تسيطر البنوك العامة علي ما يزيد علي 55% من حجم الاعمال في السوق المصرفي وعلي نحو 70% من عدد عملاء البنوك في مصر وهي بذلك تستحوذ علي النسبة الاكبر من التعاملات لدرجة تقترب من الاحتكار فما السبب في ذلك؟ وما الفارق بين عميل البنك الخاص وعملاء البنوك العامة وما الدوافع التي جعلت السواد الأعظم من المجتمع يتعامل مع البنوك العامة؟ وهل من الممكن ان يتغير ذلك الوضع مستقبلا؟ محمود الطنب مساعد مدير عام بالمصرف العربي الدولي يؤكد انه لا توجد اختلافات واضحة بين عملاء البنوك العامة والخاصة مشيرا الي ان البنوك العامة بدأت تطور من ادائها وتحقق تميزا في تقديم الخدمة المصرفية ينافس البنوك الخاصة. وقال الطنب: من خلال تجربتي في العمل لفترة طويلة بالبنك الاهلي استطيع ان اقول بان البنوك العامة تخدم فئة عريضة من العملاء وتقدم خدمات لا تستطيع ان تقدمها البنوك الخاصة مثل التعامل مع الجهات الحكومية وصرف المعاشات وغيرها لكنه مع ذلك اشار الي ضرورة ان يلقي اصحاب المعاشات معاملة خاصة بحيث يتمكنون من الحصول علي الخدمة في سهولة ويسر دون التعرض للزحام او الوقوف في طابور. ويطالب الطنب بوجود وحدة خاصة لخدمة العملاء ارباب المعاش علي غرار ما يحدث في دول اخري مشيرا الي انه يجب ان تلقي هذه الفئة التقدير اللازم علي ما قدموه خلال فترة عملهم. سامح صلاح مدير الادارة المصرفية باحد البنوك الخاصة يشير الي ان عنصر الوقت هو المقياس الاهم في التفضيل بين البنوك فعميل البنك الخاص يرغب في الحصول علي الخدمة المصرفية في اسرع وقت ممكن دون الانتظار طويلا او التزاحم في طوابير لذلك فهو يتحمل تكلفة اعلي نسبيا مقابل الحصول علي خدمة ميسرة ومميزة. وحول انتقاء البنوك الخاصة لشريحة معينة من العلماء وهم العملاء الكبار او اصحاب الدخل المرتفع مقارنة بعملاء البنوك العامة قال صلاح: ان البنوك الاستثمارية تستهدف كل شرائح الدخل بدليل توسع البنوك الخاصة في خدمات التجزئة والقروض الشخصية مع الحفاظ علي مستوي الخدمة المرتفع مستندا في ذلك الي ان التطوير المستمر التي تنتهي البنوك الخاصة يخفف من الضغط او كثافة العملاء التي تكتسبها نتيجة التوسع في هذه الخدمات. ويعترف صلاح بان البنوك العامة بدأت تطور من نفسها وتدخل نظم الميكنة الحديثة لكنه قال ان عدد الوحدات المصرفية وقاعدة عملاء تلك البنوك مازالت اكبر من ذلك التطور او ربما يكون مظهر الموظف احد الاسباب التي تحدد توعية العميل كما يقول مجدي الشاهد مدير اول ادارة الاستعلام ببنك التمويل المصري السعودي حيث يري ان العميل لا يختلف من بنك لآخر ولكن طريقة التعامل هي التي تتغير فبعض البنوك العامة لا يوجد بها التزام كامل بالمظهر العام للموظف ومن الممكن ان يتخلي عن رابطة العنق او يكون مظهره غير متناسق بالشكل الكافي. اما في البنوك الخاصة فان الموظف يلتزم بكل مفردات "الشياكة" ولا يستطيع ان يخرج عنها مع الالتزام الكامل باسلوب التعامل الراقي مع العميل. ويشير الشاهد الي ان حجم عملاء البنوك العامة كبير جدا ويضم فئات وشرائح مختلفة ومن بينهم عملاء كبار يفضلون التعامل مع تلك البنوك بالاضافة الي التعاملات الحكومية والشركات والهيئات العامة واصحاب المعاشات وغيرهم معتبرا ان ذلك يؤثر علي شكل واسلوب الخدمة المقدمة بهذه البنوك. ويمضي الشاهد قائلا ان عدد فروع البنوك العامة كبير وبالتالي فان عملية التطوير بها تكون صعبة ومكلفة وتتم علي مراحل بعكس البنوك الخاصة ذات الفروع