وسط علامات تشير الي أن التجارة العالمية بدأت تتعافي من أكبر انكماش منذ الكساد الكبير تجاءت اجتماعات منظمة التجارة العالمية التي عقدت مؤخرا في مدينة جنيف بسويسرا وهي أول اجتماعات للدول الأعضاء علي المستوي الوزاري منذ 4 أعوام وكانت تهدف لمراجعة أداء المنظمة التي تضم 153 دولة ورغم عدم ادراج مفاوضات تحرير التجارة العالمية علي جدول أعمال الاجتماع الذي استمر ثلاثة أيام في جنيف، فإن قضية جولة مفاوضات الدوحة المتجمدة لعبت دورا رئيسيا علي أجندة الاجتماعات وكذلك في المناقشات غير الرسمية في أعقاب دعوة وجهها زعماء العالم من أجل التوصل الي اتفاق بشأن القضية بحلول نهاية عام2010 خاصة ان الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية تمثل حوالي 95% من اجمالي التجارة العالمية. اما المباحثات واللقاءات الثنائية واجتماعات التكتلات النوعية والإقليمية (الدول النامية والمجموعة الإفريقية ومجموعة العشرين) فقد اكتسبت أهمية خاصة فاقت أهمية جلسات العمل الخاصة بالاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية ، فقد انسحبت الأضواء عن جلسات العمل الرسمية لتركز علي المباحثات والاجتماعات في أروقة الفنادق المحيطة بمقر الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة في جنيف خاصة بعد انخفاض توقعات المشاركين عن خروج أية مبادرة جديدة لحل المشكلات للقائمة المتعلقة بإنهاء جولة الدوحة بعد إعلان الممثل التجاري الأمريكي رون كيرك أن بلاده لن تقدم أية تنازلات في هذه الفترة لإنهاء جولة الدوحة عام 2010 ونظرا للطبيعة غير التفاوضية للمؤتمر فقد اكتفي رؤساء الوفود بإلقاء بيانات في الجلسة العامة للمؤتمر حول سبل تطوير دور منظمة التجارة العالمية للقيام بدور أكثر تأثيرا لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية ومنع تكرارها. ومن جانبه، عقد المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري ورئيس وفد مصر ونائب رئيس المؤتمر مباحثات ثنائية، وبدأ نشاط الوفد المصري بعقد اجتماع رسمي لوزراء تجارة إتفاقية أغادير التي تضم مصر والأردن والمغرب وتونس ، وتناول خطة عمل لتنشيط الاتفاقية في المرحلة المقبلة وزيادة فاعليتها في الاستفادة من إنشاء مشروعات مشتركة بين الدول الأعضاء للتصدير للسوق الأوروبية بدون جمارك وزيادة اندماج اقتصادات هذه الدول فيما بينها من ناحية ومع الاتحاد الأوروبي من ناحية أخري، وتم في نهاية الاجتماع توقيع بروتوكول يتم بمقتضاه الاعتراف المتبادل لشهادات المطابقة والمنشأ بين الدول الأربع مما يؤدي إلي تيسير التجارة وزيادة الاستثمارات المشتركة بين دول اتفاقية أغادير ، كما عقد المهندس رشيد مباحثات ثنائية مع كل من وزير الاقتصاد والصناعة الهندي ووزير التجارة الخارجية التركي ووزير التجارة والصناعة السنغافوري وتناولت هذه المباحثات سبل التنسيق المشترك للضغط علي الدول المتقدمة للالتزام بإنهاء جولة الدوحة للتنمية في 2010 وفقا لرؤية الدول النامية إلي جانب آفاق زيادة التجارة والاستثمار مع هذه الدول . و شارك العراق في المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في جنيف، ساعيا لخوض جولة ثالثة من المباحثات مع المنظمة للحصول علي عضويتها الكاملة. واوضحت وكالة انباء (شينخوا) الصينية ان وزير التجارة الصيني تشن ده مينج دعا المؤتمر الي ارسال اشارة ايجابية للعالم للمساعدة في تحقيق استقرار وتحسين الاقتصاد العالمي الذي ضربته الازمة. وقال تشن علينا ان نرسل اشارة ايجابية لبقية العالم، اشارة للانفتاح، والتقدم، والاصلاح واضاف "ان الاقتصاد العالمي يظهر الآن علامات علي الاستقراروالتحسن، ولكن أساس التحول ليس متينا ومازال طريق التعافي الكامل طويلا، ومتعرجا". وأكد أهمية انفتاح التجارة، ومقاومة ضغوط الحمائية لتحقيق التعافي العالمي. وقال انه "طالما تمكن اعضاء منظمة التجارة العالمية من التوصل الي توافق يدعم التزاماتهم في منظمة التجارة العالمية، وعدم تبني اجراءات حمائية، وان يظلوا منفتحين، فاننا سنستطيع تجميع قوة هائلة للتغلب علي الازمة". كما أكد الوزير الحاجة الي دفع مفاوضات التجارة العالمية بجولة الدوحة التي طال امدها قدما، كسبيل لاصلاح وتعزيز نظام التجارة متعدد الأطراف. جدير بالذكر انه عقب ثماني سنوات من اطلاقها بهدف مبدئي هو مساعدة الدول الفقيرة علي الازدهار من خلال انفتاح التجارة، مازالت جولة الدوحة المعقدة لم تصل الي هدفها نتيجة عدم استطاعة الاعضاء في المنظمة تضييق الفجوات فيما بينها في قضايا رئيسية مثل التعريفة الزراعية، والدعم، والوصول الي الاسواق الصناعية. وبعد تخلف متعدد عن الموعد المحدد، حدد اعضاء منظمة التجارة العالمية مهلة اخيرة لاختتام الجولة في عام 2010. من ناحيته حذر باسال لامي مدير منظمة التجارة العالمية من ان الوقت ينفد أمام أمنية التوصل الي اتفاق لتحرير التجارة العالمية وأكد أن الوزراء المشاركين في الاجتماعات يواجهون الآن "لحظة الحقيقة" وعليهم اتخاذ قرار بشأن التوصل الي اتفاق تحرير التجارة خلال الموعد المحدد.واعترف بأنه مازالت هناك مفاوضات شاقة قبل الوصول الي نهاية ناجحة لجولة مفاوضات الدوحة .في الوقت نفسه شدد الوزراء المشاركون في الاجتماعات بالفعل علي أهمية الدور الذي تلعبه التجارة في مساعدة اقتصاد العالم للخروج من دائرة الركود وأصدرت الدول النامية بيانا دعت فيه وزراء المنظمة الي اتخاذ "تحرك عاجل" من أجل المضي قدما في جولة محادثات الدوحة.وقال البيان ان هناك حاجة "ملحة لترجمة البيانات السياسية الي اتفاق ملموس حتي يمكن تحقيق الهدف المشترك وهو اتمام جولة الدوحة عام 2010.