مصطفى الفقي: وجود معارضة قوية في البرلمان القادم سيكون العامل الأهم لإنجاحه    انتخابات مجلس نواب 2025، الحصر العددي في لجنة مدرسة القباب الكبرى بدكرنس بالدقهلية    الخلافات تخرج إلى العلن، زامير يشكو لنتنياهو "ظلم" وزير الدفاع يسرائيل كاتس    ترتيب دوري أبطال أوروبا.. تشيلسي يقترب من المربع الذهبي وبرشلونة ال15    مؤمن سليمان: فارق الإمكانات سبب فوز الهلال ضد الشرطة فى دورى الأبطال    الرئيس الفلسطينى: غزة جزء لا يتجزأ من فلسطين    السعودية: شراكتنا مع الولايات المتحدة استراتيجية على كافة الأصعدة    ترامب: لم يتبق سوى نقاط خلاف قليلة بشأن خطة أوكرانيا    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بيان رسمي.. الاتحاد السكندري: لم ننسحب من نهائي مرتبط السلة    اللجنة العامة بالجمالية تبدأ استلام محاضر فرز أصوات الناخبين    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بحدائق أكتوبر    ب8 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع تدوير القطن والأقمشة بالقليوبية| صور    القبض على 3 متهمين بسرقة مصوغات ذهبية من شقة في الطالبية    ضبط مدير مبيعات وطالب جامعي يديران مركزًا طبيًا غير مرخص في بولاق الدكرور    مصرع طفل دهسه قطار أثناء عبوره شريط السكة الحديد بالعياط    الأمن يفحص منشور بتحرش سائق بطفلة بمدرسة خاصة في التجمع    محمد صبحي: لدي رقيب داخلي.. وأبحث أولاً عن الرسالة في أي عمل فني    محمد صبحي يكشف عن طفولته وطموحه وتجربته مع الوسواس القهري    في ملتقى الأقصر الدولي للتصوير| الألماني «بهايدن» عاشق العزف والرسم.. والجوافة!    مروى جوهر «مؤلفة الرواية المخيفة»: استلهمت «القربان» من الجريمة البشعة!    الفقي: نجاح البرلمان لن يتحقق إلا بوجود معارضة قوية ورجل الأعمال لا يصلح للسياسة    بمشاركة مرموش.. السيتي يخسر على ملعبه أمام ليفركوزن في دوري الأبطال    كريم الدبيس: أي حد أفضل من كولر بالنسبالى.. وجالى عرضين رسميين للاحتراف    الشناوى وعبد القادر وجرديشار.. أبرز 7 غيابات للأهلي أمام الجيش الملكى    مصرع طفل 15 سنة في تصادم دراجة وسيارة نقل خلال حفل زفاف غرب الأقصر    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الخميس والسبت فى دور ال32 بكأس مصر    رئيس البرازيل السابق جايير بولسونارو يبدأ تنفيذ حكم بالسجن 27 عاما بتهمة التخطيط لانقلاب    بعد تصنيف بعض فروع الإخوان كمنظمات إرهابية.. الفقي: ترامب يبعث برسالة غير مباشرة لحماس    جامعة المنيا: اعتماد استراتيجية الابتكار والأمن السيبراني    افتتاح الدورة الثانية من مهرجان الفيوم الدولى لأفلام البيئة بحضور نجوم الفن    لجنة السيدة زينب تعلن محاضر فرز اللجان الفرعية للمرشحين بانتخابات النواب    بالصور.. جنات تُشعل افتتاح مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي بأغنية "وحشتينا"    محمد صبحي عن مرضه: التشخيص كشف عن وجود فيروس في المخ    المستشار حازم بدوي: العملية الانتخابية جرت في مناخ حقيقي من الديمقراطية    إطلاق مشروع الطريق الأخضر لعالم أكثر أمانًا بقنا بتعاون بين الإنجيلية والبيئة و"GIZ"    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    محافظ الإسماعيلية يتفقد المقار الانتخابية بمدرستيِّ الشهيد جواد حسني الابتدائية وفاطمة الزهراء الإعدادية    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    ما حكم عمل عَضَّامة فى التربة ونقل رفات الموتى إليها؟ أمين الفتوى يجيب    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    «النقل» تكشف حقيقة نزع ملكيات لتنفيذ مشروع امتداد الخط الأول لمترو الأنفاق    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    إقبال كثيف على لجان شبين القناطر في اليوم الثاني لانتخابات النواب    مواجهة نارية في دوري أبطال أوروبا.. برشلونة وتشيلسي لايف    وزير الصحة: مصر وتركيا شريكان استراتيجيان في بناء أمن صحي إقليمي قائم على التصنيع والتكامل    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    بالصور.. الطوابير تزين لجان انتخابات مجلس النواب في بورسعيد    قمة آسيوية نارية.. الهلال يلتقي الشرطة العراقي والبث المباشر هنا    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    إزالة 327 حالة تعدٍ على نهر النيل في 3 محافظات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الازدواجية الأمريكية‏..‏ ومنظمة التجارة العالمية
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 03 - 2010

جاء الاعلان عن تأجيل المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية الذي كان مقررا انعقاده في جنيف خلال شهر مارس الحالي‏,‏ ليلقي المزيد من الاضواء علي التعثر الذي تشهده جولة الدوحة. للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف علي مدي يقرب من قرن من الزمان‏,‏ حيث انطلقت في عام‏2001,‏ نتيجة السياسات المتعنتة من جانب الكبار وتحديدا من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي‏,‏ إزاء مطالب الصغار من دول الجنوب والدول النامية فيما يتعلق بالسياسات الزراعية بصفة أساسية وفتح اسواق الدول المتقدمة امام صادرات الدول النامية‏.‏
ومن المفارقات في هذا الصدد‏,‏ ان يتواكب الاعلان عن هذا التأجيل مع التحذيرات التي وجهها باسكال لامي مدير عام منظمة التجارة العالمية‏,‏ نتيجة انكماش حجم هذه التجارة بنسبة‏12‏ في المائة خلال عام‏2009,‏ وذلك للمرة الأولي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية‏,‏ وإن كانت ارقام البنك الدولي اكثر تشاؤما حيث اشارت إلي انخفاض حجم التجارة العالمية بنسبة‏14.4%‏ خلال العام الماضي‏(2009)‏ مقارنة بما قبله‏(2008).‏
وإذا كان هذا الانكماش في التجارة العالمية من أبرز النتائج المترتبة علي الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بدول العالم خاصة الصناعية المتقدمة‏,‏ إلا أنه من المؤكد أن تعثر جولة الدوحة للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف‏,‏ يعود بجذوره إلي ما يقرب من عشرة اعوام للوراء‏,‏ كما انه سيناريو معاد للمفاوضات التجارية السابقة مثال جولتي اورجواي وطوكيو وإن كانت حساسيتها قد تزايدت والعقبات التي تواجهها قد تراكمت‏.‏
