دعنا ننتظر ما تسفر عنه مسرحية انتخابات العراق التي يرفع الستار عنها هذا الصباح قبل ان نستأنف الغوص بالسكين في عجين الوجود الامريكي بوادي الرافدين ونرصد وقع اقدام رجليه.. دعنا ننتظر بعض الوقت في استراحة محارب مع فنجان شاي! لن نبتعد كثيرا عن العراق.. سوف ننقل الاهتمام الي دبي.. الي مؤتمر خطير لانظمة النقل الذكية واثرها الساحر علي اقتصاد العالم.. والدروس المستفادة التي يمكن الاخذ بها في منطقة الشرق الاوسط لنقل اقتصاداتها الي نبض الزمن ومجتمع الوفرة! نجم المؤتمر أ.د.باهر عبد الحي مدير مركز انظمة النقل الذكية بجامعة تورونتو واحدة من اقدم جامعات كندا والعالم اسست سنة 1839.. استاذ مساعد بكلية الهندسة بها واستاذ الكرسي المسئول عن ابحاث الذكاء الصناعي في النقل والمواصلات في كندا جميعها! .. يدير د. باهر المركز العلمي الالكتروني الوحيد للذكاء الصناعي في جمهورية كندا للنقل والمواصلات والاتصالات.. تكلف انشاؤه بجهده الشخصي وبتمويل عام 7.5 مليون دولار.. حصل علي جائزة التميز هذا العام " awards Of excellence" من مؤسسة كندا للابتكار.. دكتوراه من جامعة كاليفورنيا وبكالوريوس هندسة من جامعة القاهرة وماجستير تحت اشراف د.عصام شرف وزير النقل المصري الراهن! .. افتتح المؤتمر د.علي عبد الفاتح مدير قسم انظمة النقل الذكية بشركة مايكل بيكر الامريكية قدم د.باهر عرضه العلمي والعملي الفذ.. اعقب ذلك ورشة عمل وصلت الي نتائج علمية وتطبيقية خطيرة.. ليس اقلها ان تطبيق انظمة النقل الذكية "ITS" في دبي ودول الخليج يمكن ان يعطي في الزمن القصير عائدا لا يقل عن عائد النفط ذاته! عائد السعر المحتمل يتدفق من تنعيم حركة عجلات التصدير والاستيراد وبصفة مؤكدة صادرات البترول.. وصادرات وواردات الحاويات "Containers" والتجارة الصب.. وضغط الرقم الاجمالي لغرامات التأخير لحركة الاسطول العالمي في الموانئ الخليجية لحد الصفر.. وكلها ثروة مالية يمكن استقطابها بانظمة الذكاء الصناعي واستثمارها في فتح شرايين الطرق والمواصلات لحركة الصادرات بانتظام مثل دفق الدم في عروق الانسان! قالوا: ان انظمة النقل الذكية روافع النمو والتطوير! وقالوا: بل انها شريان تشييد معمار الحضارة.. وقد قام النيل العظيم بهذا الدور التاريخي في صنع حضارة الفراعنة ام حضارات العالم القديم! .. لكن ماذا قال د.باهر عبد الحي في عرضه العلمي الساحر لأدوات انظمة النقل الذكية وتقنيتها المبتكرة.. تلك التي أسرت اهتمام الحضور واغلبهم من اساطين العلم وفقهاء التخصص؟! لا تنتظروا اختراع العجلة! ثمة تعريفات كثيرة لانظمة النقل الذكية ابسطها: انها تشمل شبكة عريضة من وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية تقوم بمهام نقل المعلومات، السيطرة والتوجيه، ونظام شامل من التقنيات الالكترونية.. يتم دمجها جميعا في نظام النقل وبنيته الاساسية وسيارات النقل والركوب.. وتقوم هذه التجهيزات التقنية برصد حركة المرور في الطرق وادارتها.. تقلل فرص الزحام والاختناقات المرورية.. تقدم الطرق البديلة للمسافرين.. تضمن سلامتهم.. تنقذ حياتهم، ووقتهم وترفع انتاجياتهم.. تستجيب للحدث وتتلافاه قبل وقوعه وتعالجه ان حدث فور وقوعه سواء كان الحدث من صنع الانسان او الطبيعة.. وهي بذلك تعزز حركة نقل الانسان والبضائع وترقي نمط الحياة ومعدل النمو الاقتصادي! وانظمة النقل الذكية سجل عمل جديد "clean slate" من المفضل الاخذ به دون انتظار "اعادة اختراع العجلة" مرة اخري! والممارسة تجيء قبل الحذق! والبحث يطور العلم ويحسن المنتج! ويقدم د.باهر لمحة موجزة عن المركز الذي أنشأه بجامعة تورونتو لانظمة النقل الذكية ويجسم امكانياته الالكترونية الفائقة بصور الفانوس السحري المضيئة.. والمركز هو الوحيد من نوعه في كندا وجامعاتها العديدة.. وينمي كوادر اكاديمية عظيمة في فن ال"ITS" تحمل درجتي الدكتوراه والماجستير.. ويؤكد د.باهر ان اهم مآثر مركزه العلمي انه منع هجرة علماء كندا الي الولاياتالمتحدة واوقف في هذا التخصص الدقيق نزيف العقول "brain drain" واحتفظت كندا بمواهبها العلمية الراقية "braingain"! ويتصل المركز بغرفة عمليات مرور مدينة تورونتو وبشبكة واسعة من عيون القط "eye cat" المدفونة في شوارع المدينة وغيرها من الاجهزة الالكترونية فائقة الحساسية.. تصب معلوماتها عن حركة المرور المدققة لحظيا في شبكة حاسبات المركز المكونة من 20 جهاز "كمبيوتر -محطة عمل" شيء اشبه بمركز "ناسا" في كيب كنيدي بفلوريدا! ويختتم د.باهر عبد الحي عرضه الشيق الذي شارك في اعداده رفيق دربه د.عامر شلبي المدرس بجامعة تورونتو يختتمه بتفكير بالتمني ان يتحقق ميلاد مثل هذا المركز في منطقة الشرق الاوسط ليرعي المواهب العربية في فلك انظمة النقل الذكية.. وهو فلك صناعي يحكم المستقبل والاستثمارات فيه بالمليارات.. والسبق اليه في منطقتنا العربية مفتوح للعدو.. قبل الصديق!! ........ د. باهر عبد الحي اسمه بالكامل: باهر عبد التواب عبد الحي.. لكنه اشتهر في أمريكا وكندا باسم العائلة.. رغم ان جده الشيخ عبد الحي كان ازهريا فقيها في اللغة العربية.. ولا يرطن مطلقا بالانجليزية! ... لا أقول إنه ابني.. وإنما: ابن مصر!