تبحث حاليا مجموعة من البنوك المصرية تأسيس شركتي تأمين تعاوني برأسمال قدره 500 مليون جنيه وتعملان طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية، من أبرز هذه البنوك المصرف العربي الدولي وبنك مصر إيران للتنمية، وكان بنك التمويل المصري السعودي قد أسس في وقت سابق أول شركة تأمين تكافلي يطلق عليها اسم بيت التمويل المصري السعودي. يأتي هذا التطور في الوقت الذي طالبت فيه رسالة دكتورا ة حديثة بافساح المجال أمام إنشاء شركات تأمين تعاوني في مصر تعمل وفق أحكام وقواعد الشريعة الإسلامية وتستخدم الأساليب الفنية التي تساعد في تلافي سلبيات شركات التأمين التجاري وعرفت الدراسة شركات التأمين التعاوني بأنها عبارة عن مؤسسات مالية تهدف إلي تقديم خدمات التأمين بأساليب تتفق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية وتعد نموذجا وسطا يجمع بين مزايا شركات التأمين التجاري وهيئة التأمين التبادلي ويتلافي سلبياتها. وأشارت الدراسة إلي أن شركات التأمين التعاوني تعد صورة حديثة من صور التكافل والتضامن بين أفراد المجتمع وتستمد نظامها من أحكام التكافل الاجتماعي في الإسلام. وتختلف هذه الشركات عن شركات التأمين التجارية من حيث طبيعة العلاقة بين الاطراف وملكية أموال التأمين والفائض وطبيعة عقد التأمين ومدي مشروعية النشاط ومن ثم تختلف معايير المحاسبة فيما بين هذه الشركات. واقترحت الدراسة عدة نماذج يجب تطبيقها لتكييف العلاقة بين شركات التأمين التعاوني والمشتركين وهي إما علاقة وكالة بأجر في إدارة النشاط التأميني أو مضاربة في إدارة النشاط الاستثماري كما أشارت الدراسة إلي الحاجة لوجود معايير محاسبية لضبط أنشطة شركات التأمين التعاوني وذلك بسبب المشكلات المحاسبية التي تواجه التطبيق العملي لهذه الشركات وحداثتها. ذكرت الدراسة عدة أسباب تبرر الحاجة لاصدار معايير محاسبية خاصة بشركات التأمين التعاوني أهمها: أ- أن معايير المحاسبة السائدة في أماكن عديدة صدرت متفقة مع بيئة البلد الذي صدرت فيها ولا شك أن المتطلبات الشرعية والطبيعة الخاصة لهذه الشركات تحتاج إلي معايير خاصة ليس لها ما يناظرها في المعايير المحاسبية الأخري. ب- وجود اختلافات جوهرية بين شركات التأمين التجاري وشركات التأمين التعاوني مما ينعكس علي المعالجات والسياسات المحاسبية ويؤكد حاجة الأخيرة إلي معايير محاسبية خاصة بها. ج- اختلاف المعلومات التي يحتاجها مستخدمو القوائم المالية في شركات التأمين التعاوني عن شركات التأمين التجاري. د- يوجد اختلاف في طرق العرض ودرجات الافصاح في القوائم المالية بين شركات التأمين التعاوني في بلد وآخر بل في نفس البلد وأحيانا من سنة لأخري في نفس الشركة. ه- أهمية تحديد العلاقة بين حملة الوثائق وحملة الاسهم وإدارة شركة التأمين وأثر ذلك علي تحديد حقوق والتزامات كل طرف، وعلي الوظائف المحاسبية. كما أن الجهود التي بذلت سواء في مجال اعداد معايير محاسبية للتأمين التجاري أو التأمين التعاوني يشوبها بعض القصور فيما يلي:- - أن المعايير المحاسبية المعدة لنشاط التأمين التجاري لا تتناسب مع طبيعة النشاط التأميني التعاوني وإن لم يكن هناك ما يمنع من الاستفادة منها فيما لا يختلف من أنشطة ومعالجات. - أن المعايير المحاسبية المعدة بمعرفة هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية لم تكتمل بعد وتحتاج للمزيد