المحدودة في الاماكن المميزة. ويري ان العمولات والمصارف ليست سببا في اتجاه العملاء للبنوك العامة وقال ان البنوك الخاصة لا تحصل علي عمولات اكبر من البنوك العامة مشيرا الي ان النظرة الي العمولة تختلف باختلاف حجم العميل وما يحققه البنك من ورائه من ارباح ولكنه يري ان عملاء المعاشات والهيئات الحكومية هي التي تشكل الضغط الاكبر علي البنوك العامة خاصة وان العملاء من بينهم اميون. ويفرق محمود شريف نائب مدير باحد البنوك الخاصة بين عملاء البنوك الخاصة والعامة في مجموعة من الاتجاهات التي تتمثل في رغبة عميل البنك الخاص في الحصول علي الخدمة بشكل ميسر وكذلك الاحساس بالخصوصية في التعامل بعكس عميل البنك العام الذي لا يهتم كثيرا بالحصول علي الخدمة المصرفية كما ينبغي وكذا من الممكن ان يجد وقتا كافيا ليقف في طابور البنك معتقدا انه يحصل علي خدمة ارخص. ويمضي شريف قائلا: البنوك الخاصة غالبا ما تجذب كبار العملاء الذين لا يهتمون كثيرا بقيمة العمولة التي يحصل عليها البنك بقدر اهتمامهم بمستوي الخدمة المقدمة. أما عملاء البنوك العامة فاكثرهم من صغار العملاء وعملاء التوفير وشهادات الاستثمار وهم غالبا لا يقدرون كثيرا قيمة الوقت!! ورغم تأكيده علي ان عملاء البنوك العامة من صغار العملاء الا انه لا ينكر في الوقت نفسه وجود عملاء كبار لدي البنوك العامة لكنه يري ان انتشار البنوك العامة وكثرة عدد وحداتها المصرفية اثرت في زيادة عدد العملاء من الشرائح المختلفة. ويبدو ان التطوير وادخال الميكنة في البنوك العامة غير من النظرة لمستوي العميل وحجم تعاملاته مع البنك كما كان من قبل حسب قول سمير راغب المراقب ومسئول خدمة العملاء ببنك الاسكندرية حيث يري ان فكرة العميل "حيلته كام" لم تعد بالاهمية بعد تطور العمل المصرفي الذي اختصر المسافات وسهل علي الموظف والعميل الكثير من الاجراءات التي كانت من قبل فاصبح يتعامل الاف العملاء من خلال ماكينات المصارف ودون ان يتوجه لبنك يستطيع ان يجري جميع العمليات المصرفية. اشار راغب الي ان ذلك التطور اتاح للبنوك التوسع في خدمات التجزئة والاستفادة من جميع شرائح العملاء دون النظر الي حجم تعاملات العميل. ويبرر التزاحم داخل البنوك العامة لوجود فئات كبيرة من العملاء الاميين الذين لا يمكنهم التعامل مع ماكينات الصارف الآلي بالاضافة الي انتشار البنوك العامة داخل القري والاقاليم واصبح الكثير من فئات المجتمع تطمئن للتعامل مع البنك الحكومي. ويعترف ناصر خليفة مدير الحسابات ببنك مصر الدولي بسيطرة البنوك العامة علي شرائح العملاء المختلفة ولكنه يرجع ذلك الي الموروث الثقافي لدي الشعب المصري الذي يثق في القطاع الحكومي. ويري ان هذه الثقافة هي التي اوجدت فارقا بين عملاء البنوك العامة التي تمثل كل فئات المجتمع باختلافهم واتجاهاتهم بينما يقتصر تعامل البنوك الخاصة علي شرائح محددة تتمثل في بعض كبار العملاء ورجال الاعمال وفئة قليلة من العملاء الصغار الذين يرغبون في الحصول علي خدمة مميزة. ويمضي خليفة قائلا: وانعكس ذلك علي شكل البنك بحيث تري عميل البنك الخاص يجلس في صالة البنك في هدوء يستمع الي موسيقي ويحصل علي الخدمة المصرفية بيسر بينما تجد صالات البنوك العامة في تزاحم شديد ومن الممكن ان تقف في طابور البنك لاكثر من ساعة او تأخذ اليوم بالكامل. ويشير الي ان البنوك العامة بدأت تطور نفسها بشكل كبير في الفترة الاخيرة مما سينعكس علي العملاء وعلي العمل داخل هذه البنوك.