شئنا أم أبينا.. تلعب العوامل السياسية دورها في العلاقات التجارية ولكن يبقي السؤال الرئيسي: إلي أي حد تعتمد أية دولة علي العلاقات السياسية في عقد الاتفاقات التجارية وفتح أسواقها الخارجية أمام صادراتها السلعية؟ تتباين آراء عدد من رجال الأعمال والمصدرين حول العلاقة بين السياسة والتجارة.. والحجم الذي تدار به هذه العلاقة في "الحالة المصرية"، وما يتبع ذلك من تساؤلات منها: إلي متي تظل تجارتنا الخارجية تلعب تحت عباءة السياسة.. وليس تعدد المنتج السلعي وجودته.. وهل من الصحيح أن نضع الاتفاقات قبل وجود المنتجات.. وما البداية الصحيحة "العربة أمام الحصان".. أم العكس؟! ونبدأ من نقطة لا نعارضها ونؤيدها وهي عقد اتفاق تجارة حرة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية.. وتسعي مصر بكل وسعها من أجل ذلك الاتفاق، وكما يتوقع الطرفان وبالتحديد في أعقاب الزيارة الأخيرة لروبرت زوليك نائب وزير الخارجية الأمريكي لمصر ان الاتفاق أصبح وشيكاً مع بداية 2006 يرجح الجانبان أن يتم التوصل إلي الصيغة النهائية لشكل الاتفاق، وذلك في حين تم تعليق الحديث عن هذا الاتفاق في فترات سابقة خلال الشد والجذب في العلاقات السياسية بين البلدين أو تأجيل الحديث عنها.. وهو ما دفع في اتجاه توقيع بروتوكول الكويز لضمان دخول البضائع المصرية المؤهلة التي تشمل 7.11% مكونا اسرائيليا للسوق الأمريكي بدون جمارك ولا يقتصر ذلك المؤشر علي العلاقات التجارية مع أمريكا للتعامل مع العلاقة الطردية بين العلاقات السياسية والعلاقات الاقتصادية.. فهناك العلاقات المصرية الصينية والمصرية العربية والمصرية الروسية والمصرية الإفريقية.. وبالنظر إلي الميزان التجاري مع هذه الدول والعلاقات السياسية يمكن التوصل إلي طبيعة هذه العلاقة! ومن جانبه يوضح عادل العزبي نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين أنه في الخمسينيات كانت تقوم بالتجارة الخارجية شركات القطاع العام من خلال اتفاقيات ثنائية بين مصر وعدد من الدول أغلبها من دول المعسكر الاشتراكي عن طريق الصفقات المتكافئة، ولم يكن هناك مجال سوي الخضوع لسياسة الدولة فيما ارتأت وقتها في ذلك الشأن.. ويضيف أنه مع بداية الانفتاح في السبعينيات وسياسة الباب المفتوح تم منح القطاع الخاص دوراً في الاستيراد والتصدير وكان من الطبيعي أن تظهر نماذج ترتبط بالاتفاقيات التي عقدتها الدولة وتجارب أخري جادة وناجحة اخترقت أسواقاً لم تكن تربطها اتفاقيات مع مصر وكان أبرزها في ذلك الوقت السوق الأمريكي والذي بدأ التصدير إليه في أوائل الثمانينيات من خلال مجهودات فردية خاصة في قطاع الملابس الجاهزة ثم المفروشات دون أن تربطنا بها اتفاقيات ثنائية وحتي الآن لا توجد اتفاقيات رغم الأرقام التي حققتها تجارتنا الخارجية معها إلا فيما يتعلق ببروتوكول الكويز الذي يمنح ميزة تنافسية لصادراتنا إلي السوق الأمريكي. ويلفت العزبي الانتباه إلي أنه من الطبيعي إذا صدر تشريع يضع قيوداً معينة علي علاقة مصر بدولة ما فليس أمام الاستيراد أو التصدير إلا أن يخضع لتلك الإجراءات. دور أساسي ويري يماني فلفلة رئيس الجانب المصري في مجلس الأعمال المصري المغربي ضرورة وجود تفاعل ايجابي بين السياسة والاقتصاد متمثلاً في التجارة الخارجية وليس مهماً هنا من يقود من؟! مؤكداً أنه لا يمكن أن تنجح تجارة خارجية لدولة ما إلا إذا حدث تعاون وثيق بين السياسة والاقتصاد. ويضرب فلفلة مثلاً علي التجارة الخارجية بين مصر ودول شمال إفريقيا موضحاً أن رجال الأعمال كان لهم السبق في فتح هذه الأسواق وأقنعوا الحكومة بأهميتها وبعد أن كانت تجارتنا مع هذه الدول صفراً أصبحت تزيد علي 300 مليون دولار، كما يوضح في المقابل أن السياسة لها دور بارز خلال المرحلة القادمة لمضاعفة هذا الرقم، فلا يمكن أن تطالبنا القيادة السياسية بتنمية التجارة مع تونس وهي مازالت تشترط دخولي إليها بتأشيرة مسبقة..فلا أحد يملك حق إلغاء هذا الشرط إلا القيادة السياسية في البلدين. ويشير إلي أن للسياسة دور آخر بخلاف العلاقات الدولية للنهوض بالميزان التجاري مع أية دولة حيث يمكنها أن تراعي إنشاء صناديق دعم للمصدرين لاقتحام الأسواق غير التقليدية مطالباً بأهمية عقد لقاءات دورية بين منظمات الأعمال والقيادة السياسية للدعم وتخطيط التجارة الخارجية بمزيد من الوضوح والشفافية.