من الأمور التي يحرص عليها صانع السياسة النقدية والمالية في مصر وجود فجوة بين أسعار الفائدة المستحقة علي الودائع بالجنيه ونظيرتها المستحقة علي العملات الاجنبية وتحديدا الدولار. وكلما زادت الفجوة أطمأن صانع السياسة النقدية الي ان السوق المصري بعيدة عن مظاهر الدولرة وان المودعين لا يفكرون في التحول من الجنيه إلي الدولار. واذا نظرنا للفارق الحالي فانه يتراوح ما بين 6 و7% كما يقول هشام رامز العضو المنتدب للبنك المصري الخليجي، والرئيس الحالي للجمعية المصرية للمتداولين في الاسواق المالية، اذ يبلغ السعر علي الشهادات الادخارية التي تصدرها البنوك ما بين 15 و11% سنويا، في حين يقل السعر علي الدولار عن 4%. وعلي الرغم من اتجاه بعض البنوك وهيئة البريد لاصدار شهادات ادخارية بأسعار فائدة قد تزيد علي 4% سنويا، ووجود تخوفات من هذا الاتجاه إلا أن رامز يقلل بشدة من هذه التخوفات ويبني رأيه علي عدة معطيات هي: - ان مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) ربما لن يقدم علي اجراء رفع جديد لأسعار الفائدة علي الدولار، لأسباب عدة علي رأسها كارثة كاترينا التي قد تزيد خسائرها علي 125 مليار دولار وكذا وجود توقعات بهدوء أسعار البترول. - استقرار سوق الصرف المحلي منذ فترة مع اختفاء الضغوط علي الدولار وساعد علي ذلك توافر موارد ضخمة من النقد الاجنبي وهبوط سعر الدولار أمام الجنيه خلال الفترة الماضية. - اختفاء المضاربات والضغوط النفسية التي كان يتعرض لها سوق الصرف، وكذا اختفاء السوق السوداء للعملة وهو أمور ايجابية تدعم الاستقرار الحالي. - تشير الأرقام الأخيرة إلي تراجع ظاهرة الدولرة داخل السوق فبعد ان كان المودعون يفضلون حيازة الدولار لتحقيق أرباح رأسمالية سريعة بسبب المضاربات وارتفاع السعر، باتوا الآن يفضلون حيازة الجنيه للحصول علي سعر فائدة أعلي. - تشير الأرقام الحديثة أيضا إلي أن مصادر مصر من النقد الأجنبي شهدت زيادة ملحوظة، وعلي سبيل المثال فإن الاحتياطيات الدولية زادت علي 6.20 مليار دولار، كما زادت موارد مصر من السياحة والصادرات والبترول وتحويلات المصريين العاملين بالخارج. - مع انتعاش البورصة وسوق الأوراق المالية والاستثمار المباشر فانه من المتوقع زيادة الاستثمارات الاجنبية المتدفقة لمصر، وهذا بالطبع سيساعد في توفير مصادر جديدة للنقد الأجنبي، كل هذه عوامل تدفع إلي استبعاد عودة الدولرة للسوق كما يؤكد هشام رامز، كما ان هناك نقطة أخري تتعلق بتحركات أسعار الفائدة في السوق، فكل التوقعات تشير إلي أن حركة الخفض المرتقبة التي بدأت بوادرها الاسبوع الماضي لن تكون عنيفة، بل ستكون تدريجية بواقع ربع أو نصف نقطة كل فترة، وهو ما يدعم الاستقرار الحالي في السوق. ويدعم البنك المركزي هذه السياسة الهادئة - كما يقول هشام رامز - من خلال الخفض التدريجي لسعر الايداع والاقراض لليلة واحدة أو ما يطلق عليه "الكوريدور" حيث تم الخميس قبل الماضي خفض السعر بنسبة تتراوح بين نصف نقطة ونقطة واحدة. وهذا الخفض سينعكس علي أسعار الودائع قصيرة الأجل، وهو ما حدث بالفعل الاسبوع الماضي، حيث خفضت معظم البنوك الأسعار علي الأوعية قصيرة الأجل.