‏*‏ وأبرز مثال في هذا الصدد هو موقف الولايات المتحدة الأمريكية من مفهوم حرية التجارة العالمية‏,‏ كيف يتحقق وما هي الشروط الواجب توفيرها؟‏,‏ حيث أدت التغيرات علي ساحة التجارة العالمية وتباين الأدوار التي يقوم بها اللاعبون الأساسيون‏,‏ إلي إحداث خلخلة في المفهوم الأمريكي لهذه الحرية‏,‏ وإن بدت الاعلانات الرسمية والتصريحات مؤيدة ومدعمة لحرية التجارة ومنظمتها العالمية التي كانت واشنطن أبرز الداعين اليها من خلال سياسة العصا والجزرة‏.‏ لقد تجاوزت الصادرات الصينية نظيرتها الألمانية مسجلة رقم‏1.2‏ ألف مليار دولار في عام‏2009,‏ نتيجة انكماش الطلب من جانب الولايات المتحدة والدول الصناعية الأخري علي الصادرات الألمانية‏,‏ بينما عمدت الصين إلي التركيز علي السوق الآسيوية بخاصة اليابانية لتعويض انكماش الانفاق والطلب الاستهلاكي في الولايات المتحدة الأمريكية‏.‏ يضاف إلي ذلك زيادة الواردات الصينية من الخارج من‏10%‏ إلي‏12%‏ خلال عامي‏2008‏ و‏2009‏ فتكون بكين بذلك من أبرز القوي المؤثرة علي جانبي الصادرات والواردات في التجارة العالمية‏,‏ وقد ترجم ذلك في تراكم أرقام عجز الميزان التجاري الأمريكي ليسجل‏517‏ مليار دولار في نهاية العام الماضي‏,‏ مقابل فائض لألمانيا‏191‏ مليار دولار وذات الوضع بالنسبة للصين التي سجلت فائضا بلغ‏173‏ مليار دولار‏,‏ خلال ذات الفترة‏.‏
‏*‏ وفي ظل هذه المؤشرات بالإضافة إلي تبادل مقعد الرئاسة في البيت الأبيض‏,‏ وتبعات الأزمة المالية والاقتصادية الأمريكية الصنع والعالمية الانتشار‏.‏ جاءت رؤية الحزب الديمقراطي والرئيس باراك اوباما ذات دلالات متضاربة بالنسبة للمفهوم الأمريكي لحرية التجارة العالمية‏,‏ وإن كانت تلتقي مع مفهوم الحزب الجمهوري والرئيس الأسبق جورج بوش الذي يستند إلي ضرورة فتح المزيد من الأسواق الخارجية امام الصادرات الأمريكية من خلال الاتفاقيات التجارية الثنائية والاقليمية بالدرجة الأولي ولو كان ذلك علي حساب منظمة التجارة العالمية‏,‏ التي تشهد مفاوضاتها في جولة الدوحة سلسلة من العقبات وتعنت المواقف من جانب الدول الصناعية المتقدمة‏.‏
‏*‏ فقد أفرزت الأزمة العالمية‏,‏ شعار اشتري امريكا لتشجيع الاستهلاك المحلي للمنتج الوطني‏,‏ وهو الشعار الذي رفعه الرئيس باراك أوباما خلالها‏.‏ كما انها أدت إلي مزيد من التركيز علي أهمية التجارة الخارجية في تحريك عجلة الاقتصاد الأمريكي‏,‏ وخلق المزيد من فرص العمل‏,‏ فكان الاعلان عن أسبوع التجارة العالمية خلال الفترة‏17‏ 23‏ مايو‏2009.‏
وقد استند الرئيس أوباما في ذلك إلي أن الصادرات تشكل نسبة‏13%‏ من النشاط الاقتصادي للولايات المتحدة‏,‏ وأن أهميتها تتزايد في الأوقات الاقتصادية العصيبة‏.‏ إلا أن عنصر المفارقة يكمن في تضارب هذه الاجراءات مع مفهوم حرية التجارة العالمية‏,‏ حيث حمل الشعار الأول ظلال السياسة الحمائية للمنتجات الوطنية‏,‏ اما الاعلان الثاني فقد ارتبط بالمفهوم الأمريكي لهذه الحرية والذي ترجم في فشل سلسلة الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية التي شهدتها منظمة التجارة العالمية خلال العام الماضي‏,‏ حيث كان التركيز علي اهمية فتح الأسواق الخارجية امام الصادرات الأمريكية مع استمرار سياسة دعم المزارعين والمنتجات الزراعية‏.‏ وكذلك صغار رجال الأعمال لزيادة صادراتهم‏.‏ ولا تبدو هذه الاجراءات الأمريكية ولاذاك التعثر في المفاوضات التجارية متعددة الأطراف‏,‏ بمثابة مفاجأة غير سارة للعالم‏,‏ ولكنها نتيجة متوقعة لتوجهات الحزب الديمقراطي وما سبق واعلنته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون خلال معركة الرئاسة الأمريكية في عام‏2007,‏ حيث شنت هجوما علي اتفاقيات التجارة ومفاوضات الدوحة لإغفالها معايير الحفاظ علي البيئة وحقوق العمالة‏,‏ بينما تسعي إلي اختراق السوق الأمريكية نظرا لارتفاع معدلات الاستهلاك وانخفاض معدلات الادخار‏!!‏