من الجهد والوقت، كما تحتاج أيضا إلي وضع بيان تمهيدي يوضح ماهية شركات التأمين التعاوني وخصائصها الجوهرية والفروق الأساسية بينها وبين شركات التأمين التجاري. وخطة متكاملة لمعايير محاسبية خاصة بنشاط التأمين التعاوني وكذا تحديد مدي ارتباطها بمعايير المحاسبة المالية للمؤسسات المالية الإسلامية الأخري. اقترحت الدراسة بعض المعايير الخاصة بمحاسبة أنشطة شركات التأمين التعاوني أهمها: 1- استكمال معايير المحاسبة التي بدأت في اصدارها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية والخاصة بشركات التأمين التعاوني، والتي صدر منها حتي تاريخ الانتهاء من هذه الدراسة أربعة معايير فقط وهي "معيار العرض والافصاح في شركات التأمين الإسلامية - معيار الفائض - معيار المخصصات والاحتياطيات - معيار الاشتراكات. 2- ضرورة أن يستند اعداد معايير محاسبية تضبط أنشطة شركات التأمين التعاوني علي بيانات للمفاهيم والأسس والمصطلحات الخاصة بالمحاسبة في هذه الشركة. 3- يجب أن يستند اعداد هذه المعايير علي معرفة دقيقة بطبيعة وخصائص هذه الشركات وطبيعة العلاقات بين الاطراف، حتي تصدر معايير محاسبية تساعد المحاسبة التطبيقية في تحقيق وظائفها وأغراضها في تحديد حقوق والتزامات كل طرف بدقة وبدون ظلم أو غبن. 4- تعد المعايير المحاسبية الصادرة جيدة ومناسبة كما تعد خطوة مهمة في سبيل ارساء القواعد المحاسبية لضبط نشاط هذه الشركات، وهي نتائج جهد بشري عرضة للصواب والخطأ، وبحاجة مستمرة للتطوير للأفضل. 5- يعتبر معيار العرض والافصاح العام الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية خطوة مهمة نحو توحيد طرق العرض والافصاح في شركات التأمين التعاوني ويؤدي أخذ المقترحات في الحسبان إلي زيادة كفاءة المعيار في تحقيق أهدافه. 6- تعد معايير المحاسبة الصادرة عن الهيئة والمتعلقة بالاشتراكات والمخصصات والاحتياطيات والفائض التأميني خطوة رائدة في ضبط المعالجات المحاسبية لهذه الأنشطة مما يزيد من كفاءة التأمين التعاوني وبخاصة إذا تم إجراء التعديلات المقترحة. 7- هناك أنشطة بحاجة لوضع معايير محاسبية لضبطها وهي أنشطة المطالبات واعادة التأمين والاستثمارات والتي تعد من أهم أنشطة شركات التأمين التعاوني، والتي تكثر بها المشكلات المحاسبية وتحتاج إلي وضع معيار خاص بكل منها بما يتطلب توفير الدراسات اللازمة لها، وتحديد المشكلات التطبيقية وذلك حتي نستطيع وضع المعالجات المحاسبية المناسبة لهذه الشركات بما يجعلها تنتج معلومات محاسبية تتمتع بالخصائص النوعية الجيدة. وفي دراسة ميدانية قام بها الباحث خلص إلي أن هناك حاجة لشركات التأمين التعاوني وسوق التأمين المصري يستوعب نشاطها كما توجد اختلافات جوهرية بين شركات التأمين التعاوني وشركات التأمين التجاري، هذه الاختلافات في الطبيعة والخصائص ترتب عليها اختلافات ذات أبعاد محاسبية. تتطلب ضرورة وضع معايير محاسبية خاصة بشركات التأمين التعاوني مشيرا إلي أن معايير المحاسبة المصرية التي صدرت وتخص شركات التأمين التجاري لا تناسب شركات التأمين التعاوني وليس هناك ما يمنع من الاستفادة منها ما لم تتضمن معالجات تصطدم بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية. كما أن معايير المحاسبة الصادرة عن هيئة المحاسبة الاسلامية غير شاملة وتحتاج للتطوير والاستكمال بما يجعلها تلائم البيئة المصرية.