مدير باحد البنوك المتخصصة لقد صدر قانون الضرائب الجديد وتضمن -بلا شك- العديد من الاصلاحات التي طال انتظارها ولسنا بصدد تناول المزايا التي تضمنها القانون ولكننا بصدد تناول موقع البنوك ومركزها في قانون الضرائب الجديد ولاسيما موضوع المخصصات حيث اعفي القانون 80% من قيمته المخصصات التي تكونها البنوك لمواجهة خسائرها المؤكدة او شبه المؤكدة لفشلها في تحصيل هذه الديون المتعثرة ولاشك ان اعفاء القانون لنسبة 80% من المخصصات بالرغم من مطالبة البنوك باعفائها بالكامل يعد في حد ذاته اعترافا تشريعيا بشرعية تكوين هذه المخصصات التي تعد في جوهرها خسائر مؤكدة الحدوث او التحقق ولم يكن مثل هذا الاعتراف التشريعي قائما من قبل في جميع قوانين الضرائب التي كانت سارية قبل صدور القانون الجديد ربما لعدم تفاقم الديون المتعثرة في الجهاز المصرفي في العقود السابقة مقارنة بكبر حجمها الآن بالاضافة الي ان السلطات الرقابية النقدية ممثلة في البنك المركزي المصري تضع قواعد آمره وصارمة لتكوين المخصصات ومدي كفايتها لمقابلة مخاطر عدم سداد المديونيات المتعثرة وذلك وفقا لاحكام قانون البنوك الموحد ولائحته التنفيذية. ولكن اعفاء نسبة من المخصصات (80%) وخضوع نسبة منها (20%) للضرائب امر يعتريه عدم الموضوعية الي حد كبير جدا او بلغة مصلحة الضرائب يعتمد علي التقدير الجزافي الذي افقد الثقة لعهود طويلة بين الممولين وبين مصلحة الضرائب كما ان اعفاء نسبة من المخصصات وخضوع نسبة اخري للضرائب امر تشوبه شبهه عدم الدستورية الي حد ما لان تحديد نسبة الاعفاء ونسبة الخضوع لا يستند الي تشخيص دقيق لطبيعة الوعاء حيث ان خضوع نسبة من المخصص للضرائب يعتبر في حكم الايراد واعفاء نسبة اخري منه يعتبر في حكم المصروف؟ فما طبيعة هذه المخصصات علي وجه الدقة؟ هل مصروف أم ايراد؟ ان المخصص يعتبر عبئا علي الربح ويحمل عليه بينما يعتبر الاحتياطي توزيعا للربح بعد الوصول اليه (احتسابه) وذلك وفقا للقواعد والمبادئ المحاسبية السليمة وبشرط ان يكون المخصص مكونا لمواجهة التزامات مستقبلية تجاه الغير وليس بغرض مقابلة متطلبات داخلية كمخصص مكافآت التقاعد علي سبيل المثال ففي هذه الحالة يتحول الي احتياطي وغني عن البيان ان احتساب مثل هذه المخصصات في البنوك تحكمه قواعد آمرة ومانعة لا تمكن اي بنك من تكوين مخصصات اكثر او اقل مما يجب لذلك فان تكوين المخصصات الكافية لمواجهة مخاطر عدم السداد المؤكدة امر حتمي ليعكس المركز المالي والحساب الختامي السليم الذي عبر بدقة عن نتائج أعمال البنك بالاضافة الي زوال عصر الارباح الدفترية في البنوك في ظل معايير ومتطلبات دولية تكاد تهدر قاعدة الاستحقاق وتعمل قاعدة التحصيل كأساس لاستحقاق للايرادات في البنوك والمؤسسات المالية. وفي ظل تفاقم الديون المتعثرة في الجهاز المصرفي قد تكون نسبة الضرائب المدفوعة علي ال20% من المخصصات الخاضعة للضرائب اكبر من قيمة الارباح الفعلية التي يحققها البنك وربما تحقق بعض البنوك خسائر فعلية وتدفع ضرائب علي 20% من المخصصات فتكون بذلك رابحة ضريبيا وخاسرة فعليا وعمليا ولسنا ضد حصول الضرائب علي حقوقها باي حال ولكن لا يكون ذلك بتغيير طبيعة العمليات بمسميات جبائية لذلك نري ان يكون خضوع المخصصات التي تكونها البنوك لمقابلة المخاطر المؤكدة لعدم سداد الديون المتعثرة في الاحوال الآتية: * خضوع ما يخص ديون الفئة المنتظمة فقط من هذه المخصصات للضرائب بمعني ان تدرج ضمن الوعاء الضريبي للبنك حيث تقوم البنوك بتكوين مخصصات تعادل 1% من قيمة القروض والتسهيلات المنتظمة او الجيدة ويسمي بالتحوط الاضافي ويدرج ضمن عناصر القاعدة الرأسمالية للبنك والحكمة من خضوع التحوط الاضافي للضرائب انه يكون لمواجهة خسائر احتمالية او غير مؤكدة الحدوث عن ديون او قروض جيدة او منتظمة. * خضوع المخصصات التي سبق تكوينها وانتفي الغرض منها بقيام العملاء السابق تكوين هذه المخصصات لمقابلة ديونهم بسداد مديونياتهم للبنوك وهذا يحدث كثيرا في الواقع العملي سواء كليا او جزئيا بالنسبة للعميل الواحد والحكمة من خضوع هذه المخصصات التي انتفي الغرض منها بالسداد، يرجع الي كونها حملت علي ارباح سنوات سابقة دون ان يتحقق الخطر التي كونت من اجله في السنة الضريبية الحالية حيث يحكم تكوين المخصصات في البنوك مجموعة من القواعد منها انها تحتسب بنسب معينة عن ديون بعينها وليس علي الشيوع ويتعين علي الطرائب مراجعة حركة المخصص الذي ينتفي الغرض من تكوينه بسداد المديونية المكون لمواجهتها سواء كان سدادا نقديا او عينيا يخضع للضريبة ويدخل ضمن الوعاء الضريبي للبنك في السنة الضريبية التي قد اكتمل او تم خلالها السداد. وكنا نأمل ان يتناول قانون الضرائب موضوع المخصصات بدون نسب حكمية لا تعكس الواقع ونطالب بالتعديل قبل أن يجف مداده ولكن هذا واقع الحال ونخشي ان تشهد السنوات القادمة صراعا آخر بين البنوك والضرائب حول الفوائد المهمشة والتي لم يتعرض لها قانون الضرائب كفاية المخصصات!! وأخيرا وبرغم بعض الانتقادات لقانون الضرائب الا انه خطوة كبيرة علي طريق الاصلاح الاقتصادي ولكن ما نرجوه نظرة للبنوك لدعم مراكزها وهي في مرحلة تحول دقيقة وحساسة للغاية وغني عن البيان ان جميع المعاملات المصرفية خاضعة لرسوم وتمغة منها النسبية وغير النسبية فالبنوك مصدر جيد ومحترم وممول جيد للضرائب من الطراز الأول واذا كانت الضرائب تسعي لزيادة الحصيلة الضريبية فان انماط الاستهلاك الطرفي كثيرة ومتعددة ومتصاعدة في المجتمع ويجب ان تكون ممولا جيدا ومتجددا للضرائب علي سبيل المثال المحمول ورناته الذي ملأ الدنيا ضجيجا بنغماته فاولي للضرائب ان تأخذ كثيرا من جنيهاته وتترك للبنك مخصصاته.