‏*‏ كما لا يبدو الوضع افضل حالا‏,‏ في ظل تولي الحزب الجمهوري للحكم في الولايات المتحدة‏,‏ فقد عمد إلي رفع شعار حرية التجارة‏,‏ ولكن من خلال التوسع في الاتفاقيات التجارية الثنائية والاقليمية‏,‏ بل إن عدد هذه الاتفاقيات تزايد في فترة ما بعد انشاء منظمة التجارة العالمية في يناير‏1995,‏ مقارنة بما كان قائما قبلها‏(12‏ اتفاقية قبلها‏,15‏ اتفاقية بعدها‏).‏
فمن الحقائق الواجبة التوضيح الاشارة إلي أن اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل‏,‏ وقعت في عام‏1985‏ في ظل رئاسة رونالد ريجان‏,‏ لتكون الأولي في سلسلة اتفاقيات مناطق التجارة الحرة التي وقعتها الولايات المتحدة مع اطراف ثنائية واقليمية منذ ذلك التاريخ‏.‏
بلغ عدد اتفاقيات المناطق التجارية الحرة‏,‏ سبع عشرة اتفاقية ابتداء من إسرائيل وحتي كوستاريكا‏,‏ مرورا باستراليا ومجموعة دول أمريكا الوسطي والدومنيكان وكوستاريكا الخ‏.‏ وقد شارك في جميع هذه الاتفاقيات‏(‏ سواء طبقا لقانون التجارة لعام‏1974‏ المعدل بالقانون الصادر عام‏2002)‏ ممثلون لقطاع الأعمال الخاص والجماعات ذات المصالح بالتجارة الخارجية الأمريكية‏,‏ سواء خلال أو في فترة ما بعد التفاوض حولها‏.‏ ولكن ما هي الاسباب التي دفعت واشنطن إلي توقيع هذه الاتفاقيات‏.‏ إلي جانب الدخول في مفاوضات متعلقة باتفاقيات مماثلة‏,‏ بينما منظمة التجارة العالمية قائمة؟ الاجابة تكمن من وجهة النظر الأمريكية في فتح المزيد من الأسواق الخارجية وتوسيع فرص العمالة ورجال الأعمال الأمريكيين علي حد سواء‏.‏ ناهيك عن فتح قطاع الخدمات في الدول الموقعة امام المنافسة الأمريكية‏,‏ وتحقيق المزيد من الحماية لحقوق الملكية الفكرية ومعايير البيئة‏,‏ وبما يتجاوز العقبات التي تواجه المحادثات التجارية متعددة الأطراف‏.‏ كما أن الاعتبارات الخاصة والمعايير المحددة من جانب واشنطن تلعب دورها في دفع عجلة المفاوضات الخاصة بمناطق التجارة الحرة‏,‏ وقد ادرج تقرير صادرات عن الحكومة الأمريكية في نهاية عام‏2007‏ تلك المعايير في ست نقاط رئيسية‏:‏ تقدمتها‏,‏ درجة استعداد الدولة المعنية للدخول في منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ وبمعني اكثر تحديدا قوة العلاقات الاستراتيجية ثم درجة الاصلاح في هذه الدول‏.‏
وتأتي المصالح الاقتصادية والتجارية المتحققة في الدرجة التالية‏,‏ ومدي توافقها مع إستراتيجية تحرير التجارة بصفة عامة‏.‏ وبعد‏,‏ إذا كانت هذه الاعتبارات والمعايير جديرة بالدراسة والتحليل‏.‏ فإن الأمر المؤكد‏,‏ هو ان التوسع الأمريكي في توقيع اتفاقية انشاء مناطق التجارة الحرة‏,‏ غطي نسبة قدرت ب‏46%‏ من اجمالي تجارتها الخارجية علي مدي الفترة منذ عام‏1985‏ حتي الآن‏.‏ وهذا هو المكسب الفعلي الذي حققته واشنطن علي حساب منظمة التجارة العالمية‏,‏ ولا عزاء لشعار تحرير التجارة العالمية وتكافؤ الفرص التصديرية‏.‏

المزيد من مقالات نزيرة الأفندي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.