تشهد الفترة القادمة زيارات سورية مكثفة لمصر خصوصا خلال شهر أكتوبر القادم وسط احتفالات البلدين بذكري نصر أكتوبر1973. فهذه الفترة ستشهد تنظيم وعقد وإقامة عدد من الفعاليات المشتركة تشمل معارض للمنتجات السورية في مصر, واجتماع الدورة القادمة للجنة المشتركة بالإسكندرية خلال شهر أكتوبر, وانضمام وزيري الزراعة في البلدين إلي الاجتماعات لبحث سرعة إزالة العقبات الفنية, والإجراءات المعطلة لتسهيل دخول الصادرات الزراعية إلي أسواق البلدين. وتشهد الفترة المقبلة اجتماع مجلس رجال الأعمال المصري السوري, واجتماعات لجان فنية, وأخري للشروع في مفاوضات إنشاء اتحاد جمركي كنواة للاتحاد الجمركي العربي, وزيارات وفود تجارية واستثمارية لمصر.. وأخري لرؤساء شركات القطاع الخاص وأصحابها, فضلا عن قيام رشيد بزيارة لدمشق خلال النصف الثاني من سبتمبر لرئاسة الجانب المصري في اجتماعات اللجنة الصناعية المشتركة مع نظيره السوري, وذلك في ثالث زيارة له لسوريا خلال العام الحالي. لا يخلو هذا الحضور الاقتصادي والتجاري من دلالات سياسية, مفاده أن العرب عندما كانوا يختلفون تقطع العلاقات بمختلف أشكالها, وعلي كل المستويات, لكن الفكر السياسي العربي تطور ولو بشكل محدود حتي الآن وباتت العلاقات السياسية والاختلاف حول التعامل مع قضايا سياسية دولية أو إقليمية لا يشكل حائلا أمام استمرار تطور العلاقات وتقدمها في المجالات الأخري, بل إن القيادتين السياسيتين للبلدين الرئيس حسني مبارك والرئيس بشار الأسد يشجعان حكومتيهما علي المضي قدما في هذا الطريق, حرصا علي مصالح الشعبين الشقيقين. ويتجلي ذلك في تأكيد رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة أن زياراته لسوريا والعمل علي تطوير والعلاقات الثنائية يتم بتوجيهات الرئيس مبارك تأكيدا علي الرغبة الصادقة في المضي في هذا الاتجاه, وضرورة الفصل بين العلاقات السياسية العلاقات الاقتصادية والتجارية حرصا علي مصالح الشعبين, بل أنه لفت إلي أنه علي المدي الطويل فإن رجال الأعمال والقطاع الخاص والمستثمرين يستطيعون فرض حقائق سياسية علي الأرض, ويضرب رشيد مثلا بالتجربة الأوروبية بوصفها خير نموذج ومثال. الرئيس السوري من جانبه أيضا, أعطي توجيهات لحكومته بالمضي إلي أبعد مدي في العلاقات, والتعاون مع مصر في كل المجالات لا سيما الاقتصادي والتجاري, ومن دون حدود, والعمل علي إزالة أي معوقات, والفصل بين العلاقات السياسية والعلاقات التجارية والاقتصادية حرصا علي مصالح الشعبين, وربما ذلك كان وراء قول وزيرة الاقتصاد والتجارة السورية لمياء عاصي أن هناك استثمارات سورية كبيرة في مصر خلال الفترة القادمة لم تفصح عنها. وتقول لمياء عاصي: إن العلاقات السورية المصرية علاقات تاريخية لها خصوصية, تختلف عن أي علاقة بين أي بلدين عربيين. ولأسباب تاريخية واجتماعية.. بل ولأسباب سياسية, أيضا يعتبر السوريون العلاقة مع مصر ملفا شعبيا.. بصرف النظر عن أي خلافات. ويتجلي نجاح إدارة القيادتين السياسيتين في البلدين للعلاقات, واعتماد الفصل بين الملف السياسي ومصالح الشعبين في القفزة التي تحققت علي المستوي الاقتصادي والتجاري في السنوات الخمس الماضية. فقد زادت الصادرات المصرية لسوريا بنسبة300% من عام2004 إلي عام2009, كما زادت الصادرات السورية لمصر بنسبة700% خلال نفس الفترة, ومن ثم زاد حجم التبادل التجاري إلي مليار ونصف المليار دولار, ومن المتوقع زيادته في ضوء الجهود المبذولة من البلدين إلي ثلاثة مليارات دولار خلال عامين. فقد وافق الجانب السوري علي دخول الأدوية المصرية وفتح خمسة فروع لبنك مصر في سوريا, ووافق الجانبان علي انشاء خط ملاحي ثان بين ميناءي طرطوس والإسكندرية وانشاء شركة مشتركة للنقل البحري, وبدء مفاوضات إنشاء اتحاد جمركي وتعديل اتفاقية تشجيع الاستثمارات المتبادلة, وتشجيع القطاع الخاص في البلدين علي تقديم صادرات لمشاريع تنموية, وتأسيس شركة مشتركة للاستشارات الهندسية, وأخري في مجال التسويق, وفتح خط ساخن بين الحكومتين لحل أي مشكلات تعترض تنفيذ أهداف القيادتين السياسيتين. أجواء العلاقات المصرية السورية ايجابية حتي لو اقتصر ذلك علي المجالين الاقتصادي والتجاري حتي الآن, فبالنهاية المصالح تهذب السياسة.. وتسمح للأشقاء بالجلوس لإدارة حوار هاديء.