام الإفلاس بالتدليس حيث تنص المادة 329 علي معاقبة الإفلاس بالتدليس ومن اشتركوا معه بالسجن لفترة تتراوح بين 3 و5 سنوات مؤكداً أن هذه التسهيلات من شأنها أن تزعزع الثقة في المعاملات التجارية والمصرفية وتزداد حالات النصب والاحتيال والإفلاس بالتدليس. 20 ألف جنيه لإمساك الدفاتر يشير سعيد حافظ إلي ثغرة أخري يستغلها هواة التسلل من ثغرات القوانين وهي أن قانون التجارة حدد التاجر الذي يفرض عليه إمساك الدفاتر ويطبق عليه أحكام الإفلاس بألا يقل رأسماله المدون بالسجل التجاري عن 20 ألف جنيه وهذا يتعارض مع رأس المال المستثمر للتاجر الذي يبلغ في كثير من الأحيان عشرات الملايين من الجنيهات وهذه الثغرة دفعت البعض من التجار إلي تخفيض رءوس أموالهم في السجلات التجارية حتي لا تطبق عليهم أحكام الإفلاس إضافة إلي التهرب من سداد الرسوم المستحقة علي حجم رأس المال المدون في السجل التجاري وفي هذا الصدد اكتشفت دوائر الإفلاس في المحاكم الابتدائية والاستئنافية مثل هذه المحاولات التسللية للهروب من الالتزامات الواقعة عليها بأن خفض هؤلاء المتسللون أموالهم لكن المحكمة رغم انخفاض أموالهم لم تتركهم يهربون بأموال البنوك والغير فحاصرتهم وأشهرت إفلاسهم قبل أن يخفوا هذه الأموال وتأكدت الدوائر القضائية التي تنظر مثل هذه الدعاوي إلي توسع استثمارات هؤلاء لتفوق الحد الأدني من رءوس أموالها المدونة في السجلات التجارية. فترة الريبة أو الشك يضيف مدحت أبو العلا مصفي قضائي ووكيل للدائنين للتفليسات أن العديد من التجار لجأوا في الفترة الأخيرة إلي توزيع أموالهم وممتلكاتهم علي أبنائهم وزوجاتهم وأقاربهم من الدرجة الأولي وسجلوها بأسمائهم بل إن بعضهم باع هذه الأصول المادية والعقارية والمنقولة إلي صبيانهم في المصانع وحرروا عليهم مستندات مضادة علي أن تجري هذه التعديلات والبيوع قبل فترة الريبة أو الشك التي حددها قانون التجارة حيث ألغي جميع التعاقدات التي يبرمها المفلس بعد هذه الفترة التي يحددها الحكم الصادر بشهر إفلاس التاجر. يوضح أن المفلس يتعمد إفلاس نفسه بالتدليس ثم يستخدم حقه الذي منحه له قانون التجارة بافتتاح مشروع آخر بأموال أولاده وزوجته أو صبيانه ظاهرياً أمام القانون حتي لا يستولي عليها لصالح التفليسة القديمة أما في الواقع فهي أمواله التي قام بتهريبها باسم أولاده وزوجته لكن القانون يقف عاجزاً عن إثبات ذلك ولا يجرؤ قدامي الدائنين علي الاقتراب من هذه الأموال بعدما يثبت بالتدليس والغش أنها خارج أموال التفليسة لذا يجب علي المشرع أن يصدر نصاً قانونياً يتأكد من خلاله أن أموال زوجته وأولاده هي نتاج ثمرة كفاحهم الشخصي وليست حصيلة عمليات تهريب من جانب هذا التاجر الغشاش.